بعد أن رفض رثاءه.. هل تتحول أفكار ماكين إلى شبح يطارد طموحات ترامب؟

الثلاثاء، 28 أغسطس 2018 10:00 ص
بعد أن رفض رثاءه.. هل تتحول أفكار ماكين إلى شبح يطارد طموحات ترامب؟
ترامب وماكين
بيشوى رمزى

 
على الرغم من انتمائهما لنفس الحزب، إلا أن حالة العداء بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والسيناتور جون ماكين قد وصلت إلى أشدها، فى الأشهر الماضية، ليس فقط بسبب خلافات بينهما على خلفية المواقف التى تتخذها إدارة ترامب، وإنما امتدت إلى دعوات صريحة تبناها ماكين، بينما كان على فراش المرض، لزملائه فى مجلس الشيوخ لرفض القرارات التى يتبناها الرئيس فى عدة قضايا تشغل الرأى العام الأمريكى.
 
لعل أكثر الدعوات التى تبناها ماكين، لتثير جدلا واسعا، كانت دعوته لمجلس الشيوخ بالتصويت ضد تعيين جينا هاسبل، فى منصب مدير جهاز الاستخبارات الأمريكى "CIA"، بسبب سجلها الحقوقى غير المشرف فيما يتعلق بالانتهاكات التى تم ارتكابها فى العراق على أيدي القوات الأمريكية، إبان الغزو الأمريكى، والذى بدأ فى عام 2003، لإسقاط نظام الرئيس العراقى الأسبق صدام حسين، حيث سخرت إحدى عضوات الفريق الصحفى بالبيت الأبيض من دعوة السيناتور الأمريكى البارز، بقولها إن "الأمر غير مهم لأنه يحتضر على أى حال".
 
441
 
 
عزاء وليس رثاء.. ترامب يرفض الإشادة بماكين
 
وعلى الرغم من بشاعة التصريح الذى تم تسريبه قبل عدة شهور، رفض البيت الأبيض الاعتذار، كما رفض مؤخرا إصدار بيان رسمى لرثاء السيناتور، الذى ينظر إليه قطاع كبير من الأمريكيين باعتباره أحد أبرز الشخصيات السياسية فى التاريخ الأمريكى، منذ أسره فى حرب فيتنام، مرورا بمواقفه التى ارتبطت بالمصلحة الأمريكية على حساب المصالح الحزبية الضيقة، بينما اكتفى الرئيس الأمريكى بتغريدة، ليست لرثاء السياسى الأمريكى، وإنما لتقديم العزاء لأسرته، وذلك بعد ساعات من إعلان وفاته.
 
تغريدة ترامب
تغريدة ترامب
على حسابه بموقع "تويتر"، كتب ترامب "تعاطفنا واحترامنا العميق لعائلة السيناتور جون ماكين.. قلوبنا وصلواتنا معكم"، وهى التغريدة التى تبدو قصيرة، وتنم عن الكثير من المشاعر السلبية التى يحملها الرئيس، للرجل الذى من المفترض أن يكون حليفا له، باعتباره عضوا فى نفس الحزب، وهو ما يثير التساؤلات حول ما إذا كان موت السيناتور الجمهورى سوف يكشف المزيد من الانشقاقات والانقسامات داخل الحزب الذى يحظى بأغلبية مقاعد الكونجرس الأمريكى فى المرحلة الحالية.
 
انقسام الجمهوريين.. انتصارات ترامب المرحلية تمنحه ميزة على خصومه
 
الانقسام داخل أروقة الحزب الجمهورى حول شخصية ترامب، ليست بالأمر الجديد تماما، فقد بدأت الخلافات بين قيادات الحزب منذ الخطاب الانتخابى الذى تبناه الرئيس الأمريكى فى حملته الانتخابية عام 2016، والتى دفعت قطاع كبير منهم إلى الإعلان عن عدم تأييده، بينما استمر الأمر بعد وصوله إلى البيت الأبيض، حيث أعلن عددا من أعضاء الكونجرس الجمهوريين رفضهم لمواقف ترامب تجاه الحلفاء فى أوروبا أو الناتو، بالإضافة إلى موقفه المهادن لروسيا،  وعلى رأسهم ماكين، وليندسى جراهام بالإضافة إلى بول رايان، الذى أعلن قبل شهور عدم ترشحه فى انتخابات التجديد النصفى.
 
إلا أن ترامب ربما تمكن فى الآونة الأخيرة من الانتصار ولو مرحليا، حيث نجح فى استقطاب بعد مناوئيه، على رأسهم جراهام والذى صار مؤيدا لترامب، ورفيقا له بمضمار لعبة الجولف، بينما أطاح بالأخرين خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهورى، استعدادا لانتخابات التجديد النصفى، والمقرر انعقادها فى نوفمبر المقبل، وهو ما ساهم بصورة كبيرة فى الموقف المتشدد الذى تبناه ترامب تجاه خصومه، وعلى رأسهم ماكين، باعتباره الطرف الأقوى فى معادلة القوى داخل الحزب فى المرحلة الراهنة.
 
معضلة ترامب.. أفكار ماكين شبح يهدد الرئيس الأمريكى
 
تبقى المعضلة الرئيسية التى يواجهها الرئيس الأمريكى، تتمثل فى الأجيال السياسية التى تأسست على أفكار ماكين، والتى ساهمت فى تبنى مواقف أكثر شجاعة تجاه الإدارات الأمريكية المتعاقبة، ومن بينها إدارات جمهورية، لعل أبرزها مساهمته فى تقويض خطة ترامب لدحض قانون الرعاية الصحية الذى أرساه أوباما، بالإضافة إلى معارك أخرى شبيهة خاضها ضد إدارة بوش، بعد محاولاتها لتقليص الحماية التى توفرها اتفاقيات جنيف للمعتقلين، وهى المعارك التى انتهت بانتصار الأسير السابق فى سجون فيتنام، وأرست مبادئ سياسية معينة ربما تساهم بصورة كبيرة فى تقويض طموحات ترامب فى المستقبل.
 
ولعل التأثير الكبير الذى تركه ماكين على الساحة السياسية الأمريكية كانت بمثابة دافعا لتسابق الساسة الجمهوريين والديمقراطيين لنعيه، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، والذى وصف السياسى، والذى كان يوما ما منافسا له على السلطة فى البيت الأبيض، فى انتخابات 2008، بـ"المخلص" الذى التزم بالمواطنة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق