بعد إهمالها لفترات طويلة..

نسر محطة مصر بالإسكندرية يعلوه الصدأ .. و"التحفة المعمارية" تتهاوى

الأربعاء، 01 أغسطس 2018 11:00 م
نسر محطة مصر بالإسكندرية يعلوه الصدأ .. و"التحفة المعمارية" تتهاوى
الدكتور هشام عرفات وزير النقل
كتب ــ محمد أبو النور

تتعرض محطة السكك الحديدية بالإسكندرية، والمعروفة والمشهورة باسم محطة مصر، للإهمال منذ سنوات، وتبحث عن مسؤول أو أكثر، ينظر إليها بعين الاهتمام والتقدير والاعتبار لدورها وتاريخها، بعد أن بات "النسر" ، الذى يعلو واجهتها الخارجية، يبدو عليه الانكسار والحزن والإهمال، ويغلّفه الصدأ، وقد تحطمت الأرصفة داخل السور، الذى يفصل حرم المحطة التاريخية عن ميدان الشهداء والشوارع المحيطة بالمكان، وتحولت هذه الساحة لمطبات وحفر وصعود وهبوط، وتراكمت مخلفات البناء من حديد تسليح وأخشاب، وآلات ومعدات صب الخرسانة، فى الوقت الذى يمر فيه المسؤولون على المحطة يومياً ،وكأنهم لايرون هذا المنظر الكئيب.

55ttgg
 

ولأن النسر منذ القدم، طائر يعبّر عن القوة والشجاعة وعزّة النفس، فقد اتخذته مصر شعاراً لها يتوسط العلم بألوانه الثلاثة الحمراء والبيضاء والسوداء،كما يعلو النسر أيضا مبانى الوزارات والدواوين العامة للمحافظات والمصالح الحكومية والمؤسسات، ولأن محطة مصر بالإسكندرية واحدة من أعرق هذه المؤسسات والمبانى الحكومية، فكان من الطبيعى أن يعلو واجهتها النسر، ولكن مع الإهمال وسيطرة العشوائية على المكان ،فقد طالت يد التحطيم والهدم هذا المكان التاريخى بالتشويه، وأصبح النسر هو الآخر يعانى من الصدأ وتلف بعض أجزائه، كما تعانى أرصفة المحطة ومبانيها ومنشآتها.

المحطة التاريخية

rr555
 
من المعروف أن محطة القطار ، في أى مدينة كبُر حجمها أو صغُر ، وفي أي مكان بالعالم ، هي نموذج مصغر للحياة ، ومرآة و مكان يحتوى ويجمع التفاصيل الصغيرة ، والمشاعر الكثيرة والحميمة، للمسافرين والمستقبلين والمودعين ، فبعد اختراع القطار ومد السكك الحديدية ، كان أول خط سكة حديد تم مده في إفريقيا والعالم العربي ، كان في مصر ، وهو ثاني خط بعد سكك حديد إنجلترا ، وكانت الحياة مازالت بدائية في الإسكندرية ، عند مد خط السكة الحديد إليها عام ١٨٥٦ ، وهو المشروع الذي تبناه عباس الأول حفيد محمد علي باشا ، من أجل تسهيل نقل البريد والمسافرين ، وهو المشروع الذي دعمته الحكومة الإنجليزية لخدمة أغراضها حيث كانت السفن تصل من أوروبا إلي الإسكندرية، ثم تنقل براً إلي القاهرة، ومنها إلي ميناء السويس لتسير بحراً في البحر الأحمر ثم المحيط الهندي لتصل إلي الهند ، فكانت تستغرق وقتاً طويلاً وجهداً ومالاً للوصول للمستعمرات الإنجليزية في الهند، فقامت إنجلترا بدعم فكرة إنشاء الخط الحديدي بين القاهرة والإسكندرية، لتيسير عملية السفر والانتقال، وقد تم الاستعانة بروبرت ستيفنسن ابن مخترع القطار الذي كان يعمل بالبخار، لإقامة هذا المشروع الذي يعد الأول من نوعه في المشرق العربي، وقد جاء ستيفنسن إلي مصر وأشرف علي عملية نقل كل المعدات اللازمة للمشروع كما عمل فيه بجد حتي أتمه عام ١٨٥٦.

 tt66666

كانت المحطة فى عام 1858 عبارة عن مبني ضخم، يتكون من طابقين ومدخله مرتفع وعلي شكل بواكي ، والمبني مكون من قلب وجناحين وأمامه ساحة كبيرة غير مُعبدة ،وعندما تولى عباس باشا حكم مصر فكر في إيجاد طريق بري بين أوروبا والهند تسهيلاً للتجارة الهندية ، ومن ثم بدأ في إنشاء أول خط حديدي من مدينة الإسكندرية سنة ١٨٥٤ وأنشئت محطة للسكك الحديدية بالقباري في ذلك الحين ، تستخدم للركاب والبضائع في وقت واحد ، وهنا عادت لميناء الإسكندرية أهميته وانتعشت الأسواق بعد كسادها ، و كان ازدياد الواردات من البضائع سبباً في توجيه فكر مصلحة السكك الحديدية إلي توسيع المحطة بما يتناسب مع حركة البضائع ، وقد ساعد علي نمو الفكرة الامتداد العمراني إلي ضاحية الرمل ، فاستقر الرأي علي أن تنفرد محطة القباري بالبضائع ، وتم إنشاء محطة للركاب بالباب الجديد ، وهو مدخل مدينة الإسكندرية عام ١٨٧٦ ، ولكن المدينة أخذت تنمو نمواً مطرداً حتي أصبحت محطتها لا تتفق مع عظمتها ولا تتسع لعدد الركاب الذي بلغ ما يقرب من مليون راكب سنوياً ، لذلك رأت المصلحة أن تنشئ محطة جديدة علي أحدث طراز فاختارت لها ناحية كوم الدكة موقعاً، وبدأت في تشييدها عام ١٩١١ ، ولكن الحرب العالمية حالت دون استيراد موادها، فتوقف العمل بها ولم يتم إلاّ عام ١٩٢٧ ، حيث تم الاحتفال بافتتاحها رسمياً في أول نوفمبر ١٩٢٧ بحضور الملك فؤاد الأول .

 

 

ffggbbbb

الحالة المتردية للمحطة، يراها "وليم حنين" أحد المديرين السابقين بالسكة الحديد، أنها امتداد للعشوائية والقضاء على كل ما هو جميل وراقى ، فى التصميم والبناء والتشييد ، والذى كانت تتمتع به واجهة ومبانى محطة الإسكندرية، ويتمنى "حنين"أن تتم عمليات الصيانة والترميم والتطوير بشكل أسرع ، بشرط عدم المساس بالطابع الجمالى والذوق الراقى للمحطة كتحفة فنية.

زيارة وزير النقل للمحطة

ويوم الأحد 23 يوليو الماضى، زار الدكتور هشام عرفات وزير النقل المحطة، وأكد على ضرورة الانتهاء من الترميمات في أسرع وقت،ومتابعة خطة المحطات التي يتم تطويرها، وتفقد الوزير أعمال تطوير المحطة والتي تشمل أعمال تحسينات بالكامل للمحطة ، وإحلال وتجديد جميع الأرصفة ، مع إنشاء خطوط الحريق وتموين القطارات وكاميرات المراقبة ، وكذلك إجراء تحسينات شاملة لواجهة المحطة من الخارج ، وساحة انتظار السيارات ، وتبلغ التكلفة الاجمالية حوالي ١٤٥ مليون جنيه.

هدم محطة مصر بالإسكندريةةةةةةة
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق