وداعا للعزلة الاستثمارية.. مصر تخطو بقدم ثابتة نحو مناخ اقتصادي أفضل

في الأعوام الماضية وبالتحديد قبل عام 2014، عاشت مصر في منعزل اقتصادي عن العالم وتحديات آثرت بدورها على مناخ الاستثمار، ودفعت بالمستثمرين الأجانب للهروب بأموالهم، بحثا عن سوق أفضل.

لذا كان لازما على الدولة البحث عن آلية لجذب الاستثمار الأجنبي مرة أخرى وتذليل العقبات الإدارية والخلل في البنى التحتية، وهو ما فعلته بداية من تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في البلاد، والإعلان عن رؤى طويلة وقصيرة المدى.

الرئيس السيسي في افتتاح عدد من مراكز الاستثمار

جهود الدولة مدفوعة بأوامر القيادة السياسية، تحركت متزامنة في عدة قطاعات، فحملت الحكومة بوزاراتها المعنية على عاتقها تلك المهمة، يساندها مجلس النواب بتشريعيات تعزز مجال الاستثمار، فرفعت من كفاءة البُنى التحتية واتخاذ خطوات جادة في برنامج الإصلاح الاقتصادي.

وأثمرت كافة التحركات في إشادات دولية وارتفعات في معدلات الاستثمار في مصر، كشف عنها تقرير في أبريل الماضي للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، بلغ فيه صافي الاستثمارات الأجنبية في مصر 7.9 مليار دولار، خلال العام المالي الماضي 2016/ 2017، وهو الرقم الذي أعلنه البنك المركزي المصري في شهر أكتوبر الماضى بعد انتهاء العام المالي بـ 3 أشهر.

وكشف الجهاز في تقريره عن تفاصيل جديدة حول التدفقات الأجنبية في السوق المصري خلال العام المالي 2016/ 2017، حيث ارتفع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال العام المالي الماضي المنتهى في 30 يونيو 2017، بنسبة تجاوزت 14% عن العام المالي السابق له 2015/ 2016.

إضافة لارتفاع حجم الاستثمار لدول بعينها ، حيث رفعت 21 دولة من حجم استثماراتها بالقاهرة –هي: الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، ايطاليا، بلغاريا، بلجيكا، النمسا، قبرص، رومانيا، بولندا، التشيك، مالطا، السعودية، الكويت، الأردن، لبنان، اليمن، سويسرا، اليابان، كندا، الصين، برمودا- منها 8 دول بلغ حجم الزيادة في مشروعاتها وتدفقاتها المالية تجاوز 100%، كذلك دخول جديدة للسوق لم يكن لها استثمارات من قبل حتى العام 2015 / 2016، هما البرتغال واستونيا، استثمرت البرتغال خلال العام 2016/ 2017 باستثمارت بلغت قيمتها 300 ألف دولار، أما استونيا فاستثمرت بنحو 100 ألف دولار.

 

إشادات دولية حتى الآن

أول أمس، أشاد الدكتور جيم كيم، رئيس مجموعة البنك الدولي، بنجاح برنامج الإصلاح في مصر، خاصة في الاستثمار في رأس المال البشري، مضيفًا أنها نجحت في خفض دعم الطاقة لجعل الاستثمارات في رأس المال البشرى بشكل أشمل، وساعدها البنك الدولي في استقطاب الاستثمارات الأجنبية من القطاع الخاص في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، ما أدى إلى زيادة المساحة المالية للحكومة المصرية بنحو 14 مليار دولار سنويًا، ووصول التغذية المدرسية إلى نحو 12 مليون طفل، إضافة إلى تحولها الشامل في تطوير الصحة والتعليم وتأسيس شبكات متكامل للصرف الصحي.

وقال في الجلسة الافتتاحية للاجتماعات السنوية للبنك الدولى وصندوق النقد الدولى، والمنعقدة فى مدينة بالى الإندونيسية، حضرتها الدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، والدكتور محمد معيط وزير المالية،  أن البنك الدولى يضع أولوية لتمويل الكوارث الطبيعية، ومساعدة الدول على الاستثمار في شعوبها في الصحة والتعليم لاطلاق الطاقة المتكاملة، وتعزيز النمو الاقتصادي والحد من الفقر في كل أنحاء العالم بحلول 2030 وتعزيز الرخاء المشترك في العالم.

وأشار إلى أن أكثر من مليار شخص في العالم خرجوا من الفقر المدقع، لكن مازال هناك أكثر من نصف سكان العالم يعيشون على أقل من نصف دولار فى اليوم، وهو ما يجعل البنك يضاعف من جهوده لدفع النمو الشامل والمستدام من خلال تجميع استثمارات القطاع الخاص واتخاذ إجراءات عاجلة نحو تغيرات المناخ.

 جهود مستمرة

وتواصل وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي الدكتورة سحر نصر جهودها في تعزيز مناخ الاستثمار، وفتح مجالات للتعاون مع الدول، حيث اتفقت الجمعة، مع إريك ماير، نائب مساعد وزير الخزانة الأمريكي لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، على زيادة التعاون بين البلدين خلال الفترة المقبلة، خاصة فيما يتعلق بالتنمية والاستثمار، ودعم مشروع تنمية سيناء.

وبحث الجانبان تعزيز أوجه التعاون الثنائى بين مصر والولايات المتحدة على الصعيد الاقتصادي، وسبل زيادة حجم الأنشطة الاستثمارية للشركات الأمريكية في مصر لاسيما في ضوء التقدم المحرز في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي وتهيئة البنية التشريعية والإدارية لجذب مزيد من الاستثمارات إلى مصر.

 

وقدم صندوق الدعم الاقتصادي (ESF) لمصر حوالي 800 مليون دولار خلال الفترة 2014-2018 في قطاعات مثل التمكين الاقتصادي والاجتماعي للشباب والمرأة، والمياه والصرف الصحى، والتعليم، والصحة، وتنظيم الأسرة، والزراعة، بحسب إريك، مشيدًا بالإصلاحات الاقتصادية في مصر، والتي جعلت الشركات الأمريكية تقوم بتوسيع استثماراتها في مصر بنحو مليار دولار خلال العام المالي 2017/2018.

 وأشارت سحر نصر، إلى أن مصر قامت بعمل إصلاحات تشريعية ساهمت في تحسين مناخ الاستثمار، كما تم إجراءات تطوير في الخدمات المقدمة للمستثمر في مركز خدمات المستثمرين لتسهيل كافة الإجراءات له، إضافة إلى إطلاق خريطة مصر الاستثمارية والتي تتضمن كافة الفرص الاستثمارية في مختلف المجالات.

 

البرلمان على مواصلة السعي

على مدار الانعقادات الثلاث السابقة لمجلس النواب، حصل البرلمان بحسب مراقبون  على العلامة الكاملة في مجال تعزيز الاستثمار، ممثلا في اللجنة الاقتصادية والتي عملت على تذليل كافة العقبات التشريعية أمام النواب.

النائب عمرو غلاب عضو مجلس النواب، قال إن اللجنة عملت في الفترة الماضية على حل مشاكل المستثمرين مع الضرائب، والمشاكل الجمركية والضريبية وتذليل المعوقات التى قد تواجه بيئة الاستثمار في مصر وتوافق أفضل الممارسات العالمية سيجذب الاستثمارات الأجنبية بشكل كبير .