الهجرة واللجوء يقلقان أوربا.. والحلول لاتزال غائبة

الأحد، 08 يوليو 2018 09:00 ص
الهجرة واللجوء يقلقان أوربا.. والحلول لاتزال غائبة
يوسف أيوب يكتب:

لا تزال الهجرة تمثل الهاجس الذى يقلق منام الأوربيين، ولديهم كل الحق فى ذلك، لأن ما عانته بعض البلدان الأوربية من عمليات إرهابية كانت بسبب الهجرة غير المنظمة، التى كانت تتدخل فيها أطراف أقليمية ودولية لحماية جماعات معينة، وإدخالها إلى أوربا بأوراق "مزورة"، لتكون بمثابة ذراع لهذه الأطراف لتنفيذ ما تطلبه منها فى أوقات معينة، وربما المتابع للمشهد الحالى فى ألمانيا سيجد نفسه أمام وضع سياسى خطير، لأن أختلاف فلسفة الهجرة ما بين قادة الإئتلاف الحاكم كادت أن تتسبب فى أنهياره.
 
فبعد خلاف استمر أسابيع حول سياسة اللجوء والهجرة، خرج وزير الداخلية الألمانى ورئيس الحزب المسيحى الاجتماعى البافارى، هورست زيهوفر، ليحذر المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وشركاء الائتلاف الحاكم من إحباط خططه بشأن تشديد سياسة اللجوء، وقال أن "الرهان على عدم إبرام اتفاقات ثنائية (مع دول فى الاتحاد الأوروبى بشأن اللجوء) لن يكون استراتيجية جيدة"، مضيفا أنه يتعين رفض اللاجئين المسجلين فى دول أوروبية أخرى من عند الحدود فى حالة عدم إبرام هذه الاتفاقيات.
  
ومن المعروف أن إئتلاف التحالف المسيحى، الذى يضم الحزب المسيحى الديمقراطى بزعامة ميركل والحزب المسيحى الاجتماعى البافارى بزعامة زيهوفر، شهد أنقساماً شديداً الأيام الماضية، بسبب سياسات الهجرة واللجوء، وأعلن زيهوفر أستقالته، قبل أنم تجلس معه ميركل، ويعلنا الخميس الماضى توصلهما لاتفاق بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية وتشديد سياسة اللجوء، حيث تعتزم ألمانيا إبرام اتفاقات مع إيطاليا وإسبانيا والمجر ودول أخرى بالاتحاد الأوروبى بشأن تحقيق استعادة سريعة طالبى اللجوء المسجلين فى دول أخرى بالاتحاد، والذين لا تتحمل ألمانيا مسئوليتهم وفقا لما يسمى بنظام دبلن.
 
هذا ما حدث فى ألمانيا، وهو أمر بالتأكيد مرتبط بما شهدته الدولة الأوربية القوية من عمليات إرهابية، كان المتهم الرئيسى فيها هم لاجئين، أو مهاجرين غير شرعيين، وقد نرى أن هذا الجدل السياسى ينتقل إلى دولاً أخرى، وأن كان أقل حدة مما كان ولازال عليه فى ألمانيا، لأن سياسة ميركل بشأن طالبى اللجوء تواجه رفضاً وتحفظاً من قطاع كبير داخل ألمانيا، حتى جارتها النمسا، بدت هى الأخرى رافضة لإستراتيجية ميركل، وهو ما نستشفه من تصريحات المستشار النمساوى زباستيان كورتس الذى قال الجمعه الماضية إنه يثق فى تعهد وزير الداخلية الألمانى هورست زيهوفر بأن ألمانيا لن تعيد لاجئين إلى النمسا، طالما أن هؤلاء اللاجئين لا تختص النمسا بهم، مؤكداً أيضاً أن النمسا غير مستعدة "لإبرام معاهدات على حساب بلدنا". 
 
وقد يكون من المفيد هنا أن نستدعى ما قاله كورتس الخميس الماضى، بأن النمسا عازمة بالتعاون مع ألمانيا وايطاليا إغلاق طرق البحر المتوسط التى يسلكها اللاجئون، فهذا التصريح يضعنا فى حقيقة الموقف الحالى فى أوربا، وهو أنهم لازالوا يبحثون عن الحلول، وللأن لم يتم التوصل إلى حل جذرى، فخلال قمة الاتحاد الأوروبى الأخيرة قرر رؤساء الدول والحكومات حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبى من الهجرة غير القانونية، وأنصب الحديث تحديداً على الحدود البحرية بين إيطاليا وليبيا، وهو ما أرتبط بما أعلنته الحكومة الايطالية قبل شهر تقريباً بأنها منعت دخول سفن الإنقاذ الخاصة إلى الموانئ الإيطالية، وأنها اتفقت مع ليبيا بأن تتولى حكومة الوحدة مجدداً المسؤولية عن عمليات الإنقاذ فى المياه الإقليمية، وهو الأتفاق الذى قامت بناء عليه ليبيا بإلإبلاغ "منظمة البحار الدولية"، أنها قادرة على تنفيذ جميع الشروط لتولى عمليات الإنقاذ البحرية.
 
وتلى ذلك قول وزيرة الدفاع الإيطالية إليزابيتا ترينتا أن "خفر السواحل الليبيون يتحملون الآن المسئولية، لقد تم تدريبها من قبل شرطتنا لخفر السواحل، وهى تملك الآن القدرات لفعل ذلك"، ويضاف إلى ذلك أن أيطاليا وضعت مؤخراً 12 سفينة إضافية رهن التصرف، كما قام الاتحاد الأوروبى بتمويل تدريب خفر السواحل وسينفق عبر سنوات نحو 280 مليون يورو فى بناء القوى الليبية، كما قالت أيطاليا أنها ساعدت ليبيا على إستيفاء الشروط التى تم تحديدها فى اتفاقية "لمنظمة البحار الدولية" لعام 1979، بشأن مناطق الإنقاذ التابعة لمختلف البلدان المطلة على البحر، وأهمها إقامة مركز قيادة يعمل 24 ساعة، ويعتمد الانجليزية كلغة، فقد قامت ليبيا بإقامة هذا المركز بالقرب من طرابلس، وهى منشأة مؤقتة، ومن المتوقع بناء مركز قيادة حديث حتى 2020، وهذا المشروع يحمل اسم Aurora ويموله الاتحاد الأوروبى، وهدفه كما قالت ايطاليا أن تعيد شرطة خفر السواحل الليبية المهاجرين الذين يتم إنقاذهم إلى ليبيا لكى لا يصلوا إلى إيطاليا أو دول أخرى فى الاتحاد الأوروبى.
 
كل الوارد لنا من أوربا يشير إلى أنهم لازالوا يتعاملون بالمنطق الأمنى، دون النظر إلى أسباب المشكلة، والعمل على حلها، فهم يعلمون أن ليبيا هى مصدر رئيسى للهجرة غير الشرعية، لكنهم فى المقابل يصمون أذانهم عن المشاركة فى الحلول السياسية، مكتفين بالبحث عما يحمى حدودهم فقط، وقد يلجئون فى أطار البحث عن حمايتهم، إلى تقوية طرف على حساب طرف أخرى فى الداخل الليبيى، وهو ما يعمق من الأزمة والوضع الداخلى، مقلما يحدث الأن، فهم يركزون على حكومة "طرابلس" غير الشرعية.
 
نفس الأمر ينطبق على الوضع فى سوريا، ودولاً أخرى، تضعها أوربا كمصدر رئيسى للهجرة غير الشرعية وطالبى اللجوء، ورغم إدراكهم لأين يكمن الحل، لكنهم لا يريدون الأتجاه مباشرة وإنما يريدون أن يستمروا فى سياسة " اللف والدوران"
 
 

 

تعليقات (1)
السبب الحقيقي
بواسطة: Shereen
بتاريخ: الأحد، 08 يوليو 2018 06:01 م

السبب الحقيقي في أنهم لا يبحثون عن حل للمشكلة أنهم في الأساس من صنعوا المشكلة وهم من تكاتفوا على خراب الدول العربية من أجل مصالح يعلمها الجميع لذا هم فقط يبحثون عن تأمين حدودهم وشعوبهم أما باقي العالم فيشعلون نيرانه التي لابد ان يأتي اليوم الذي يكتوون بها

اضف تعليق