مقبرة بـ7 مليارات جنيه.. حكاية شركة عملاقة قررت الدولة إعلان وفاتها في 2 أكتوبر

الأربعاء، 19 سبتمبر 2018 09:00 ص
مقبرة بـ7 مليارات جنيه.. حكاية شركة عملاقة قررت الدولة إعلان وفاتها في 2 أكتوبر
أسمنت

 
هل يمكن أن يتكلف قبر واحد لميت واحد أكثر من 7 مليارات جنيه؟ هذا ما يحدث مع إحدى الشركات الضخمة المملوكة للقطاع العام، والمنتظر إعلان وفاتها خلال أسبوعين من الآن.
 
خلال الفترة الماضية أُثيرت أحاديث عدة عن الشركة القومية للأسمنت، التي تتكبد خسائر فادحة منذ سنوات، وشكلت الدولة لجنة رسمية لبحث ملفاتها وآليات إنقاذها، لكن المؤشرات والمعلومات المتوفرة عن الشركة كانت قاسية للدرجة التي تجعل فكرة الإصلاح والإنقاذ صعبة وغير ممكنة، فبين ديون تتجاوز 4 مليارات جنيه، واحتياجات عاجلة تقترب من 3 مليارات و700 مليون جنيه، كان الأسهل أن تذهب الشركة إلى القبر.
 
لم يعد يتبق سوى أيام قليلة وبالتحديد  عقب موعد الجمعية العمومية للشركة القومية للاسمنت المحدد لها 2 أكتوبر القادم لتقول الجمعية العمومية ،كلمة الحسم  وتقرر مصير الشركة التى تكبد الدولة خسائر بمليارات الجنيهات.
 
 رئيس الفريق المشرف على كتابة التقرير الخاص بالقومية للأسمنت،الدكتور السيد الطيب قال أن اللجنة حددت عدد من المعاير للتقيم لكل من المحجر والطاقة والوقود والمعدات والبيئة.
 
تابع الدكتور " الطيب" وحصلت الشركة على 4 من 26 فى تقيم اللجنة للمحاجر الخاصة بها، كما حصلت على 18.1 من 24 فى تقيم الطاقة والوقود، و14.4 من 24 فى تقيم المعدادت، و 11.4 فى تقيم إلتزام الشركة بالمعاير البيئية، لتصبح إجمالى تقيم الشركة 47.9 من 100 كما أن حصول الشركة على أقل من 70 من 100 يعنى أن عودتها أمر صعب للغاية.
 
وفجر الدكتور الطيب مفاجآت بقوله أن تقيم المحاجر الخاصة بالشركة متدنى نتيجة أن الشركة لم تجرى دراسة لمحجرها القديم منذ 1956 الا فى عام 2017، وكذلك لم تجرى دراسة للمحجر الجديد الذى اشترته واتضح مستقبلا أنه يعطل الشركة أكثر مما يفيدها، مشددًا على أن مخزون الشركة فى المحاجر لا يكفى للانتاج أكثر من عام ونصف بالإضافة إلى عدم جودته.
 
وتابع أن كفاءة محور الطاقة فى الشركة وحصوله على درجة تقيم جيدة، نظرًا إلى التحديثات التى أجرتها الشركة مؤخرًا والتى أضافت استخدام كافة أنواع الطاقة للشركة عدا الكهرباء.
 
ولفت" الطيب" إلى أن اللجنة ترى أن المعدات لا يمكن تحديثها أكثر من ذلك حتى لا يكون تكلفة كبيرة على الشركة، مؤكدًا أن محور البيئة يعاد 0 طالما الشركة لم تحصل على العلامة الكاملة.
 
وقال إن الشركة تحتاج إلى 60 مليون يورور لتطوير المحجر الخاصة بها، علاوة على  34.4 مليون يورو لتوفير معدات بالشركة لتكون قادرة على العمل بأنواع وقود أقل تكلفة " مزيج من الفحم والمخلفات الصلبة"فضلا عن 210 مليون جنيه أعمال مدنية داخل المصنع لخدمة هذه المعدات، إلى جانب توفير بنية تحتية للبيئة حتى يحصل المصنع على ترخيص عمل والتى تبلغ تكلفتها 142 مليون جنيه، بالاضافة إلى 50 مليون جنيه لشراء أسطول للنقل جديد.
 
 
 "التكلفة الاستثمارية اللازمة الاجمالية فى هذا السناريو سوف تصل إلى 2 مليار ونصف المليار، حتى يستطيع المصنع إنتاج 1.2 مليون طن سنويًا بمعدل 100 الف طن شهريًا".. هذا ما كشفه "الطيب".
 
ولفت إلى أنه بخلاف هذه التكلفة الاستثمارية حتى يعود المصنع للعمل، وما يترتب عليه من ديون وفوائد ديون، فأنه بحساب تكلفة التشغيل العادية لن تحقق القومية للأسمنت مكاسب بل ستصل خسائرها السنوية إلى 302.4 مليون جنيه سنويًا، ممثلة فى الفارق بين تكاليف التشغيل وتكاليف البيع فقط.
 
وأوضح الطيب أن المجموعة الاقتصادية رفضت هذا التصور تمامًا، لكن اللجنة عملت فى محاولة للوصول إلى حلول وليس لتصفية الشركة كما أدعى البعض، مؤكدًا أن اللجنة وضعت تصور أخر لعمل المصنع تمثل فى رفع الطاقة الانتاجية إلى 3.2 طن سنويًا، مشيرًا إلى أن هذا التصور يتكلف 64.8 مليون يورو لتطوير الطواحين والكسارات إلى جانب التكلفة المذكورة فى التصور الأولى والبالغة 2.5 مليار جنيه ليصبح إجمالى تكلفة 3.7 مليار جنيه، لتصبح نتائج مبيعات الشركة فى العام الواحد 2 مليار و 200 مليون جنيه سنويا، لكن هذا السناريو سوف يزيد أمامه الوقود والكهرباء والمشغل الخارجى والانتاج القادم من المحجر، لتصل التكلفة التشغيلية إلى 2 مليار و نصف المليار، وهو ما يعنى خسائر فى فارق مصاريف التشغيل والناتج.
 
وأشار الطيب إلى التصور الثانى يعنى أن معدل العائد على الاستثمارات الجديدة بالشركة  سوف يكون -11% وهو ما سيجعل آى جهة تمويل ترفض منح الشركة التكلفة اللازمة للتطوير لتصل إلى هذه النتائج، لان هذا التصور يعنى أن الشركة سوف تخسر 2.8 مليار جنيه خلال 5 سنوات بخلاف تكلفة القرض البالغة 3.7 مليار جنيه، لذلك فأن الخسائر الاجمالية ستصل إلى 6.6 مليار جنيه خلال 5 سنوات خلال التصور الثانى.
 
وشدد رئيس فريق أعداد تقرير استمراية القومية لللاسمنت، فى كلمته خلال مؤتمر القابضة للصناعات الكيماوية، مساء أمس إن الشركة ماتت منذ عام 1996 عندما استعانت الشركة بمشغل خارجة دون وضع خطه ليكون لديها طاقم مدرب من العاملين بها يستطيع تطوير الشركة، لذلك فأن الشركة لديها عمالة تكلف الطن  المنتج من المصنع 360 جنيه  دون أن تشارك فى انتاجه، حيث يبلغ إجمالى العمالة الفائضة 2060 عامل لا يشاركون فى شىء منذ عام 1996، فى حين أن المشغل الخارجى يدير المصنع بـ 300 عامل فقط ويحصل على مقابل التشغيل.
 
وتابع الطيب أن الشركة لم تكن تكسب فى الماضى، وأن المكاسب التى كانت تسجل قبل ذلك كانت عبارة عن مكاسب وهمية، نتيجة الدعم التى تقدمه الدولة للوقود، لكن إذا ما تم حساب التكلفة الحقيقية للانتاج خلال السنوات التى سبقت 2013 فأن الشركة تخسر وكذلك هو حال الكثير من الشركات الحكومية التى تحصل على دعم فى الوقود.
 
" تكبدت الشركة خسائر خلال عام 2013 كانت تستوجب إغلاقها بفعل القانون لأنها تجاوزت نصف رأس المال، حيث وصلت الخسائر 136 مليون جنيه، لكن القابضة للصناعات الكيماوية ارتأت استمرار الشركة" وفق تصريحات المهندس محمد حسنين رئيس الشركة القومية للاسمنت، والذى قال أن الشركة القومية استمرت في خسائرها خلال عام 2014 و 2015 و 2016 و 2017، لذلك تشكلت لجنة لدراسة نقل الشركة، ثم تغيرت لدراسة استمراراها في نفس المكان.
 
فيما قال عماد الدين مصطفى رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الكيماوية، إنه فى حال قررت الجمعية العمومية للشركة القومية للاسمنت تصفية الشركة فأن العمالة سوف تحصل على مستحقاتهم وفقًا للقانون، مشددًا على أنه بالرغم من أن العمالة تمثل عبء على الشركة بل تمثل السبب الرئيسى فى الخسائر فأنهم لم يوافقوا على مقترحات الشركة القابضة بنقلهم لشركات أخرى فى وظائف تعادل وظائفهم السابقة.
 
وكشف " مصطفى" إن هناك بلاغ مقدم للنائب العام حول طرق زيادة العمالة فى الشركة إلى هذا الحد، حيث ثبت أن رئيس مجلس إدارة الشركة فى عام 2011 و فى عام 2005 استغل منصبه للترويج إلى نفسه فى الانتخابات وعين 1200 عامل جدد، مشيرًا إلى أنه كلف مجلس الإدارة القومية للاسمنت بإحالة 5 بلاغات للنيابة العامة من بينهم البلاغ المتهم فيه وزير قطاع الإعمال السابق، والخاص بإهدار المال العام.
 
ولفت إلى أن مجلس إدارة اتخذ قرار  بالسير فى الاجراءات ببيع أسهم القومية للاسمنت فى  شركة السويس للاسمنت والتى تصل من 80 إلى 90 مليون جنيه بناء على سعر السهم الحالى، وبيع 30% فى شركة النهضة لاسمنت ملك للشركة القومية للاسمنت، وذلك لصالح سداد ديون الشركة لدى الكهرباء والغاز، مؤكدًا أن مديونيات القومية تزيد عن 4 مليار جنيه، من بينهم 3.6 مليار للغاز و 300 مليون للكهرباء و150 ألف للبنوك.
 
وتابع أن باقى المديونيات سوف يتم سدادها بعد بيع الأصول الممثلة فى الخرده والاسمنت المواد الخام والمعدات، وإذا لم تكفى هذه المبالغ سوف يتقاسم الدائنين جزء من المديونيات، مشددًا على أن القول الفصل  فى هذا الاهدار للمال العام سوف يكون خلال الجمعية العمومية خلال 2 أكتوبر القادم، مشددًا على الشركة القابضة للصناعات دعت  الاعضاء الممثلين للعمال فى مجلس إدارة القومية للأسمنت ل للاجتماع بهم وطرح تفاصيل الدراسات عليهم لكنهم لم يحضروا و لم يعتذروا.
 
 
حرص رئيس اللجنة،فى ختام الاجتماع الذى عقدته الشركة القابضة للصناعات القومية، على التأكيد على أن فريق العمل الذى يكتب التقرير الخاص بالقومية للاسمنت يضم أساتذة من قسم هندسة المناجم و الفلزات بكلية الهندسة جامعة القاهرة، و مركز البحوث والدراسات التعدينية بكلية الهندسة جامعة القاهرة، وكذلك جامعة الاسكندرية وعين شمس.
 
فاللجنة- وفق الاجتماع- لم تشكل لتصفية القومية للاسمنت، لكنها شكلت لدراسة ثلاث محاور هم تقيم الأداء ثم تشخيص مواطن الداء و الخلل و تحديد الحلول، مشددًا على إنه لا يوجد شخص في فريق العمل ، يمت بصلة للشركة أو الشركة القابضة للصناعات الكيماوية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة