بعد نجاحها في إنقاذ أطلس عثماني.. هل تخطت وزارة الثقافة مشكلة الوثائق المنهوبة؟ (2)

السبت، 20 أكتوبر 2018 03:00 م
بعد نجاحها في إنقاذ أطلس عثماني.. هل تخطت وزارة الثقافة مشكلة الوثائق المنهوبة؟ (2)
وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم
وجدي الكومي

بات من الواضح، أن وزارة الثقافة تتحرك بسياسة عشوائية، في مجال إنقاذ مخطوطات مصر، وكنوزها، إذ على طريقة "مرة تصيب ومرة تخيب"، نجحت الوزارة في إنقاذ بيع كتاب نادر، بعنوان "أطلس سيديد العثماني، لمؤلفه محمود رئيف أفندي، من قبل السلطات الألمانية.

وكشفت وزارة الثقافة في بيان لها، أن الدكتور هشام عزمي، رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق، القومية، تلقى من السلطات الألمانية ما يفيد وقف بيع الأطلس.

صورة أطلس سديد العثماني
صورة أطلس سديد العثماني

 

ويرجع هذا الكتاب إلى القرن التاسع شعر، وتحديدا عام 1218 هجرية، أو 1803 ميلادية، وتم عرضه للبيع بأحد مزادات برلين مقابل 28 ألف يورو، ما يعادل أكثر من نصف مليون جنيه.

ولأن ألمانيا بلد الحقوق وتحترم حقوق الملكية الفكرية، وكذلك المخطوطات، والوثائق، فاستجابت شرطة برلين، لطلب دار الوثائق القومية ومخاطباتها، التي تمت منذ أسبوع.

وحسب بيان وزارة الثقافة، جاء هذا التحرك السريع متمثلًا فى مخاطبات وإجراءات رسمية تم اتخاذها، لمطالبة السلطات الألمانية المختصة بإيقاف البيع، الذى كان من المقرر أن يتم يوم الثلاثاء الماضى 16 أكتوبر.
ولا يمكن في هذا المقام أن نتجاهل شكر دار الكتب، على سرعة تحركها، ومتابعتها للكنوز المنهوبة في المزادات العالمية، لكن ما لا تعرفه الوزارة، ومسؤوليها، ورئيس دار الكتب – وربما يعرفون- أن ملاحقة مخطوط أو مخطوطين، لا ينهي المشكلة من أساسها، التي تتمثل في إعادة بحث إجراءات تأمين الوثائق المسجلة والموجودة حاليا في دار الكتب والوثائق، ومراجعة العاملين عليها، والتأكد أن أساليب حفظها فعالة، ثم تتبع الوثائق التي أعلنت الوزارة في بيانها السابق، الخاص بمخطوط سورة النساء الذي يرجع لعصر قنصوة الغوري، بأنها فقدت، وبحث أين فٌقدت هذه الوثائق، وكيف؟

ومن الأرجح أن المزادات التي يتم بيع فيها كنوز مصر من المخطوطات والوثائق، ليست كلها معلنة، وأن بعض المزادات سرية، ينظمها مقتنو هذه الوثائق، ومهربوها، في عواصم أوروبية في أجواء مغلقة، تمنع نشر أخبار المزادات، وما تم التداول فيها من مخطوطات، ومقتنيات، لأن بعض مقتني الوثائق، أو محبيها، يقتنوها لحبهم اقتناء النفائس، وعليه، فقد تعجز مصر عن تتبع مخطوطات ضائعة بلغت أيدي مقتني الوثائق الذين لا يكشفون عنها، ولا يبيعونها في في صالات مزادات مفتوحة.

والأفضل أن تخاطب مصر كافة الجهات الحكومية بالدول الأوروبية وأمريكا، بشأن الوثائق الضائعة، والإبلاغ عنها، لهذه الجهات، كي تقوم بدورها في رد أي منها، حال العثور عليها، أو تداولها في مزاد من المزادات.

ومصر بحاجة لفريق خبراء وثائق، يمارس عمله من الخارج، ويتتبع أخبار هذه الوثائق التي يتناقلها المهربون وجامعي المجموعات الأثرية والنفيسة، ويبحث هذا الفريق سبل تتبع المخطوطات، ويتلقى استشارات من خبراء وأساتذة التاريخ، والوثائق، مثل الدكتورة مونيكا حنا رئيس وحدة الآثار والتراث الحضاري في الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، التي كان لها الفضل في تنبيه وزارة الثقافة بطرح صالة مزادات سوثبي وثيقة سورة النساء التي ترجع لعصر السلطان قنصوة الغوري.

حماية كنوز مصر ووثائقها مهمة قومية، وهي خط أحمر، يجب أن نعمل جميعا من أجله، ونفتح حوارا مجتمعيا لمناقشة سبل استرداد الوثائق المنهوبة، أو حماية تلك التي في الداخل، ولعل هذه السطور تكون بداية لوزارة الثقافة، ودار الكتب، أن تأخذ على عاتقها مهمة الترويج لما لديها من وثائق مهمة، فلا تتصدر في الصحف فقط أنباء وأخبار الوثائق الضائعة، بل تعقد ندوات تعرض فيها دار الكتب والوثائق نفائسها – حتى على الشاشات- وتستضيف خبراء للتحدث للجمهور عنها، وهو ما سيمثل رد فعل طبيعي لدى الناس والعامة بقيمة هذه الوثائق والمخطوطات، وأهمية صونها وحمايتها.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق