في صالون جمال الدين لنا أيام

الجمعة، 14 سبتمبر 2018 07:48 م
في صالون جمال الدين لنا أيام
أحمد إبراهيم يكتب:

المعرفة هي الثروة، تلك هي الحقيقة التي آمنت بها الدول الكبرى، وكانت سببا في تقدمها ونهضتها، فالشعوب المثقفة لا خوف عليها، فحينما تعلم أن متوسط قراءة المواطن الياباني 80 كتابا في العام، والمواطن العربي نصف كتاب، فسوف تكتشف لماذا هم تقدموا ولماذا انحدرنا.. فالفارق في الثقافة والمعرفة بين الغرب والعرب هو نفس الفارق تقريبا في التقدم العلمي والصناعي والتكنولوجي والاقتصادي، فالثقافة لديهم ليست مجرد حشو معلومات مثل التعليم عندنا، الثقافة والتعليم هناك لبناء البشر الذي يبني الحجر والحضارة والمشروعات ويحافظ عليها.

الثقافة عندنا أصابها التدهور الذي أصاب كافة المجالات، فتراجعت إلى أدنى مستوياتها حتى أصابت وزارة الثقافة نفسها وأصبحت وظيفة ، باستثناء بعض الأنشطة الفنية لدار الأوبرا ومعظمها بتذاكر مرتفعة الثمن، حتى صالون الأوبرا الثقافي الذي كان يعقد أسبوعيا ويستضيف عمالقة العلم والسياسية والفكر والأدب في مصر والعالم والوطن العربي، وكان جمهوره بالآلاف من كل المحافظات والأعمار، هذا الصالون اختفى وذهب بلا عودة، كذلك معظم الصالونات الثقافية الخاصة تلاشت رغم أنها كانت قليلة أصلا.

لم يعد لدينا صالونات ومنتديات ثقافية يلتقي فيها المثقفون والمسئولون واصبحنا نفتقد  المسئول المثقف رغم حاجتنا الشديدة إليه في الظروف الحالية التي تعيشها مصر والمنطقة فالمسئول السياسي القارئ المثقف يكون أكثر إبداعا وتجويدا في عمله ويجنبنا مشاكل كثيرا،

من هنا تأتي أهمية الصالون الثقافي المنتظم للدكتور أحمد جمال الدين موسى وزير التربية والتعليم والتعليم العالي الأسبق، والذي أكمل عامه الثالث، هذا الصالون الثقافي الخاص يضم نخبة من المفكرين والكتاب والأدباء والمسئولين السابقين والحاليين وأساتذة الجامعات والخبراء يجمعهم حب الوطن والتطلع إلى نهضته وتقدمه، كل القضايا التي يتناولها تحمل هموم الوطن والمواطن وأحلامه وطموحاته في مستقبل أفضل.

وعلى مدار 19 لقاءا ناقش قضايا غاية في الأهمية مثل التعليم والصحة والصحافة والإعلام واللغة العربية وعلاقة العرب بالغرب وتكنولوجيا المعلومات وكيفية تفكيك الفكر الإرهابي وسلامة المواطنين في وسائل النقل والتغييرات المناخية وغيرها من القضايا المهمة، وكان آخر حلقات الصالون هي مناقشة رواية «ملك التنشين» تأليف صاحب ومؤسس الصالون الوزير الأديب د احمد جمال وهي تتناول رحلة شاب مصري متفوق وطموح، لكنه أراد تجاوز واقعه مستغلا المناطق الرمادية التي تغلف حياتنا الاجتماعية، لينتصر الطريق نحو الثروة والمجد، لكنه يسقط وينتهي نهاية مأساوية.

الوزير الأديب د أحمد جمال الدين، قبل أن يكون أستاذا جامعيا وتدرج في السلم الأكاديمي حتى أصبح رئيسا لجامعة المنصورة، هو أيضا كاتب وروائي له العديد من المؤلفات وبالإضافة إلى رواية «ملك التنشين»، هناك أيضا رواية «لقاء في واحة الحنين» ورواية «فتاة هايدلبرج الأمريكية»، وكتاب حول «كيفية إصلاح مؤسسات الدولة»، حيث يرى أن أزمة مصر الحقيقية في ضعف مؤسساتها الكبيرة والصغيرة، وهذا موضوع غاية في الأهمية يحتاج إلى تفاصيل أكثر في مقال آخر.

 إبداعات جمال الدين تتميز بروح المغامرة والتسامح وينطلق في التعبير عن عاطفة الحب، بيسر وبساطة واسلوب رشيق جميل.. المناصب الإدارية والوزارية أوقفت ابداعاته مؤقتا ولكن بعد قبول استقالته عاد إلى عمل ما يحب وهو كتابة الرواية التي تعطل عنها بسبب المنصب الوزاري الذي جاء في فترة عصيبة من عمر الوطن ولم يكن جائزا أن يرفضه بعد ثورة 25 يناير.

كل الشكر والاحترام للوزير الأديب أحمد جمال لانتظام صالونه المتميز وعلى عمله الروائي الرائع.. وأتمنى أن يعود لمصر دورها الثقافي والتنويري في المنطقة، فالثقافة ليست فقط قوتنا الناعمة بل أكبر سلاح للقضاء على الإرهاب والفقر والجهل والمرض.. واللهم احفظ مصر

للتواصل مع الكاتب: [email protected]

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق