إمارة صغيرة جدا حتى في معاركها.. لماذا تخوض قطر صراعاتها بالكذب والتدليس؟

الخميس، 05 يوليو 2018 05:00 م
إمارة صغيرة جدا حتى في معاركها.. لماذا تخوض قطر صراعاتها بالكذب والتدليس؟
تميم بن حمد أمير قطر
حازم حسين - وكالات

 

لسنوات طويلة كانت قطر تتحايل على ضآلتها الجغرافية والسياسية باللعب من وراء الستار، واتخاذ مواقف في السر مغايرة لما تتخذه في العلن، هكذا ادعت دعمها للجيران، بينما كانت تدعم أعداءهم ومستهدفي مصالحهم.

في وقت سابق اكتشفت سوريا أن إمارة قطر متورطة في دعم بعض الميليشيات الإرهابية النشطة في الأراضي السورية، قبلها تأكد دعم الدوحة لتنظيم داعش وميليشيات العراق، من وراء ستار التفاوض لتحرير عدد من الصيادين القطريين الذين جرى أسرهم في المياه الإقليمية للعراق، ودفع أموال الدعم في صيغة فدية لتحرير رهائنها.

عقب سقوط النظام الليبي في العام 2011، اكتشفت المملكة العربية السعودية أن أمير قطر السابق تآمر عليها، ونسّق مع الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي لاغتيال خادم الحرمين الشريفين السابق، الملك عبد الله بن عبد العزيز، وهو الاتفاق الذي فضحته مكالمات هاتفية مسجلة، لم تنف قطر صحتها بالمناسبة.

يوما بعد يوم تكشّفت خيوط جديدة في نسيج المؤامرة القطرية على المنطقة، وتتابعت المواقف الفاضحة لممارسات نظام الحكم في قطر، سواء من خلال المنصات السياسية الرسمية، أو المنصات الإعلامية المملوكة لمؤسسة قطر للإعلام كالجزيرة والعربي وغيرها، أو المدعومة منها كقنوات الإخوان، الشرق ومكملين، وصولا إلى فضيحة تصريحات تميم بن حمد ووكالة أنباء "قنا" الرسمية.

في أواخر مايو من العام الماضي نشرت وكالة الأنباء القطرية الرسمية تصريحات منسوبة لأمير الدولة تميم بن حمد، ادّعى فيها أن هناك حالة عداء غير مبررة تجاه إيران، ووجه انتقادات مبطّنة للدول العربية، كما أعلن دعمه المباشر للنظام الإيراني، ومع تفجر أزمة بسبب هذه التصريحات قررت الوكالة حذفها، وأشاعت قطر كذبتها الساذجة بشأن القرصنة واختراق موقع الوكالة وحساباتها على مواقع التواصل.

الكذبة القطرية لم تنسجم مع الممارسات العملية، فخلال الأيام التالية لهذه الأزمة التقى تميم بن حمد الرئيس الإيراني حسن روحاني، واستقبل وفدا من الحرس الثوري الإيراني في العاصمة الدوحة، ووقع اتفاقات تعاون عسكري مع طهران، وإقامة وحدة عسكرية لها على الأراضي القطرية، في تأكيد عملي التصريحات التي حاول التبرؤ منها سابقا.

في ضوء هذه المراوغات، والآثار السلبية المنعكسة على عدد من الدول العربية، اجتمع الرباعي (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) وقرر اتخاذ موقف جاد ومُعلن من ممارسات قطر، وأعلنت دول الرباعي حزمة من القرارات والإجراءات فيما يخص ضوابط التعامل مع الإمارة الصغيرة، والقواعد الواجب على مواطنيها الالتزام بها.

رغم هذا الوضوح المعلن من جانب الرباعي العربي، حاولت قطر ترويج شائعات بشأن قرارات الرباعي العربي، بشكل يضعها في صورة المظلوم الذي يعاني آثارا ضاغطة جرّاء قرارات جائرة، بينما هي قرارات عادية ومن صميم السيادة وحقوق الدول الأربعة، وبدءا من هذه المحطة يبدو أن قطر اعتمدت الشائعات والأكاذيب كآلية لخوض الصراع غير المتكافئ مع الرباعي العربي، وسبب عدم التكافؤ لا يعود لأنها دولة في مواجهة أربع دول، لكن سببه المباشر أنها دولة كاذبة وداعمة للإرهاب في مواجهة أدلة دامغة على تورطها في ملفات شائنة وممارسات فاضحة في استهداف جوارها العربي.

مسيرة الشائعات القطرية الممتدة منذ يونيو 2017 طالت أمورا عديدة، اقتصادية وسياسية وإنسانية واجتماعية، بدأتها الإمارة بالحديث عن معاناة مواطنيها في الحركة، ثم نقص الغذاء، ثم المعاناة الطبية، ثم تشتت العائلات الموزعة بين دول المنطقة، والقيود الضاغطة على خطوطها الجوية، وملفات حقوق الإنسان، وغيرها من العناوين التي ثبت لاحقا أنه وُظّفت في إطار دعائي موجّه، وأن أيًّا من هذه الأحاديث لا صحة لها، وليست أكثر من أداة حرب رديئة لجأت لها الإمارة الصغيرة.

آخر هذه الشائعات المصنوعة بطريقة رديئة، ما تحدثت عنه قطر فيما يخص أوضاع القطريين وسياسات دولة الإمارات العربية المتحدة تجاههم، إذ ادعت الإمارة أن "أبو ظبي" اتخذت إجراءات وتدابير إدارية لإبعاد القطريين عن أراضيها، وهو ما نفته دولة الإمارات بمعلومات وتفاصيل واضحة.

بحسب بيان نشرته وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية "وام"، فقد نفت الإمارات اتخاذ أي تدابير قانونية أو إدارية لإبعاد القطريين عن أراضيها منذ قرارها في 5 يونيو 2017 بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة ضمن مظلة الرباعي العربي، وأيضا لم تتخذ أي إجراءات بشأن إبعادهم عن أراضيها عقب انتهاء المهلة التي حددها القرار بـ14 يوما.

البيان الصادر عن وزارة الخارجية والتعاون الدولي أكد أيضا أن قرارات الخامس من يونيو اشترطت حصول القطريين المقيمين خارج الدولة على تصريح مسبق بالدخول، متابعة: "مواطنو قطر المقيمين في الإمارات بالفعل ليسوا في حاجة لاستخراج مثل هذا التصريح حتى تستمر إقامتهم بالإمارات، لكن يُنصح المقيمون في الدولة ممن يخططون للسفر إلى الخارج، بالحصول على تصريح مسبق بالعودة، وتُطلب كل التصاريح عن طريق الخط الساخن المعلن عنه في 11 يونيو 2017 وهو 009718002626".

الإمارات عبرت عن أسفها من استمرار إمارة قطر في قلب الحقائق وتزييف سياسات "أبو ظبي"، مؤكدة في الوقت نفسه استمرار التدابير المتخذة ضد الدوحة، في إطار الجهود العربية لمواجهة تهديدات الإمارة لأمن المنطقة العربية والسلامة الإقليمية ومصالح استقرار الشعب الإماراتي، ودعت في بيانها النظام القطري لاحترام التزامات الدولية، والكف عن دعم الإرهاب أو التدخل في شؤون دول الجوار، أو توفير منابر إعلامية ودعائية للمتطرفين والمستهدفين للأمن القومي العربي.

المؤكد أن البيان الإماراتي لن يُوقف الممارسات القطرية، ففي الوقت الذي يضيق فيه الخناق حول عنق الدوحة، سواء مع تراجع الميليشيات المدعومة من جانبها في سوريا والعراق واليمن وليبيا، أو نجاح في مصر في السيطرة على مدّ التنظيمات الإسلامية الموالية للدوحة، أو إحكام الحصار حول النظام الإيراني والاستعداد لجولة جديدة من العقوبات الأمريكية القاسية ضد طهران، بشكل قد يدفعها للتقوقع أو الانحسار إقليميا، وبالتبعية الضغط على الحليف القطري بشكل يقلل من قدرته على المناورة أو الصمود في وجه الموقف العربي الموحد.

لن تتوقف الشائعات القطرية بالتأكيد، لكن مستويات تدفقها وحدود آثارها ستتراجع كثيرا، مع تراجع الدعم وحالة الحماية التي كانت تستشعرها بفضل الظهير الإيراني الآخذ في التراجع، ما يُعني أن هذه الطريقة الساذجة في خوض المعارك والصراعات لن تصبح ذات جدوى، وربما تجد قطر نفسها مضطرة للتخلي عنها قريبا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة