موازنة سوريا الجديدة تكشف الأزمة.. قطر وتركيا ينفقان على موت السوريين أكثر من إحيائهم

الأحد، 28 أكتوبر 2018 11:54 م
موازنة سوريا الجديدة تكشف الأزمة.. قطر وتركيا ينفقان على موت السوريين أكثر من إحيائهم
سوريا
كتب أحمد عرفة

كشفت الموازنة العامة الجديدة لسوريا، حجم الدمار الذي تسببت فيه الجماعات الإرهابية في حربها على الدولة السورية، في ظل الحملات التي يشنها الجيش السوري لتحرير جميع الأراضي من عناصر تلك المجموعات الإرهابية.

 

حجم الموازنة العامة السورية سيمثل عائق كبير لدى مخطط الحكومة التركية لبدء مشروع إعادة سوريا بعد أن تحررت معظم الأراضي السورية من التنظيمات الإرهابية، بدأ اللاجئين السوريين في العودة إلى أوطانهم من جديد.

 

كما أن حجم الموازنة العامة السورية، يقل بكثير عن الأموال التي ضختها كل من تركيا وقطر، للجماعات الإرهابية في سوريا لمواصلة القتال فيها، وحجم الأموال المنفقة على العمليات العسكرية لتركيا في شمال سوريا، حيث يتجاوز هذا الإنفاق موازنة الحكومة السورية.

 

مستقبل اللجنة الدستورية في سوريا: عناد دمشقاوي.. وضغوط غربية

هذه الموازنة السورية الجديدة، تشير إلى الأذهان، الدعم القطري الذي أعلنت عنه في وقت سابق لتركيا، لإنقاذ اقتصاد رجب طيب أردوغان، بعدما أعلن تميم بن حمد استثمار 15 مليار دولار في تركيا، بينما لم يستمثر أي شئ في سوريا التي تحتاج إلى استثمارات لإعادة إعمار مدنها، وهو ما يكشف أن الحكومتين القطرية والتركية أنفقا على موت الشعب السوري أكثر مما أنفقا من أجل أن يظلوا أحياء.

 

إذا كان توجه الدعم القطري إلى سوريا بدلا من تركيا، كان سيساهم بشكل كبير في عمليات إعادة اللائجين السوريين لأوطانهم، إلى جانب المساهمة بشكل فعال في عمليات إعادة إعمار سوريا، إلا أن أموال قطر موجهة فقط إلى الجماعات الإرهابية في سوريا.

 

مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، سلط الضوء على الموازنة السورية الجديدة، مشيرا إلى أن مشروع الموازنة العامة السورية لعام 2019 يكشف عن التردي في الأوضاع الاقتصادية على إثر الحرب الأهلية التي قوضت دعائم الاقتصاد السوري، إذ لم يتم تخصيص سوى موارد مالية محدودة لعمليات إعادة الإعمار وتوطين اللاجئين، كما تراجعت في الموازنة الجديدة الموارد المخصصة للاستثمارات في مقابل الإنفاق الحكومي الضخم الذي هيمن على غالبية الموازنة، وهو ما يؤكد أن الاقتصاد السوري لن يتمكن من التعافي من حالة الانهيار الراهنة قبل سنوات ممتدة.

 

المركز البحث أشار إلى أن الحكومة السورية قدمت مشروع الموازنة العامة للعام القادم 2019 إلى مجلس الشعب السوري، وبلغت حسب أرقام وزارة المالية السورية 3882 مليار ليرة سورية، والتي تساوي قُرابة 8.92 مليارات دولار، حسب سعر الصرف الرسمي الذي تعتمده الحكومة السورية، كما أنه على الرغم من أن هذه الميزانية تعتبر الأكبر في تاريخ سوريا حسب أرقام الليرة السورية، إلا أنها متواضعة بالنظر إلى قيمتها الفعلية مقارنة بميزانية السنوات السابقة، وذلك بسبب التضخم وانهيار أسعار صرف الليرة السورية.

 

تنسيق تركي داعشي ضد "أكراد دمشق".. لماذا استهدفت قوات أردوغان "سوريا الديمقراطية"؟

وأوضح المركز البحث، أنه استحوذت الاعتمادات الجارية على القسم الأعظم من الموازنة الحكومية للعام القادم، إذ خصصت لها الحكومة 2782 مليار ليرة سورية، أو ما يتجاوز 71% من قيمة الميزانية العامة، وحاز الإنفاق الاستثماري فقط على ما قيمته 1100 مليار دولار ليرة، أي ما يقل عن 30% من الموازنة، ويصل لحوالي 2.5 مليار دولار، حيث إن قطاعات الدعم الرئيسية لن تحصل على شيء يُذكر، إذ خصصت الحكومة 430 مليار ليرة فقط للمُشتقات النفطية، وحوالي 361 مليار ليرة لدعم المواد التموينية، و50 مليار ليرة لتوفير فرص العمل وإعادة الإعمار، و20 مليار ليرة للدعم الاجتماعي.

 

وأكد المركز البحثي، أن القيمة الحقيقية للموازنة مُرتبطة بقيمة الليرة السورية وسعر صرفها، إذ كلما أصاب التضخم مُختلف القطاعات الاقتصادية السورية، فإن ذلك يزيد من حجم الموارد الاسمية للميزانية السورية، فقد أشير أيضًا في وقت طرح ميزانية عام 2018 إلى زيادة في قيمتها الاسمية بالليرة السورية عما كانت عليه في العام الذي سبقها 2017 بمقدار الربع تقريبًا.

 

ولفت المركز البحثي، أن الموازنة الجديد سيكون لها عدة انعكاسات من بينها تعقيدات إعادة الإعمار، حيث إنه على الرغم من تعهد الحكومة السورية بإعادة إعمار المناطق المدمرة، إلا أن المبالغ المخصصة لذلك في الموازنة لا تكفي لتحقيق هذا الغرض، حيث أشار "سيرجي كاتيرين" رئيس غرفة التجارة والصناعة الروسية في فبراير 2018 إلى أن إعادة إعمار سوريا ستتكلف ما يتراوح بين 200 إلى 500 مليار دولار أي ما قد يتجاوز كامل موازنة سوريا لنصف قرن إذا سارت على نفس المعدلات.

 

وأشار المركز البحثي إلى أن من ضمن انعكاسات الموازنة السورية الجديدة، هو تراجع مخصصات توطين اللاجئين، حيث لم يحظَ النازحون السوريون بمخصصات كافية في الموازنة الجديدة، فمبلغ 40 مليون دولار فقط المُخصص لبند الدعم الاجتماعي لن يحقق حتى الحد الأدنى من دعم النازحين، بجانب تضخم اقتصاد الظل، حيث تشير السلطات السورية دائمًا إلى أن سوء الأحوال الاقتصادية مرتبط بما تعيشه سوريا من حرب، وأن التنمية الاقتصادية ستحدث بمجرد انتهاء الحرب، كما تؤكد أن الميزانية الجديدة أحد دلائل التقدم الاقتصادي، لا سيما بعد أن تجاوز الصراع السوري مراحله الصعبة بعد الهدنة طويلة الأمد التي أُقرت بين روسيا وتُركيا في مُحافظة إدلب، وسيطرة النِظام السوري على كامل مُحيط العاصمة دمشق والمنطقة الجنوبية.

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق