المخطوطات القرآنية المملوكية بيعت في لندن.. من يوقف نهب كنوز مصر؟

الثلاثاء، 30 أكتوبر 2018 07:00 م
المخطوطات القرآنية المملوكية بيعت في لندن.. من يوقف نهب كنوز مصر؟
دار الكتب والوثائق القومية
وجدي الكومي

مدهش كم المخطوطات النادرة التي تعرضها صالات المزادات في العواصم الأوروبية، ويتم بيعها بتوق وشغف نادرين، ومن المدهش أن نفتح صفحات مواقع صالات المزادات يوميا، لنترقب سرقة آثار مصر وكنوزها من المخطوطات، ونظل عاجزين، ونكتب يوميا سطورا وصفحات وموضوعات عن كنوز مصر المنهوبة، ولا يتحرك أي جهاز من أجهزة الدولة للتدخل لحماية هذه الوثائق المنهوبة، واستعادتها، إلا من رحم ربي من دار الكتب والوثائق التي قادت محاولة وحيدة هذا الشهر لاستعادة مخطوط، فيما لا تفعل باقي وزارة مصر، سواء الثقافة، أو الآثار، أو الخارجية، أي شيء لحماية هذه الكنوز المباعة عيني عينك، والمعروضة على أرصفة المزادات بالخارج.

مخطوطة قرآنية بيعت في مزاد سوثبي
مخطوطة قرآنية بيعت في مزاد سوثبي

 

ملزمة مغربية بيعت بعشرة آلاف جنيه استرليني
ملزمة مغربية بيعت بعشرة آلاف جنيه استرليني

 

نص قرآني بيع في صالة سوثبي
نص قرآني بيع في صالة سوثبي

 

نكتب هذا بمناسبة بيع أربع مخطوطات ترجع للعصر المملوكي في صالة سوثبي اللندنية، أمس بآلاف الجنيهات الاسترليني، وبتنا نفتح موقع هذه الصالة يوميا، لنرى أنشطتها في بيع كنوز مصر، دون أن نقدر على وقف هذا النهر الجارف من النهب؟

باعت صالة مزادات سوثبي يوم الأربعاء الماضي، مخطوط قرآني مكون من 35 صفحة تحوي كل صفحة سبعة أسطر بالحبر الأسود، مطعمة بالذهب، والألوان، ومغلفة بغطاء جلدي مختوم ويرجع لعصر المماليك، أو منتصف القرن الرابع عشر، وتم بيع المخطوط بمبلغ ثمانية آلاف جنيه استرليني، وبيع في نفس اليوم مخطوط قرآني يرجع لنفس الفترة، يحوي 21 ورقة، كل منها تحوي خمسة أسطر، مع هوامش وتوجد بها 4 عناوين للسور، مكتوبة ومنقوشة بالخط الأسود والذهب.

كما طرحت صالة المزادات للبيع مخطوطة مصرية من عصر المماليك بعنوان "كتاب الصمد" عبارة عن مخطوطة تمت لعلوم الفلك، تحوي جداول مليئة بالرموز، وترجع لعصر القرن الرابع عشر، وأوائل القرن الخامس عشر، وطرحتها للبيع مقابل ستة آلاف إلى ثمانية آلاف جنيه استرليني، وتحوي 34 ورقة بالإضافة إلى غلافين، وتحوي كل صفحة جداول مخططة بالأحمر، ومكتوب فيها الرموز بالنقوش السوداء، الممزوجة بالخط الأحر، وكذلك أبجدية بالخط البارز.

كما طرحت الصالة أيضا جزء من ملزمة مغربية كبيرة، ترجع للعصر المملوكي، ورجحت الصالة في تعريفها انتمائها إلى مصر أو سوريا، وعرضت الصالة على موقعها أنها بيعت بمبلغ عشرة آلاف جنيه استرليني

كنا قد كتبنا مرارا وتكرارا عن ثروة مصر الضائعة من المخطوطات، وعرضنا كيف ساهم المؤرخون المصريون في الإبلاغ عن وقائع بيع ثروة المخطوطات، وعن طريق هذا الإبلاغ، نجحت دار الكتب والوثائق القومية برئاسة الدكتور هشام عزمي، في إنقاذ وثيقة سورة النساء، التي ترجع لعصر السلطان المملوكي قنصوة الغوري، والتي كادت صالة سوثبي اللندنية أن تبيعها في مزاد، بعدما طرحتها للبيع والوثيقة كانت مثبتة في سجلات دار الكتب المصرية، بتاريخ 1884، وكان آخر ظهور للوثيقة في سجلات دار الكتب في نهاية القرن التاسع عشر وبالتحديد عام 1892.

كانت المؤرخة مونيكا حنا قد دعت وزارة الثقافة إلى اتخاذ عدة خطوات لحماية كنوز الوثائق المصرية، وأوصت بعدة وصايا، أعيد ذكرها في هذه السطور لعل وزارة الثقافة لا تكتفي بجهود استعادة المعروض علنا للبيع في المزادات المعروفة، بل تتحرك خطوات أبعد من ذلك لحماية وثائق مصر وكنوزها التاريخية.

جاء ذلك بعدما أبلغت المؤرخة مونيكا حنا مكتب مصر الثقافي في سفارتنا في لندن، عن محاولة بيع الوثيقة في الصالة، فتحركت دار الكتب وأعدت ملفا عن ملكيتها للوثيقة، وأرسلته إلى الصالة، ونجحت في إيقاف البيع.

والسؤال الذي تطرحه هذه السطور: هل هذه الوثائق التي بيعت مؤخرا، غير مسجلة في دار الكتب والوثائق، وكيف خرجت من مصر، وكيف تخرج؟ ومن هم سماسرة بيع المخطوطات والوثائق في القاهرة؟ ولماذا لا تتحرك مكاتبنا الثقافية في العواصم الأوربية لوقف عمليات البيع؟ وما هي وظائف هذه المكاتب الثقافية إن لم تتواصل مع صالات المزادات التي يباع فيها تاريخ مصر عيني عينك، لتحمي هذه الثروة المنهوبة واستعادتها؟ هل وظائف هذه المكاتب الثقافية تنظيم الأنشطة الثقافية والصالونات الأدبية في الخارج؟

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق