289 مليار يورو تنقذ اليونان من الانهيار.. رحلة 8 سنوات عجاف في بلاد الإغريق

الثلاثاء، 21 أغسطس 2018 02:00 م
289 مليار يورو تنقذ اليونان من الانهيار.. رحلة 8 سنوات عجاف في بلاد الإغريق
رئيس وزراء اليونان ألكسيس تسيبراس

رحلة شاقها خاضتها اليونان منذ العام (2010)، مع معاناتها من أزمة اقتصادية حادة هددت بإفلاسها، ودفعت الاتحاد الأوروبي للتدخل العاجل لإنقاذها، وفرض حزمة من الإصلاحات المالية والاقتصادية على المنظومة اليونانية.
 
في السنوات الثماني الماضية نفذت اليونان خطة شاملة للتقشف وإصلاح الاختلالات الاقتصادية الهيكلية، وتلقت قروضا ضخمة بعشرات المليارات من اليوروهات، وأنجزت أمورا اقتصاديا وإصلاحية مهمة لدفع النمو للأمام والسيطرة على معدل التضخم، وبعد هذه الرحلة الطويلة خرجت تقريبا من المحنة بشكل هادئ ومستقر.
8 سنوات، هي الفترة التي استغرقتها أثينا، في تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي الأوروبي، حتى تمكنت من طي صفحة آخر خطط المساعدات المطبقة منذ عام 2010، وسط مخاوف أوروبية من عدم تعافي اقتصاد أثينا من تبعات الأزمة الاقتصادية التي ألمت بها وهددت قدرات الدولة عن الوفاء بالتزاماتها حيال مواطنيها ودول الجوار.
 
كان قد سبق اليونان في تطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي، كلا من: « البرتغال، وإيرلندا، وإسبانيا، وقبرص»، وكانت اليونان آخر دول منطقة اليورو التي لا تزال قيد المساعدة الأوروبية منذ الأزمة الاقتصادية التي عرفتها هذه المنطقة.
 
(2010 و2012 و2015).. هي التواريخ التي تلقت فيها اليونان الخطط، والقروض التي بلغت قيمتها 289 مليار يورو، غير أن الإصلاحات التي طالب بها صندوق النقد الدولي والسلطات الأوروبية في المقابل أنهكتها، مع تراجع إجمالي الناتج الداخلي بنسبة الربع خلال ثماني سنوات ولم يستأنف النمو إلا عام (2017)، فيما تدنت نسبة البطالة مؤخرا عن (20%) بعد تسجيل ذروة قدرها (27.5%) في (2013).
 
وأقر المدير العام لـ«آلية الاستقرار الأوروبية»، التي تدير البرنامج الحالي كلاوس ريجلينج بأنه سيكون «من غير الصحيح القول إن كل شيء أنجز على ما يرام»، في مقابلة أجرتها معه نشرة «شبيجل أونلاين» الإلكترونية الألمانية.
 
وأعرب ريجلينج عن «احترامه الهائل» لليونانيين الذين خسر معظمهم ثلث رواتبهم ومعاشاتهم التقاعدية خلال الأزمة.
 
ويرى العديد من الخبراء على غرار الاقتصادي لدى مصرف «يوروبنك» تيودوروس ستاماتيو أن خطط المساعدة كان «لا بد منها» في بلد تأخرت فيه الإصلاحات كثيرا، غير أن تبعاتها كانت في غاية القسوة.
 
وحاول رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس من حزب سيريزا اليسارى الراديكالى مع وزير ماليته آنذاك يانيس فاروفاكيس تليين شروط البرنامج الثاني عند وصوله إلى السلطة يناير (2015). لكن بالرغم من «لا» حازمة من اليونانيين للدائنين في استفتاء شعبي، اضطر تسيبراس في نهاية الأمر إلى التوقيع على خطة المساعدة الثالثة في يوليو التالي لتفادى خروج اليونان من اليورو.
 
وتبدو جميع الأحزاب الكبرى ومنها سيريزا نفسه، على قناعة الآن بضرورة التشدد المالي، وهو ما يعتبره أستاذ الاقتصاد نيكوس فيتاس أمرا جيدا، مشيرا إلى أنه لم يعد هناك من يتكهن بانهيار جديد في اليونان. وهو رأى سائد بصورة عامة، ولو أن أستاذ العلوم الاقتصادية في جامعة تولوز الأولى جابريال كولوتي المعارض بشدة لخطط المساعدة، ما زال يتوقع «اشتعالا اجتماعيا محتوما» في اليونان.
 
ويبقى أن البلد الذي حقق في (2016 و2017) فائضا في الميزانية خارج خدمة الدين بحوالي (4%)، يتخطى بكثير مطالب الجهات الدائنة، لم يتحرر بالكامل من قيود دائنيه، واضطر إلى إقرار إصلاحات مسبقا للعامين (2019 و2020)، وسيبقى قيد المراقبة لعدة سنوات.
 
وقبلت الحكومة اليونانية بهذه الشروط مقابل إعادة جدولة ديونها من خلال منحه مهل سداد أطول بصورة خاصة، وهى ليونة اعتبرتها وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني «جوهرية». ورفعت الوكالة مؤخرا تصنيفها للدين السيادي اليوناني إلى «بي بي سلبي»، بفارق ثلاث درجات فقط عن تصنيف «بي بي بي» الذي تبدأ عنده باعتبار الإقراض للبلد «جيد النوعية».
 
ويبقى السؤال مطروحا عما إذا كان من الممكن احتمال خدمة هذا الدين الذي لا يزال يمثل (180%) من إجمالي الناتج الداخلي اليوناني على المدى البعيد. ويشكك صندوق النقد الدولي في أن يكون بإمكان أثينا الإيفاء بأعباء ديونها، وقرر عدم المشاركة في خطة المساعدات الثالثة بعدما عجز عن إقناع الدول الأوروبية بتخفيف ديون اليونان.
 
وتفضل الحكومة اليونانية التركيز على احتياجات التمويل السنوية التي ستبقى بفضل إدارة الدين أقل من (15%)، من إجمالي الناتج الداخلي على الأمد المتوسط، ثم (20%)، بعد ذلك وهى نسبة تعتبرها أوروبا كبيرة.
 
 
وقال مسئول: «الدين اليونانى ليس فقط لا يمكن تحمله بل سيستمر طويلا».. وترى الحكومة أنها قادرة على الإيفاء بالتزاماتها حتى نهاية 2022 ويمكن أن تسمح لنفسها باختيار الأوقات المناسبة للجوء إلى أسواق المال.
 
وقال ريجلينج لمجلة «دير شبيجل اونلاين»: «أزمة اليورو انتهت و20 أغسطس هو خاتمتها». لكن تحسن الأرقام الاقتصادية لا ينعكس فعليا على اليونانيين.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق