"معك" لسوزان طه حسين.. كتاب يروي سيرة حياة مختلفة لعميد الأدب العربي

الأحد، 28 أكتوبر 2018 01:00 م
"معك" لسوزان طه حسين.. كتاب يروي سيرة حياة مختلفة لعميد الأدب العربي
عميد الأدب العربي طه حسين
وجدي الكومي

عام 1977 أصدرت دار المعارف ترجمة كتاب "معك" لسوزان طه حسين، زوجة عميد الأدب العربي الراحل، والذي صدرت طبعته الفرنسية للمرة الأولى عام 2011، أي بعد سبعة وثلاثين عاما على صدور الطبعة العربية الأولى.

طه حسين وسوزان
طه حسين وسوزان

 

لم تكن سوزان طه حسين تهتم بنشر الكتاب بالفرنسية، كانت تريد أن تقدم كتابها لقراء طه حسين العرب ولم تكن تتخيل أن القارئ الفرنسي يمكن أن يهتم بما ستقوله عن حياة الرجل الاستثنائي الذي أحبته وسكنت إليه، ودفنت في أرض مولده، حسبما يكشف بدر الدين عرودكي مترجم الكتاب، في صفحاته الأولى.

واليوم وبينما تحل ذكرى رحيل عميد الأدب العربي طه حسين في 28 أكتوبر عام 1973، نستعيد سيرة حياته بزاوية مختلفة، من السيدة التي رافقت رحلة كفاحه، وواجهت معه ما وجه عميد الأدب العربي من أفكار ظلامية بينما يؤسس مشروعه التنويري الذي نشر النور في أرجاء مصر.

يوم 26 يوليو عام 1989، توفيت في القاهرة سوزان طه حسين، عن عمر ناهز أربعة وتسعين عاما، قضت منها خمسة وسبعين عاما في مصر، وحسبما تشير أمينة طه حسين، حفيدة عميد الأدب العربي في مقدمتها للكتاب، دفنت سوزان في المقبرة اللاتينية بالقاهرة القديمة.

هل كانت تتخيل سوزان طه حسين المولودة في بمنطقة الكوت دور، أنها ستعيش حياتها كلها تقريبا في بلد أجنبي عربي ومسلم، وستكون زوجة لمصري أعمى صار أكبر كاتب عربي في القرن العشرين؟

غلاف كتاب معك لسوزان طه حسين
غلاف كتاب معك لسوزان طه حسين

 

تطرح الأسئلة حفيدة طه حسين، ابنة مؤنس طه حسين، وتكشف بجانب طرح الأسئلة، التي كانت مقدمة للحديث عن عمل أمها، أنها استغرقت عامين في كتابته بالفرنسية، وهو عمل هائل، لأنها استعادة أكثر من خمسين سنة من حياة مشتركة بالاعتماد على ذاكرتها، لا على الأرشيف والوثائق غير الموجودة أصلا.

كانت سوزان طه حسين تكتب وتكتب على الرغم من ضعف نظرها، وتأثر عينيها بمرض تكثف في العدسة، وإجرائها عملية جراحية ناجحة، لكنها تخطت هذه الصعوبات، وسودت خلال أشهر وأشهر مئات الصفحات في وحدة تامة بمنزل عميد الفكر العربي طه حسين في الهرم المعروف بـ"رامتان" حيث كانت تقيم منذ ذلك الوقت وحدها، وكانت المرأة التي تساهدها على إدارة المنزل تنصرف بعد الظهر، بينما سوزان تكتب باستمرار مع تعديلات وتغييرات وحذوفات وإضافات ومراجعات.

يبدأ كتاب معك باستعادة سوزان طه حسين لمقولة عميد الأدب العربي: إننا لا نحيا لنكون سعداء، وتردف: عندما قلت لي هذه الكلمات في عام 1934 أصابني الذهول، لكنني أدرك الآن ماذا كنت تعني، وأعرف أنه عندما يكون شأن المرء شأن طه، فإنه لا يعيش ليكون سعيدا، وإنما لأداء ما طُلب منه.

وتتابع سوزان طه حسين: لقد كنا على حافة اليأس، ورحت أفكر: لا إننا لا نحيا لنكون سعداء، ولا حتى لنجعل الآخرين سعداء، لكني كنت على خطأ، فلقد منحت الفرح، وبذلت ما في نفسك من الشجاعة والإيمان والأمل.

الكتاب في شكل الرسائل، التي تكتبها سوزان طه حسين، موجهة حديثها إلى عميد الأدب العربي، تستعيد في هذه الرسائل لحظاتهما، بل وتحكي أيضا في الكتاب لحظات حساسة مر بها الوطن، ومنها فترة ما بعد حرب أكتوبر، وهي الأيام التي شهدت مرض طه حسين الأخير، ورحيله.

ثم تعود سوزان لتحكي عن لحظات لقائها الأولى بطه حسين، فتقول: أول مرة التقينا فيها كانت في 12 مايو 1915، في مونبيلييه، ومنذ زواجنا كنا نحتفظ لهذا اليوم بوضع خاص، لم يكن ثمة شيء في ذلك اليوم ينبئني بأن مصيري كان يتقرر، ولم يكن بوسع أمي التي كانت بصحبتي أن تتصور أمرا مماثلا، وكنت على شيء من الحيرة، إذ لم يسبق لي في حياتي أن كلمت أعمى.

تحكي سوزان عن الأستاذ الإيطالي الذي كان يدرس لطه حسين اللغة اللاتينية، والذي شاهدها بينما تزور طه في غرفته التي كانت مخصصة له في فترة الطلبة وكان يشاهدها بينما تقرأ له بعض الفصول من كتاب فرنسي، وهو الأستاذ الذي تنبأ بأنهما سيتزوجان بقوله: سيدي، هذه الفتاة ستكون زوجتك.

كما تحكي سوزان في مستهل الكتاب عن عودة طه حسين لمصر، أبان الحرب العالمية الأولى، في ظروف شديدة القسوة، حيث كان حزينا لعدم متابعته دراسته، التي كانت لا تزال في بدايتها، وأخيرا حصل مع آخرين على إذن بالعودة عام 1916.

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق