الإمضاء مجهول.. "صوت الأمة" تنشر ترجمة مقال "المقاومة داخل إدارة ترامب"

الخميس، 06 سبتمبر 2018 01:00 م
الإمضاء مجهول.. "صوت الأمة" تنشر ترجمة مقال "المقاومة داخل إدارة ترامب"
دونالد ترامب
كتب محمود حسن

حالة من الذهول تسود الولايات المتحدة الأمريكية، بسبب افتتاحية جريدة النيويورك تايمز الأمريكية ، والتى نشرت  فى حركة نادرة من تاريخها باسم شخص "مجهول"، مقالا افتتاحيا يقول كاتبه إنه أحد مساعدين الرئيس دونالد ترامب، وأنه جزء من المقاومة داخل إدارة ترامب التى تعمل لإحباط خطط الرئيس الأمريكى وأجندته لحين تغير الوضع.

 

صوت الأمة تقدم ترجمة لهذا المقال الأكثر انتشارا فى العالم فى هذه اللحظة:

 

أنا جزء من المقاومة داخل إدارة ترامب


أنا أعمل من أجل الرئيس أنا وعدد من زملائى من أصحاب العقلية المتشابهة، وقد تعهدت بإحباط أجزاء من أجندته ونزعاته السيئة.

 

يواجه الرئيس ترامب اختبارا لرئاسته، بخلاف ما يواجهه أى زعيم أمريكى حديث، ليس فقط لأن احتمالية عزله تلوح فى الأفق. أو أن البلاد منقسمة بشدة حول فترة رئاسته. أو حتى أن حزبه قد يخسر أغلبيته فى الكونجرس تماما خلال الانتخابات القادمة.

 

لكن المفاجأة -والتى لا يستوعبها ترامب - هى أن العديد من كبار المسئولين فى إدارة ترامب يعملون بجد من الداخل لإحباط أجزاء من أجندته ونزعاته السيئة.

 

وأريد أن أقول لكم أنا واحد منهم.

 

لكى نكون واضحين، ليس موقفنا هو الـ"مقاومة" بمعناها اليسارى. فنحن نريد أن تنجح هذه الإدارة وأن تجعل سياساتها أمريكا أكثر أمانا وأكثر ازدهارا.

 

لكن نعتقد أن الواجب الأول لنا هو حماية هذا البلد من رئيس يستمر فى التصرف بطريقة تضر بلادنا، وهذا هو السبب فى أن العديد من المسئولين الذين عينهم ترامب داخل إدارته، قد تعهدوا بفعل ما بوسعهم للحفاظ على مؤسساتنا الديمقراطية، مع الاستمرار فى الوقت نفسه فى إحباط دوافع السيد ترامب السيئة حتى تأتى لحظة تغير الوضع وخروجه من منصبه.

 

أصل المشكلة لدى ترامب هو عدم استقراره وعدم وجود مبادئ واضحة لديه، وعدم وجود توجهات، فعلى الرغم من أنه انتخب كمرشح عن الحزب الجمهورى، إلا أن الرئيس يظهر القليل من الميل إلى المثل والقيم التى طالما اعتنقها هذا الحزب: العقول الحرة والأسواق الحرة والأشخاص الأحرار.

ففى أحسن الأحوال ، قام باستحضار هذه المثل فى الخطابات المكتوبة، لكنه فى أسوأ الأحوال  قام بمهاجمتها بشكل صريح.

 

إضافة إلى تسويقه الشامل لفكرة أن الصحافة هى "عدو الشعب"، وتوجهاته الواضحة المضادة للتجارة الحرة وتصرفاته المناهضة للديمقراطية.

لا تفهمنى خطأ، هناك نقاط هامة وجيدة قامت بها الإدارة لم تنتبه لها التغطية الإعلامية السلبية عن الإدارة الحالية، والتى لا تتوقف تقريبا، هذه النقاط الجيدة التى قامت بها الإدارة تتمثل فى إزالة القيود على التجارة الداخلية، الإصلاح الضريبى التاريخي، جعل الجيش أكثر قوة وأكبر عددا، لكن هذه النجاحات جاءت ليس بسبب قيادة الرئيس دونالد ترامب، والذى هو متهور، وشديد الغضب، وتافه وغير فعال.

 

جاءت هذه من البيت الأبيض نفسه، من إدارات ووكالات السلطة التنفيذية والحكومة، هؤلاء الذين يعملون معظم الوقت على عزل عملياتهم عن هوى الرئيس وأفعاله وأفكاره.

 

نعم عزله عن أفكاره وأفعاله، فالاجتماعات معه تنحرف عن موضوعها، وعادة ما يشوش بشكل مزعج على المتحدثين فى هذه الاجتماعات، كما تنتهى تلك الاجتماعات بقرارات بلا قيمة نتيجة تصرفاته، وأحيانا تنتهى بقرارات متهورة يجب الرجوع عنها فورا.

 

مسئول كبير شكا لى أن ترامب كان يغير رأيه كل دقيقة، ينقلب فى اجتماعاته ويهاجم قرارات كان هو نفسه قد اتخذها فى الاجتماع السابق منذ أسبوع فقط.

 

لكن هذه العشوائية، وتلك الفوضى كانت لتكون أكثر إزعاجا، إذا لم يكن هناك هؤلاء الأبطال المجهولين داخل البيت الأبيض وفى إدارات السلطة التنفيذية والحكومة الأمريكية لوقف ما يتسبب فيه الرئيس.

 

بعض وسائل الإعلام تتهم مساعديه بأنهم أشرار واتخذوا قرارات سيئة، لكن على المستوى الشخصى هؤلاء المساعدين بذلوا قصارى جهدهم لمواجهة القرارات السيئة التى خرجت من مكتب الرئيس فى الجناح الغربى من البيت الأبيض، رغم أن هذه الخطوات لم تكن ناجحة على الدوام.

 

قد يكون الشعور بالراحة بعيدا عن حياتنا فى هذه الفترة الفوضوية من تاريخ الأمة، لكن على الأمريكيين أن يعرفوا أن هناك أشخاص بالغين وعاقلين فى غرفة الرئيس، فنحن ندرك تماما ما يحدث، ونحن نحاول القيام بما هو صحيح حتى عندما لا يفعل ذلك السيد دونالد ترامب.

 

والنتيجة هى فترة رئاسة ذات مسارين.

 

مثلا فى السياسة الخارجية: فى العلن والخاصة، يظهر الرئيس ترامب محبة خاصة للحكام المستبدين والديكتاتوريين، مثل الرئيس فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، ويظهر القليل من التقدير الحقيقى للعلاقات التى تربط بيننا وبين الحلفاء من الدول التى تشترك معنا وتشبهنا فى طريقة التفكير.

 

لكن المراقبون يلاحظون بشكل واضح، أن بقية الإدارة تعمل على مسار آخر، حيث يتم فرض عقوبات متتالية على روسيا بسبب تصرفاتها فى أوربا وحول العالم، كما يتم التعامل حلفائنا فى جميع أنحاء العالم كأصدقاء حقيقيين بدلا من السخرية منهم.

 

حين تم توقيع عقوبات على روسيا بسبب محاولة اغتيال الجاسوس الروسى فى بريطانيا، شكا الرئيس لأسابيع من كبار الموظفين الذين دفعوه لمزيد من المواجهة مع روسيا، وأعرب عن خيبة أمله من استمرار الولايات المتحدة بفرض عقوبات على روسيا بسبب سلوكها، لكن فريقه للأمن القومى كان يعمل بشكل أفضل منه، ودفعه فى سبيل اتخاذ مثل هذه الإجراءات ، لتحميل موسكو المسئولية وعقابها على أفعالها.

 

هذا ليس ما يسمى بأفعال "الدولة العميقة" بل إنه عمل الدولة الثابتة.

 

بالنظر إلى حالة الفوضى التى نشهدها اليوم، فهناك همسات داخل الحكومة والإدارة الأمريكية بأنه يجب البدء فى استخدام التعديل الخامس والعشرين من الدستور والبدء فى عملية معقدة لعزل الرئيس.

لكن لا أحد يريد أن يعجل بأزمة دستورية. لذلك سنفعل ما فى وسعنا لتوجيه الحكومة فى الاتجاه الصحيح حتى ينتهى الأمر بطريقة أو بأخرى.

القلق الأكبر ليس ما فعله ترامب فى الرئاسة، بل ما فعله بنا كأمة ومحاولته إثارة العداوة بين صفوف مواطنينا. لقد غرقنا معه وسمح لنا أن يتم تجريد خطابنا من الحكمة والعقلانية.

 

فى خطابه الوداعى للشعب الأمريكى كتب جون ماكين قائلا: "يجب على جميع الأميركيين أن يلتفوا حول بعضهم البعض وأن ينفصلوا عن فخ التحزب والقبلية، وأن يسيروا خلف الهدف الكبير المتمثل فى توحيد قيمنا المشتركة وحبنا لهذه الأمة العظيمة.

 

ربما فقدنا جون ماكين. لكننا سنحظى دائما بأشخاص مثله، أبطال يسعون لاستعادة الحوار الوطنى وقيم العيش المشترك، هؤلاء الأشخاص الذين سيظل دونالد ترامب يخشى من أمثالهم.

 

هناك مقاومة هادئة داخل الإدارة الأمريكية، لكن الفرق الحقيقى سيتحقق من قبل المواطنين العاديين الذين سيرتقون فوق الخلافات السياسة، وسيسيرون فى طريق واحد ساعين لنبذ الفرقة لصالح واحد: الأمريكيين.

 

الكاتب مسؤول كبير فى إدارة ترامب.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق