قرارات باباوية حاسمة مع الرهبان.. 5 أسئلة هامة حول موقف الكنيسة بعد مقتل إبيفانوس

الجمعة، 03 أغسطس 2018 11:00 ص
قرارات باباوية حاسمة مع الرهبان.. 5 أسئلة هامة حول موقف الكنيسة بعد مقتل إبيفانوس
قداسة البابا تواضروس الثاني بطريرك الكرازة المرقسية

كانت حادثة صادمة بكل المقاييس، خرج الراهب المعروف بتواضعه وسماحته من قلايته في الدير باتجاه الكنيسة، لكنه لم يصل. لاحقًا وُجد الرجل مقتولا أمام قلايته في واقعة استثنائية في تاريخ الكنيسة.
 
ما زالت الصدمة تخيّم على الأجواء الكنسية ودوائر الرهبان في دير الأنبا مقار وفي مقر البطريركية، منذ مقتل الأنبا إبيفانوس فجر الأحد الماضي، ومع مواصلة الجهات الرسمية تحقيقاتها في الواقعة، اتخذ قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ولجنة الرهبنة بالكنيسة مؤخرًا إجراءات جادة وحاسمة للتعامل مع الاختلالات والتجاوزات في هذا المجال المهم.

نص قرارات مجلس الرهبنة التي صدق عليها البابا تواضروس
 
1- وقف رهبنة أو قبول أخوة جدد فى جميع الأديرة القبطية الأرثوذكسية داخل مصر لمدة عام يبدأ من أغسطس 2018 م.
 
2- الأماكن التى لم توافق البطريركية على إنشائها كأديرة سيتم تجريد من قام بهذا العمل من الرهبنة والكهنوت والاعلان عن ذلك، مع عدم السماح بأى أديرة جديدة إلا التى تقوم على اعادة احياء أديرة قديمة , ويتم ذلك من خلال رعاية دير معترف به ( عامر ) .
 
3- تحديد عدد الرهبان فى كل دير بحسب ظروفه وإمكانياته وعدم تجاوز هذا العدد لضبط الحياة الرهبانية وتجويد العمل الرهبانى .
 
4- إيقاف سيامة الرهبان فى الدرجات الكهنوتية ( القسيسية والقمصية ) لمدة ثلاث سنوات .
 
5- الالتزام بعدم حضور علمانيين على الاطلاق فى الرسامات الرهبانية لحفظ الوقار والأصول الرهبانية الأصيلة.
 
6- تستقبل الأديرة الزيارات والرحلات طوال العام باستثناء فترة صوم الميلاد والصوم الكبير فتكون أيام ( الجمعة والسبت والأحد ) فقط من كل اسبوع والتحذير من زيارة الأماكن غير المعترف بها وهى مسئولية الايبارشيات والكنائس.
 
7- الاهتمام والتدقيق بحياة الراهب وإلتزامه الرهبانى داخل الدير واهتمامه بأبديته التى خرج من أجلها ودون الحياد عنها .
 
8- كل راهب يأتى بالأفعال التالية يعرض نفسه للمساءلة والتجريد من الرهبنة والكهنوت واعلان ذلك رسمياً : 
أ‌- الظهور الاعلامى بأى صورة ولأى سبب وبأى وسيلة .
ب‌- التورط فى أى تعاملات مالية أو مشروعات لم يكلفه بها ديره .
ت‌- التواجد خارج الدير بدون مبرر والخروج والزيارات بدون إذن مسبق من رئيس الدير.
 
9- لا يجوز حضور الاكاليل والجنازات للرهبان إلا بتكليف وإذن رئيس الدير بحد أقصى راهبين.
 
10- إعطاء الرهبان فرصة لمدة شهر لغلق أى صفحات أو حسابات على وسائل التواصل الاجتماعى والتخلى الطوعى عن هذه السلوكيات والتصرفات التى لاتليق بالحياة الرهبانية وقبل إتخاذ الاجراءات الكنسية معهم.
 
11- مناشدة جموع الأقباط بعدم الدخول فى أى معاملات مادية أو مشروعات مع الرهبان أو الراهبات وعدم تقديم أى تبرعات عينية أو مادية إلا من خلال رئاسة الدير أو من ينوب عنهم.
 
12- تفعيل دليل الرهبنة وإدارة الحياة الديرية الذى صدر من المجمع المقدس فى يونيو 2013 وهى مسئولية رئيس الدير ومساعديه .
 
65936-3
 
 
 
 
تساؤلات داخل الكنيسة
 
القرارات التي اتخذها المجلس البابوي رآها البعض صارمة وحاسمة، البابا تواضروس الثاني قال في في جنازة الأنبا إبيفانيوس رئيس دير أبو مقار العامر، وجه لومًا شديدًا للرهبان، قائلًا إن هناك إجراءات لابد منها لإعادة الحياة الرهبانية لسيرتها الأولى، حيث آباء البرية الزاهدين غير الطامحين في شهرة ولا مال ولا جاه.
 
القرارات الباباوية التي اتخذها المجلس مساء الأربعاء، وصدق عليها صباح الخميس، تطرح عدة تساؤلات عن مستقبل الأديرة القبطية بعد تلك القرارات. وحدد القرارات أعداد من يلتحقون بالكنائس في محاولة لهيكلة أديرة الأزمة، ومنع استقبال رهابنة جدد، وهو ما يعني أن بعض الرهبان سوف يغادرون أديرة ويقيمون بأخرى، ولعل دير القديس الأنبا مقار هو أحد أهم الأديرة المستهدفة من هذا القرار، إذ ينقسم الدير إلى مدرستين فكريتين، بعض الآباء من سكان الدير الأصليين من أبناء الرعيل الأول والثاني من تلاميذ متى المسكين، أما باقي الرهبان فهم من وفدوا إلى الدير بعد وفاة المسكين عام 2006، أو من انضموا للبابا شنودة بعد زيارته الشهيرة للدير عام 2009 التى أراد بها إخضاع دير أبو مقار لسيطرة الكنيسة إداريا بعدما عمد إلى تغيير الشكل الرهباني لرهبان الدير وحمل معه في سيارته 120 قلنسوة رهبانية "غطاء الرأس"، ممن كانت مفروضة على كل رهبان الأديرة، بينما امتنع رهبان دير أبو مقار عن ارتدائها.
 
القرار السابق يعني بوضوح أن البابا تواضروس سيفض الخلافات القائمة بالدير، التى لم ينجح معها الحوار، فتعمل الكنيسة على تغيير مواقع الرهبان بالدير الأزمة، عن طريق إرسالهم لأديرة أخرى، واستقبال أخرين بدلًا منهم، خاصة وأن بعض القرارات التي اتخذتها لجنة شئون الأديرة كانت من بين التحذيرات التى أطلقها البابا تواضروس في جنازة الأنبا ابيفانيوس، حين قال للرهبان «أخرجوا الانحراف من بينكم، أنتم لستم تابعين لأحد بل تتبعون القديس مقار، وكفوا عن الظهور في الإعلام».
67506-2
 
 
من بين القرارات التي أثارت تساؤلات: «تهديد جامعي التبرعات بالتجريد من الرتب الكنسية؟»، فمن بين رهبان دير أبو مقار يبرز اسما الراهبين يعقوب ومرقس المقاري، إذ أعلن الأنبا ابيفانيوس في بيان له نشر بمارس عام 2015 عن عدم مسئولية الدير عن أي تعاملات مالية أو تبرعات يجمعها الراهب يعقوب المقاري الذى تم تسريحه من الدير.
 
تعود قصة الراهب يعقوب المقاري إلى سنوات الفراغ التي عاشها دير الأنبا مقار بلا رئيس أو أب روحي، حيث انخرط يعقوب في جمع تبرعات لإنشاء دير باسم السيدة العذراء والأنبا كاراس بوادي النطرون، ونجح في إنشاء أجزاء كبيرة منه بالفعل، حتى أكد البابا تواضروس إن الكنيسة لا تعرف ديرًا بهذا الاسم وأن هذا الدير غير تابع لها إداريًا ولا كنسيًا محذرا جموع الأقباط من التبرع له، وهو الأمر الذى يفسر القرار الأول للبابا «الأماكن التى لم توافق البطريركية على إنشائها كأديرة سيتم تجريد من قام بهذا العمل من الرهبنة والكهنوت والإعلان عن ذلك، مع عدم السماح بأى أديرة جديدة إلا التى تقوم على إعادة إحياء أديرة قديمة ويتم ذلك من خلال رعاية دير معترف به «عامر».
 
في أكتوبر 2017 أصدر دير أبو مقار بيانا موقعا من رئيسه الأنبا ابيفانيوس يعلن فيه أن الدير لم يكلف المدعو «مرقس المقاري» بجمع تبرعات، مؤكدا أن الدير ليس له أو كلف مندوبين سواء من الرهبان أو العلمانيين يجمع تبرعات، لتلتصق قضية جمع التبرعات بدير أبو مقار من جديد.
 
القرارات تضمنت إمهال الرهبان شهرًا لغلق صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك لأنها تتعارض مع طقوس الرهبنة، ففي طقوس رسامة الرهبان، يدفن الراهب وتصلى عليه صلاة الأموات وتنقطع صلته بحياته السابقة ليبدأ حياته مع الله، يتغير اسمه الذى ولد به ويتخذ اسمًا قبطيًا أو يونانيًا، يصبح لقبه مشتقًا من اسم الدير.
 
وشهدت السنوات الأخيرة نشاطًا ملحوظًا للآباء الرهبان على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يضرب مبدأ أساسيا في الرهبنة وهو «الموت عن العالم». البابا قال للرهبان أثناء الجنازة: «كفوا عن التواصل مع الإعلام أنتم رهبان اخترتم الحياة مع الله»، وتحول التحذير الشفوي إلى قرار مكتوب قد يعرض الراهب للتجريد من رتبته الرهبانية في حال ثبت تواصله أو تفاعله مع وسائل الإعلام.
 
80790-4
 
وحول موعد الزيارات، نص القرار: «تستقبل الأديرة الزيارات والرحلات طوال العام باستثناء فترة صوم الميلاد والصوم الكبير فتكون أيام ( الجمعة والسبت والأحد ) فقط من كل اسبوع والتحذير من زيارة الأماكن غير المعترف بها وهى مسئولية الإيبارشيات والكنائس»، كل ذلك للعودة إلى جوهر الرهبنة، ففي  السنوات الأخيرة شهدت الأديرة نشاطا غير مسبوقا للرحلات القبطية التي تعتبر من أهم مصادر دخل الدير، إلا أن تلك الرحلات التي تزحم كنائس الأديرة وساحاتها بالنساء والأطفال والشباب، تخرج الرهبان عن تركيزهم في حياة الوحدة.
 
 
من بين القرارات التي اتخذتها الكنيسة التوقف عن استقبال رهبان جدد لمدة عام، ووقف الترقيات بين الآباء الرهبان لرتب الكهنوت «القسيسية والقمصية» لمدة ثلاث سنوات، وذلك لإعادة المشهد داخل الأديرة، كذلك ضبط شهوة «المناصب»، ووفقا لقوانين الكنيسة يحق للراهب أن يتمتع برتبتي الكهنوت «قس وقمص»، فيستطيع أن يمارس الأسرار المقدسة بناءا على تلك الترقية، كذلك فإن الرهبان هم المرشحون ربما الأبديون لاعتلاء المناصب العليا في الكنيسة الأسقفية والباباوية، فلا يحق لغير الرهبان الانضمام لعضوية المجمع المقدس (باستثناء وكيلي البطريركية)، ولا يحق لغيرهم التصويت على القرارات الكنسية المصيرية.
 
 
84780-1

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق