محمد فوزي.. الموسيقار الكبير أدخل مصر صناعة الاسطوانات ومات حسرة عليها

السبت، 20 أكتوبر 2018 03:00 م
محمد فوزي.. الموسيقار الكبير أدخل مصر صناعة الاسطوانات ومات حسرة عليها
الموسيقار الراحل محمد فوزي
وجدي الكومي

لم يكن يعرف أنه سيكون مغنيا، أو ملحنا، كان يتمنى أن يترك طنطا، بلده الذي وُلد فيه، في الخامس عشر من أغسطس عام 1918، إنه الفنان الكبير الراحل محمد فوزي، الراحل في مثل هذا اليوم، العشرين من أكتوبر عام 1966.

حصل «فوزي» على شهادة الابتدائية من مدرسة طنطا عام 1931، وكان يحب الغناء في مدرسته، مقلدا الموسيقار محمد عبد الوهاب، وأم كلثوم.. مدرسوه دعوه للالتحاق بمعهد الموسيقى العربية بعدما سمعوا صوته الجميل وأثنوا عليه وهو ما جعل الحلم بأن يصبح كعبد الوهاب ينمو داخله.

محمد فوزي
محمد فوزي

التقى محمد فوزي في صباه بفرقة إنشاد كانت تزور مولد سيدنا الدسوقي، وعندما استمع أحد أعضاء هذه الفرقة لصوته العذب، دعوه إلى أن يصحبهم خلال الليالي التي يحيونها بتلك الموالد، مقابل جنيه عن كل ليلة.

فرح محمد فوزي الصغير – كانت هذه تسميته بين أعضاء الفرقة آنذاك- بالمقابل المادي الكبير 30 جنيها في الشهر، وفي مرة من المرات، فوجئ باستدعائه من ضابط استهجن غنائه بالموالد، وطلب منه أن يعود إلى طنطا، وهو ما استجاب له وكف عن الغناء في الموالد.

أحب فوزي أغنية «خايف أقول اللي في قلبي» وهي الغنوة التي اعتاد غنائها في الموالد في صباه، وحينما كف فوزي عن الغناء في الموالد بدسوق، جاء إلى القاهرة، والتحق بمعهد الموسيقى العربية.

في معهد الموسيقى العربية التقى بمصطفى العقاد، الذي كان يرأس فرقة «العقاد الكبير» بالمعهد، ورحب العقاد بمحمد فوزي، واحتضن موهبته، وشجعه، وبدأ يعقد له تدريبات على الغناء، بعدما أعجب بصوته، قائلا له: «أنا هستلمك، واعتبرني والدك، وسأصحبك في الحفلات، لتتمرن على مواجهة الجمهور».

كان مصطفى العقاد شديد الاحتفاء بمحمد فوزي، ويقدمه إلى عبد الغني السيد، والمغنيين الكبار آنذاك، يحكي «فوزي» عن هذه الفترة قائلا في تسجيل صوتي له قديم: «بدأت الحفلات تتوالى، وبدأت أشارك في الأمسيات التي تعقدها القهاوي، وشاركت لأول مرة بأغنية "آدي الميعاد قرب ولا جتش" كانت غنوة تستمر لمدة 4 دقائق، فيها التعبير بالإحساس، واتجه فكري إلى أني يجب أن أتوجه للإذاعة، وأنتج فيها أغان، وتقدمت، والتقيت بمصطفى رضا، الذي كان مهيمنا على الأمور الفنية، وكان يهتم بالطرب القديم»، وعلى الرغم من رغبة محمد فوزي في إنتاج الجديد، إلا أنه اصطدم برغبة مصطفى رضا في الغناء القديم، فقرر رضا أن يرفده من الإذاعة بسبب غنوة «يا نور جديد في يوم سعيد»، كونها لم تلق قبولا لدى مصطفلا رضا.

يشير فوزي إلى أن أعظم الأعمال التي جذبته، عمل الأوبريتات والغناء المسرحي، فاتح صاحب «طير بنا يا قلبي» الحديث في مسألة عمل الأوبريتات الإذاعية، وأنتج في الإذاعة أوبريت «نور الصباح» المأخوذ من فكرة سندريلا.

عن الدور الذي لعبه الفنان الكبير الراحل محمد فوزي، أصدرت وزارة الاستثمار كتابا عنه في سلسلة رواد الاستثمار، حمل عنوان «محمد فوزي..المجد والدموع»، للناقد والباحث مصطفى بيومي، وصدر فيما بعد في طبعة خاصة بمكتبة الأسرة، ويشير الباحث في كتابه  إلى واقعة تأميم شركته «مصر فون» لإنتاج الأسطوانات الفنية، وكانت صناعة وإنتاج أسطوانات الموسيقى والغناء حكر على الأجانب، فجمع «فوزي» كل مدخراته ووضعها كرأس مال لهذه الشركة التي افتتحها في 30 يوليو عام 1958، ووقتها أشاد عزيز صدقي وزير الصناعة بالمشروع، حيث كانت الأسطوانة تستورد بجنيه، مما يمثل عبئا على كاهل الدولة ويستنزف العملة الصعبة، أما الأسطوانة التى انتجها مصنع فوزي، فكانت بثلث هذا المبلغ حسبما يشير الكاتب الصحفي حلمي النمم في مقال له عن فوزي.

غلاف كتاب المجد والدموع محمد فوزي لمصطفى بيومي
غلاف كتاب المجد والدموع محمد فوزي لمصطفى بيومي
 

يقول حلمي النمنم: «وضع فوزي نظام تعاقد محترما للفنان، بعدما كانت الشركة الأجنبية تدفع مبلغا معينا للمطرب وتنتهي علاقته بعمله، لكنه أضاف أنه من حق الفنان أن ينال نسبة معينة من إيرادات الاسطوانات، وهكذا استفاد الفنان والجمهور، فضلا عن الصناعة والاقتصاد الوطني، ويذكر له معاصروه أن علاقته كانت ودودة بالعمال في مصنع الأسطوانات وكانوا يقدرونه».

في العام 1961، تم تأميم مصنع محمد فوزي، ضمن سياسة التأميمات التي كانت متبعة آنذاك، وحدد له مسؤولوا التأميم مكتبا صغيرا يجلس فيه بدلا من مكتبه، وقدروا له رابتا معينا، مما أصابه بمرض غريب ونادر، من كثرة حزنه على مجهوده الذي ذهب في التأميم، وتناقص وزنه، حتى صار 40 كيلوجراما، وفي العشرين من أكتوبر توفى محمد فوزي، متحسرا على جهده الذي أممته الدولة ضمن سياسات التأميم التي كانت تستهدف في الساس الإقطاعيين، على الرغم من أنه حقق ما حققه بفضل عرقه وجهده، وفقا لما يسمى بالرأسمالية الوطنية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق