سوار الذهب.. مشير آمن بـ«مصير الشعوب» دون أطماع

الجمعة، 19 أكتوبر 2018 09:00 م
سوار الذهب.. مشير آمن بـ«مصير الشعوب» دون أطماع
الرئيس السودانى الأسبق المشير عبد الرحمن

«إذا ما حاولنا أن نحصي أفضال مصر علي السودان لا نستطيع أن نوفيها، وتظل في طموحنا دائما الوحدة مع مصر ووحدة شعب وادي النيل»، جسد الرئيس السوداني الراحل عبد الرحمن سوار الذهب، العلاقة بين القاهرة والخرطوم بتلك العبارة، معتبرًا أنها دستورا بين البلدين.

صباح الخميس، 18 أكتوبر، رحل الرئيس السوداني الأسبق سوار الذهب عن عمر ناهز 83 عاما، فى المستشفى العسكري بالعاصمة السعودية الرياض، تاركًا خلفه تاريخ هام في الحياة السودانية، في فترة توليه السلطة عقب انتفاضة «أبريل 1985» وتسليمه السلطة لحكومة منتخبة بعدها بعام واحد.

12 شهرا تولاها سوار الذهب لرئاسة السودان، قال عنها المشير الراحل، إن الأمر كله كان عائدا للشعب السوداني نفسه وإرادته بداية من التحرك الشعبي لإسقاط حكومة جعفر النميري فى أبريل 1985، وتصادف وجود النميري خارج السودان فى ذلك الوقت، وتحرك الشعب السوداني تحركا واسعا بجميع أحزابه السياسية التي تعمل تحت الأرض حيث لم يكن هناك أحزابا معترف بها رسميا سوى حزب الاتحاد الاشتراكي.

وبحسب ما نشر عنه: «حينما رأيت أن الشعب السوداني بأجمعه قد دخل فى عصيان مدني، أي أن إضرابا سياسيا عاما قد حدث، أذكر أنني وبوصفي وزيرا للدفاع كنت عضوا فى ما يسمى بقيادة الاتحاد الاشتراكي، وفى ذلك الوقت طلبت من القادة الاشتراكيين فى الاتحاد الاشتراكي السوداني أن يتواصلوا مع الشعب وأن يدعوا مؤيديهم لإظهار ولاءهم للشعب السوداني ولحكومة الرئيس النميري».

وبحسب روايته عن أحداث 1985: «حينما جاء يوم الثلاثاء ظننت أن نصف أو ربع الشعب السوداني على الأقل سوف يشترك فى هذه المظاهرة تأييدا للرئيس النميري، ولكن بكل أسف لم يخرج فى هذه المظاهرة إلا قلة وكنت أنا ضمن هذه القلة مرتديا الزى العسكري كقائد عام ووزير للدفاع وعضو فى الاتحاد الاشتراكي، فأدركت فى تلك اللحظة أن الرئيس النميري وحكومته لم يعد لها أي شعبية وسط شعب السودان».

 

ينتمي سوار الذهب لعائلة عريقة تمتد جذورها إلى العباس بن عبد المطلب، جاءت عائلته للسودان قبل قرون، حيث استقرت شمالا، والتقى جده مع المؤرخ المغربي التلمساني فى 1504 -المؤرخ الذى سجل تاريخ العائلة- وقال إن جده الأكبر كان تنقل من السودان لشمال أفريقيا قبل أن يستقر فى أسوان بمصر، ثم يعود مرة أخرى للسودان حيث أسس مسجده ومعهده الديني -يحملان اسمه- في مدينة «دنقلا» السودانية.

وولد المشير نفسه عام 1934 بمدينة أم درمان وتلقى جميع مراحل التعليم الأساسي فى مدرسة قرطبة التي تعد ثالث مدرسة ثانوية حكومية تتأسس فى السودان.

 

وحول سبب تولي سوار الذهب للسلطة: «بوصفي قائدا عاما للجيش السوداني قمت بجولة فى وحدات القوات المسلحة: فرقة المدرعات، وفرقة المظليين، وفرقة المهندسين وكثير من هذه الوحدات قمت بجولة ميدانية إليها، واستمعت إلى الجنود وإلى آراء الضباط بالذات، ووجدت أنهم كانوا يجمعون على أنه لم يعد للرئيس النميري أي نوع من الشعبية ليظل فى الحكم، فدعوت إلى اجتماع فى القيادة العامة لكبار القادة العسكريين وتشاورنا فى الأمر وكان يجمعنا أن الأمر أصبح الآن واضحا، وحرصا على السودان وحقنا لدماء شعبة فلابد للقوات المسلحة أن تأخذ جانب الشعب وتعلن نهاية حكم الرئيس جعفر النميري وعلى القوات المسلحة أن تتولى السلطة لفترة محدودة تجرى خلالها انتخابات دستورية ثم تسلم السلطة إلى ممثلي الشعب وتعود بعد ذلك إلى ثكناتها».

سوار الذهب برتبة ملازم
سوار الذهب برتبة ملازم
 

بدأ سوار الذهب حياته العسكرية مبكرا، حيث التحق بالكلية الحربية وتخرج منها برتبة ملازم فى 1955، وهو نفس العام الذى بدأ فيه تمرد جنوب السودان، وبالتالي كانت تلك أول محطة فى تاريخه المهني من خلال القوة التي قاتلت ضد التمرد وعرفت باسم «الفرقة الاستوائية» لمنع انفصال الجنوب السوداني عن الشمال وكان يقول عن مهمته تلك إنها كانت السبب فى توجه كل العسكريين السودانيين منذ ذلك التاريخ نحو منع انفصال الجنوب عن الشمال فى السودان.

 

وبعد صد التمرد واصل سوار الذهب دراسته حيث حصل على دورات دراسية فى بريطانيا مرتين وفى أمريكا والأردن التي حصلها منها على الماجستير فى العلوم العسكرية من جامعة مسلم العسكرية، وبعدها حصل على زمالة الكلية الحربية العليا من أكاديمية ناصر العسكرية بالقاهرة، ثم عاد للسودان وترقى فى المناصب حتى وصل لرتبة فريق أول والقائد العام للجيش السوداني.

وبعد اعتزال الحكم تفرغ سوار الذهب لأعمال الدعوة الإسلامية من خلال منظمة الدعوة الإسلامية كأمين عام لمجلس أمنائها. وترأس مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية فى السودان، التي كان من إنجازاتها تشييد عشرات المدارس الثانوية، والابتدائية والمتوسطة، وتشييد أكثر من 2000 مسجد فى أفريقيا وشرق أوروبا، إلى جانب حفر أكثر من 1000 بئر للمياه، وتشييد 6 ملاجئ للأيتام والإشراف عليها فى أفريقيا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق