خفافيش الظلام في كل زمان.. ذكرى رحيل الإمام: البخاري ما سلمش من التكفير

الأحد، 02 سبتمبر 2018 04:00 ص
خفافيش الظلام في كل زمان.. ذكرى رحيل الإمام: البخاري ما سلمش من التكفير
البخارى لم يسلم من التكفير

 

في الأول من سبتمبر 870  ميلادية رحل الأمام محمد بن إسماعيل البخاري، عن الحياة ما يعنى أن ذكرى وفاته التي نعيشها هذه الأيام تحمل رقم 1148.

والبخاري من أهم علماء علم الحديث، وصاحب كتاب «الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه» المعروف بصحيح البخاري، وهو أهم وأوثق الصحاح الستة.

الإمام الذي أفنى عمره في جمع أحاديث النبي لم يسلم من الإساءة والاتهامات بالتكفير، التي كانت سببا في طرده من مدينة نيسابور (إحدى مدن مقاطعة خراسان بإيران)، ما يؤكد أن محاكم التفتيش الفكرية، موجودة منذ بدايات التفكير الإنساني.

موسوعة «سير أعلام النبلاء (ج 12 ص 453)» للمؤرخ شمس الدين الذهبي، كشفت أن صاحب «صحيح البخاري» عندما وصل إلى نيسابور، اجتمع عليه الناس، فحسده بعض المشايخ على ذلك حتى أن محمد بن يحيى الذهلي، حضر مجلس البخاري ووتكلم فيه، طلب من بعض أصحاب الحديث الاستماع للبخاري قائلا: «اذهبوا إلى هذا الرجل، فإنه يقول اللفظ بالقرآن غير مخلوق، فامتحنوه في المجلس».

قضية خلق القرآن، أو محنة خلق القرآن فكر انتشر في عهد الخليفة العباسى المأمون من قبل فرقة المعتزلة، التي تعتبر القرآن مخلوقا وليس كلام الله المنزل على محمد، واقتنع بهذا الرأي المأمون وطالب بنشر هذا الفكر وعزل كل قاضٍ لا يؤمن به، ما لقي معارضة واستهجان كثير من الأئمة ومنهم أحمد بن حنبل، الذي تحمل من أجل ذلك كثير من التعذيب حتى أنهى الخليفة المتوكل هذه المحنة وأفرج عنه.

على كل حال حضر الناس مجلس البخارى، وقال له رجل: يا أبا عبد الله، ما تقول في اللفظ بالقرآن مخلوق أم هو غير مخلوق؟ فأعرض عنه البخاري ولم يجبه، فقال الرجل: يا أبا عبدالله، فأعاد عليه القول، فأعرض عنه، ثم قال فى الثالثة، فالتفت إليه البخاري، وقال: القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة والامتحان بدعة، فشغب الرجل، وشغب الناس، واعترضوا عليه، وقالوا له بعد ذلك: أرجع عن هذا القول، حتى نعود إليك، فقال: لا، لا أفعل إلا أن تجيئوا بحجة فيما تقولون أقوى من حجتي، فشغب الناس وتفرقوا، وظل البخاري في بيته.

وبعد شهر جاء محمد بن يحيى، مرة أخرى ليقول: ألا من يختلف إلى مجلسه فلا يختلف إلينا، فإنهم كتبوا إلينا من بغداد أنه تكلم فى اللفظ، ونهيناه، ولم ينته، فلا تقربوه، ومن يقربه فلا يقربنا. وتابع فى حديث آخر: القرآن كلام الله غير مخلوق من جميع جهاته وحيث تصرف، فمن لزم هذا استغنى عن اللفظ وعماه سواه من الكلام في القرآن ومن زعم أن القرآن غير مخلوق فقد كفر وخرج عن الإيمان وبانت منه امرأته، ويستتاب، فإن تاب، وإلا ضربت عنقه، وجعل ماله فينا بين المسلمين ولم يدفن فى مقابرهم.

وجاء رجل إلى الإمام البخاري، ليعرف ما في الأمر، ورأيه فيما ذكره الذهلى عنه، فقال: يا أبا عبد الله، إن فلانا يكفرك، فقال: قال النبي (ص) إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر، فقد باء به أحدهما. ولما سأله رجل: يا أبا عبدالله نحن لا نخالفك فيما تقول، لكن العامة لا تحمل ذا منك، فقال البخاري: إني أخشى النار، اسأل عن شيء أعلمه حقا أن أقول غيره.

لكن الناس لم يكن يعجبها كلام البخاري، وظل فى رأيهم أنه خارج عن الدين، ووجب طرده من المدينة، وهو ما دفع الإمام البخاري للخروج من نيسابور إلى بلده الأصلية «بخاري» من دون أن يودعه إلا شخص واحد، وقد ظل ثلاثة أيام خارج أسوار المدينة يرتب أغراضه التى خرج بها على عجل، استعدادا للرجوع إلى بلده الأم.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق