على غرار تركيا.. هل تساهم حماقة إسرائيل فى زيادة المكاسب الروسية بالشرق الأوسط؟

الجمعة، 12 أكتوبر 2018 01:00 م
على غرار تركيا.. هل تساهم حماقة إسرائيل فى زيادة المكاسب الروسية بالشرق الأوسط؟
الرئيس الروسى فلاديمير بوتين
كتب بيشوى رمزى

تحويل النكبة إلى انتصار.. شعار تبناه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى سياساته الدولية الإقليمية، وتمكن خلاله من تحقيق العديد من المكاسب على حساب خصومه الدوليين، وفى القلب منهم الولايات المتحدة وحلفائها، وهو الأمر الذى بدا واضحا فى النهج الذى تبناه فى تعامله مع تركيا بعد إسقاط الطائرة العسكرية الروسية من طراز "سوخوى" على الأراضى السورية قبل عدة سنوات، فكانت الحماقة التركية هى بمثابة البوابة التى نجح من خلالها بوتين إخضاع أردوغان وتقويض نفوذه فى سوريا، عبر ما يسمى بـ"اتفاق إدلب"، والذى وافقت خلاله تركيا على تفكيك الجماعات الإرهابية الموالية لها وبالتالى قطع أذرعها المسلحة هناك.
 
إلا أن الحماقة لا تقتصر على تركيا، حيث تكرر المشهد من جديد على نفس المسرح، بينما كانت الأيادى المتورطة فى الحادث إسرائيلية هذه المرة، حيث تسبب الجيش الإسرائيلى فى إسقاط طائرة روسية على الأراضى السورية من جديد، مما أدى إلى مقتل طاقمها بالكامل، حيث باءت المحاولات الروسية تحميل الجيش السورى مسؤولية الهجوم، لتعلن وزارة الدفاع الروسية صراحة أن الدولة العبرية هى المسؤول الأول عن الحادثة، وهو ما يطرح تساؤلات حول الكيفية التى يمكن أن تتعامل بها مع إسرائيل لتحقيق أكبر قدر من المكاسب فى المرحلة المقبلة على حساب المنافس الرئيسى فى المنطقة هو الولايات المتحدة.

عقاب روسى.. الحلقة الأولى من مسلسل إخضاع الخصوم
لعل القرار الروسى بتسليم الجيش السورى صواريخ من طراز "إس 300"، بالإضافة إلى وجود صواريخ "إس 400" بحوزة القوات الروسية فى سوريا، يمثل عقابا صريحا للحكومة الإسرائيلية بعد إسقاط الطائرة، خاصة وأن وجود هذه الصواريخ فى أيدى الجيش السورى سوف يمكنه من مجابهة أية هجمات إسرائيلية مستقبلية على الأراضى السورية، وهو ما يثير القلق الإسرائيلى، خاصة مع استمرار الوجود الإيرانى فى سوريا، بالقرب من منطقة الجولان المحتلة.
 
الموقف العقابى الروسى من إسرائيل يمثل فى جوهره تكرارا لموقف موسكو من أنقرة على خلفية إسقاط طائرتها قبل عدة سنوات، وإن اختلفت طبيعة العقاب، حيث ركزت روسيا حينها على استهداف الاقتصاد التركى، باعتباره الحلقة الأضعف، فقررت حكومة بوتين تجميد حظر الصادرات من أنقرة، بالإضافة إلى منع السائحين الروس من السفر إلى هناك، وهو ما ساهم فى تضييق الخناق على أردوغان وبالتالى إجباره على التحليق فى المدار الروسى الإيرانى على حساب حلفائه الغربيين، من خلال الانضمام إلى مباحثات أستانا، والتى ساهمت بصورة كبيرة فى تجريد أنقرة من حلفائها الغربيين، وبالتالى إخضاعها لهيمنة بوتين، حتى تمكن من تقويض دورها تماما فى روسيا.

وساطة محتملة.. روسيا تسعى لإخراج إسرائيل وإيران من سوريا
وهنا يصبح سلاح العقوبات فى ذاته مجرد وسيلة روسية لفتح الباب أمام تقارب مستقبلى بين إسرائيل من جانب وروسيا وحلفائها ، وعلى رأسهم إيران، من جانب آخر، وهو ما ينظر إليه البعض باعتباره أمرا مستحيلا فى ظل العداوة التى يحملها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو للنظام الحاكم فى إيران، بالإضافة إلى العلاقة القوية التى تجمع بين إسرائيل والولايات المتحدة فى ظل المواقف التى تتبناها إدارة ترامب لدعم الدولة العبرية، وهو ما يبدو مختلفا بعض الشئ عن الموقف التركى سواء فى أواخر عهد أوباما أو خلال عهد ترامب، حيث كانت هناك خلافات كبيرة بين تركيا وحليفها الأمريكى حول الدور الذى تقوم به أنقرة فى سوريا.
 
ولكن بالرغم من ذلك تبقى احتمالات قيام الحكومة الروسية بدور الوسيط بين الدولة العبرية ونظيرتها الفارسية أولوية مهمة للرئيس الروسى فلاديمير بوتين، خاصة وأن المصالحة أو على الأقل الوصول لحالة اللاسلم واللاحرب بين البلدين من خلال الحد من الاحتكاكات يشكل ضمانة لخروجهما من الأراضى السورية، وبالتالى تحقيق الأمن والاستقرار فى سوريا بعد سنوات من الصراع والحروب، وهو ما يمثل إضافة قوية لنجاحات موسكو فى الأزمة السورية.

دور أكبر.. روسيا تسعى لمزاحمة أمريكا فى القضية الفلسطينية
الدور الروسى المحتمل للوساطة بين إيران وإسرائيل، ربما يمثل مكسب جديد لموسكو فى منطقة الشرق الأوسط، حيث أن نجاح مثل هذا الدور سوف يفتح الباب أمامها للقيام بدور أكبر فى القضايا الأخرى بالمنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والتى يسعى الرئيس الروسى إلى مزاحمة النفوذ الأمريكى فيها، خاصة بعدما باتت الظروف مؤهلة لذلك بعدما تخلى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن نهجه الحيادى فى التعامل مع القضية.
 
ولعل الموقف الفلسطينى من الولايات المتحدة بعد سلسلة الإجراءات والقرارات التى اتخذتها الولايات المتحدة لدعم إسرائيل قد فتحت الباب على مصراعيه أمام موسكو للقيام بدور قوى ومؤثر فى القضية الفلسطينية فى المرحلة المقبلة، وإن كانت إسرائيل تمثل العقبة نحو تحقيق ذلك، إلا أن حماقة إسرائيل الأخيرة بحق روسيا ربما تضع تفاصيلا جديدة وتساهم فى تغيير جديد فى خريطة القوى الدولية فى منطقة الشرق الأوسط.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق