في ذكرى افتتاح مكتبة الإسكندرية.. قرص الشمس غير المكتمل

الثلاثاء، 16 أكتوبر 2018 06:00 م
في ذكرى افتتاح مكتبة الإسكندرية.. قرص الشمس غير المكتمل
مكتبة الإسكندرية
وجدي الكومي

في التسعينات، أطلقت مصر مشروعها القومي وحلمها بإنشاء مكتبة كبيرة في محافظة الإسكندرية، بدأ التخطيط لإنشاء المكتبة في العام 1993، نهض الحلم على أسطورة المكتبة البطلمية القديمة التي كانت تعرف باسم " ببلتيكا دي لي اكسندرينا"، والتي احترقت أبان حرق يوليوس قيصر سفنه المائة على ساحل البحر المتوسط أمامها، بعدما حاصره بطليموس الصغير، وامتدت نيران حرق السفن إلى المكتبة.

 
القبة السماوية بمكتبة الإسكندرية
القبة السماوية بمكتبة الإسكندرية

استمر التخطيط وأعمال البناء في الفترة من 1993، حتى العام 2001، وبدعم من اليونيسكو، تم تدشين وافتتاح المكتبة في السادس عشر من أكتوبر عام 2002، في احتفال كبير حضره ملوك ورؤساء وملكات ووفود دولية رفيعة المستوى.

تعتبر مكتبة الإسكندرية الواقعة على ساحل البحر المتوسط منشأة مذهلة في بنائها، مبنية على أحداث طراز، وروعي في البناء أن يتصل بتاريخ المدينة، وتراثها الحضاري، وكلما يزور أحدهم الإسكندرية، فلابد أن يقف مبهورا بالتصميم المعماري الأخاذ، الذي صممته شركة سنوهيتا النرويجية بالتعاون مع المعمارى المصرى ايهاب الحباك، ونفذته شركه المقاولون العرب مع الشركه الانجليزيه "بلفور بيتى" والتشطيب مع الشركه الايطاليه "روديو تريفى" ، والذي جاء على شكل تصميم مبنى اسطواني غاطس تحت الأرض مماثلا لشروق الشمس، وتكسو الجدران المحيط بالمكتبة أحجار الجرانيت الأسواني غير اللامع مع الحفر عليه بعلامات وحروف أبجدية، والسطح الخارجي للمكتبة مصمم لعدم دخول اشعة الشمس ولكن يسمح للضوء الطبيعي بالداخل لتوفير تكاليف الإضاءة الصناعية قدر الإمكان، وعدم وجود ابهار للقراء وتكلف المشروع الذي نفذته مصر بالتعاون مع الأمم المتحدة نحو 213 مليون دولار، وتقدر مساحتها بنحو 80 ألف متر مربع، وتضم 11 طابقا.
 
جانب من مبنى المكتبة
جانب من مبنى المكتبة

 

ويتكون شعار المكتبة من 3 عناصر، هي قرص الشمس غير المكتمل ومياه البحر، والفنار، في إشارة إلى بزوغ قرص الشمس من مياه البحر، مرسلا ضوءه ونوره إلى أرض مصر، للتعبير عن فكرة إشراق مكتبة الإسكندرية من جديد على ساحل البحر المتوسط لإحياء دور المكتبة الحضاري، أما الفنار، فيرمز إلى فنار الإسكندرية وموطن المكتبة القديمة، حيث كان الفنار أحد عجائب الدنيا السبع.

 

 

مكتبة الإسكندرية بالشاطبي
مكتبة الإسكندرية بالشاطبي

من البحر، تظهر المكتبة على هيئة قرص بميل مائة وستين مترا، مائلة إلى الأمام باتجاه الماء، أراد المهندسون المعماريون استرجاع الطبيعة الدورية للمعرفة.

فيما تم وصفه بأكبر صفقة ثقافية في تاريخ المكتبات، كانت فرنسا سباقة في بذر بذور الكتب في مكتبة الإسكندرية بعد تشييدها، إذ أهدت المكتبة نصف مليون كتاب باللغة الفرنسية، في عدة مجالات، العلوم والآداب، والتاريخ، والجغرافيا، ونتيجة لهذه الهدية، صارت مكتبة الإسكندرية المكتبة الفرانفكونية الثانية في العالم، بعد مكتبة نيويورك، في ثراء مجموعاتها باللغة الفرنسية، وبعد مكتبة فرنسا القومية، ومكتبة جنيف، ومكتبة ليون بفرنسا، ومكتبة لافال بكندا.

كما تفوقت مكتبة الإسكندرية في مقتنياتها الفرنسية على جامعة مونتريال في كندا، التي تحتوي على 534 ألف كتاب، ومكتبة الكونجرس التي تحوي 433 ألف كتاب، ومكتبة هارفارد التي تحوي 509 ألف كتاب.

 

 

مكتبة الإسكندرية صورة من السماء
مكتبة الإسكندرية صورة من السماء

ولكاتب هذه السطور تجربة مؤثرة مع مكتبة الإسكندرية، لها دلالتها على الدور العظيم الذي تلعبه المكتبة في حياة المصريين، إذ تفتح المكتبة قسما لتلقي الإهداءات، وحينما حارت الأسرة فيما تفعله في مكتبة موسيقية ضخمة خلفها الموسيقار الراحل مجدي الكومي، مؤسس قسم الدراسات الحرة بمعهد الموسيقى العربية، اتصلت بالمكتبة، التي سارعت بإرسال سيارة، لتقبل إهداء هذه الكتب، ووضعها في مكتبة الإسكندرية في قسم خاص بالإهداءات.

ومن المهم الإشارة إلى أن مكتبة الإسكندرية ليس مجرد صرح ثقافي كبير، يختص فقط بالكتب، وغيرها، أو الأنشطة الثقافية وحدها، إنما تحوي أيضا عدة متاحف، منها ما هو مختص بعرض الآثار، ومنها ما هو مختص بعرض المخطوطات، التي كانت موجودة بمكتبة بلدية الإسكندرية، ويحوي متحف المخطوطات 16 ألف كتاب نادر، ومصاحف أثرية، منها مصحف ابن البواب.

ومن بين المخطوطات النادرة التي يحويها متحف المخطوطات بمكتبة الإسكندرية، مخطوطة تفسير القرآن "للبستى" وهى أقدم مخطوطة بمكتبة الإسكندرية، مؤرخة بسنة 368 هـ 978 م، كتبت بخط كوفى وتعد هذه المخطوطة من أهم الوثائق التى تؤرخ لتطور الكتابة العربية فى القرن الرابع الهجرى – العاشر الميلادى.

 

 

 

مكتبة الإسكندرية
مكتبة الإسكندرية

كما يحوي متحف المخطوطات كتاب الموتى الفرعوني، وهو نسخة طبق الأصل من بردية آني المتواجدة بالمتحف البريطاني والبردية إحدى النماذج المثالية لكتاب الموتى من عصر الدولة الحديثة.

أما ما يعرف بالقبة السماوية، فهو مركز تم تشييده داخل الهرم المقلوب أسفل القبة السماوية بالمكتبة، ويحوي متحف تاريخ العلوم، وصمم المتحف كوفاء للعلماء الذين أسهمت أعمالهم في نشر المعرفة العلمية، ويتضمن قاعة استكشاف تقع بجانب القبة السماوية حيث يمكن لزوار المكتبة التفاعل مع المعارض المعنية بشتى الموضوعات العلمية، ويهدف مركز علوم القبة السماوية إلى نشر الثقافة العلمية وفقا لغرض تشييده.

وتعاقب على رئاسة المكتبة منذ إنشائها رئيسان، أولهما إسماعيل سراج الدين، ويشغل المنصب حاليا الدكتور مصطفى الفقي

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق