خليك كايزن

السبت، 14 يوليو 2018 08:54 ص
خليك كايزن
د.هبه العدوى تكتب:

لم أشعر يوما بالغيرة، وطالما تسألت نفسى عن السر فى ذلك، بالتأكيد لى صفاتٍ سيئة لا أدعى أبدا ملائكية وأنا فى زى بشرى ممتلئ بما يفلح معه المرء إن زكاه أو ما يهوى به فى أسفل سافلين إن دساه ..

 

كما إننى أتعجب دوما ممن يدعى أنه يعرف شخصا جيدا وهو لم يره منذ عشرين عاما، فالحقيقة الوحيدة فى الحياة هى التغيير سلبا أو إيجابا، حتى إن لم تكن تدرك ذلك بعقلك الواعى، فيوما وراء يوم تغيرك الحياة كرد فعل لأحداثها، أو بإدراك واعٍ منك تتغير كفعل فتصبح يوما وراء يوم شخصا افضل مما كنت عليه البارحة .. تلك هى الحياة .

 

أنا أعيش تلك الحقيقة خاصة فى العشر سنوات الأخيرة لى، ألمس فيها سعادة الإنجاز ومتعة الوصول للهدف شيئا فشيئا وبخطوات بسيطة لكن مستمرة.

 

***

تلك إحدى مبادئ الفسلفة اليابانية المسماه (كايزن )، ينقسم المفهوم لجزئين (كاى ) وتعنى التغيير،   و( زن ) وتعنى للأفضل، أى القيام بتغييرات بسيطة لكن (مستمرة )، وأهم ما فى فلسفة الكايزن التى أبتكرها اليابانى (تاييشى أوهانو ) بعد الحرب العالمية الثانية لإصلاح اليابان، أن تبقى متمسكا بكل (مكسب صغير وإنجاز بسيط ) تصل له، وبالتالى بعد مرور فترة من الزمن ستجد نفسك وصلت الفعل لتحسن كبير فى شخصيتك أو فى إداراتك لعملك أو شركتك أو غيره.

 

كايزن يمكن أن نصفها بالعملية المستمرة التى لا تتوقف أبدا إلا بفناء الشخص أو بفناء المؤسسة بظروف خارجة عنها، كأن يقوم زلزال يقلبها رأسا على عقب .

 

***

 

عشر مباديء لفلسفة الكايزن :

 

المبدأ الاول، تمسّك لآخر نفس لك بالتحسن والتطوير المستمر ، وعلى صعيد الشخصية فيما تخصصت فيه، فأنت كإنسان عبارة عن روح وقلب وعقل وجسد، تمسك بتطويرهم المتزن الرباعى، وضع خطة عبارة عن خطوة واحدة مستمرة تجاه تطوير الأربع جوانب، ولهذا الحديث حديث .

المبدأ الثانى، اسأل دائما (لماذا ؟ ) ليه كذا آه وليه لأ، وتخلص فورا من أى عادة قديمة أو أسلوب إدارة عتيق لحياتك أو لعملك، ولا تدع موروثاتك السابقة تقتل قدرتك على تطوير ذاتك والتى فيها سعادتك وإنجازك .

المبدأ الثالث،  اكتسب حكمة وخبرة بسؤال العديد من المختصين بدلا من الاعتماد على رأى واحد .

المبدأ الرابع، ليكن موقفك من حياتك هو سأقتل كل مساحة هدر فيها سواء فى الفكر او العمل أو الوقت، وتوقف فورا عن هدر وقتك، وليكن بتنظيم ملفاتك على اللابتوب الخاص بك، وتنظيم دولابك وتنظيم بيتك وتنظيم ملفات الإيميل لما هو ضرورى وما هو غير ضرورى، وضع نظام للتفكير فلا تضيع تفكيرك وهمتك فى أى فكرة تعطيك طاقة سلبية، (أى مقارنة لحالك مع غيرك، أى لوم على ماضيك،  أى هم تحمله لمستقبلك دون تخطيط، أى حسد، حقد، فلان قصده فلانة قصدها وهلم جرا ..)، كل هذا يهدر وقت تفكيرك صوب الإيجابية وتحقيق هدفك فلا تضيع عمرك هباءا.

 

ولكى تدرك أين الهدر تحديدا وقتا وفكرا وعملا ومالا ؟، ابدأ فورا فى تدوين كل ما تصرفه فى مالك، وكتابة كل أفكارك (ضع خانة للإجابية منها وخانة للسلبية )، وفى كل خانة ضع علامة كلما ضبطت نفسك تفكر، وفى نهاية يومك جمع نقاطك ولتنظر فيما صرفت مالك، وقتك، تفكيرك، وبالتالى كيف كان إنتاجية يومك هذا مما تريده لنفسك !!

واجه نفسك بشجاعة إن رأيتك تهدرها عبثا، هل هذا ما تريد أن تعيشه ؟! .. إن لم يكن فورا ابدأ فى التخلص من كل مساحات الهدر فى حياتك عمليا وفكريا، وتفويض غيرك لإدارة بعض الأمور بالنيابة عنك بعد تدريبه ووضع نظام كامل لمتابعته، لا غنى عنه لكى تقلل من مساحات الهدر فى وقتك .

المبدأ الخامس، تأكد أن قراراتك مبنية على حقائق وليس على أوهام أو آراء.

المبدأ السادس، اسأل الخمسة ليه ؟ ، خمس أسئلة مكونة بدايتها من  لماذا ؟؟ ..لماذا حالى هكذا؟ .. ولماذا لم أصل لكذا ؟ .. ولماذا لم أبدأ حتى الآن ؟ ..وهكذا حتى تصل دوما (لجذور كل مشكلة ) .. وما أن وصلت لجذور ما فاسدة, أبدأ فورا فى وضع خطتك للتخلص من فسادها الذى تزكم رائحته العفنة روحك.

المبدأ السابع، قبل أن تنفق مالك فى حل مشكلة ما تسائل واسأل من حولك كيف تصل لأبسط الحلول وأقلها تكلفة فى سبيل تحقيق هدفك وزيادة إنتاجيتك.

المبدأ الثامن، عش لحظتك الحالية، وتسأل عن وضعك الحالى ..كيف تحسنه ؟.

المبدأ التاسع، ابدأ فورا فى تنفيذ خطة تحسنك المستمر، حتى وإن لم تكن تملك إجابات كافية على الكيفية الكاملة لتحسين وضعك، لا يمكنك النظر لقمة الجبل دون أن تصعد خطواتك تجاه تلك القمة شيئا فشيئا، وكلما اقتربت خطواتك كلما أصبحت رؤيتك أوضح، فقط أبدأ أتحرك ..

المبدأ العاشر، تأكد أن الجميع يعمل معك فى سبيل تحقيق الهدف، سواء أن كان هدفك شخصى وأنت ضمن عائلة أو هدفك فى مشروعك وأنت لديك موظفي، ففى شركة تويوتا أصغر عامل فيها يمكنه أن يوقف العملية الإنتاجية لإحدى السيارات إن رأى فيها عيبا، وهو ما حقق مكاسب هائلة للشركة، خاصة أنها تطبق مبادئ الكايزن كاملة، فكل الموظفين فى الشركة لديهم قوة اتخاذ القرار طبقا لمكانهم، فلا يلقى بالتالى أحد منهم بالمسئولية على غيره، الكل مسئول، والكل ينفذ، والكل يشارك، بالتالى الكل يملك شركة تويوتا ويعطيها كل ما فى وسعه وقوته وقلبه كما تعطيه .

***

تخيل لو مصر طبقت فيها مبادئ الكايزن كفلسفة إدارية !، تخيل لو كل مصرى طبق مبادئ الكايزن فى نفسه !! هذا سؤال أسأله لنفسى أولا وألزمها به قبل أن أطرحه عليكم .

 

***

أما عن عدم شعورى يوما بالغيرة فذلك لأنى أؤمن بمبدأين فى الحياة ، الأول هو أن تركيزى دوما على حالى وتغييره للأفضل، لا التفت أبدا لحال الناس وما آتاهم الله من نعم، ولا لآرائهم إلا لو كانت فيما يكون فيه تقييم صادق له أخضع عنقى متواضعة لأتعلم منه، أو من خطأى فيما اختبرته ولم تثبت التجربة نجاحه.

أما الثانى فهو فى إيمانى أن أى صفة جيدة أراها فى غيرى، بوسعى أن أكتسبها فأصير إنسانة أفضل كل يوم عن ما سبق إن عرفت كيف ينفذ هذا الشخص تلك الصفة عمليا ؟؟ وما هى بالتحديد كانت خطته ؟؟ ..

***

لا شئ صعب فى الحياة مع الإرادة خاصة  إن عرفت كيف تديره و إستراتجية تنفيذه وبدأت منها أول خطواتك، لكن إن  ظلّت فقط على بساطتها مستمرة.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق