المبتز.. أردوغان يرفع شعار «الإرهاب مقابل الأكراد» لحل الأزمة السورية

الجمعة، 02 نوفمبر 2018 05:00 م
المبتز.. أردوغان يرفع شعار «الإرهاب مقابل الأكراد» لحل الأزمة السورية
روحانى _ اردوغان

 
استهدفت القمة التى عقدت فى اسطنبول هذا الأسبوع مناقشة السبل لإيجاد مخرج للأزمة السورية، فما  الهدف الحقيقى وراء دعوة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لها منذ البداية.
 
 
 الدور الذى تلعبه تركيا فى المشهد السورى تضاءل كثيرا بعد اتفاق إدلب الذى عقده مع نظيره الروسى رجب طيب أردوغان، قبل حوالى شهر، والذى يقوم فى الأساس على تفكيك الميليشيات المدعومة من أنقرة، وعلى رأسها جبهة النصرة الموالية لتنظيم القاعدة الإرهابى، وتجريدهم من أسلحتهم، وهو ما يعنى القضاء على الأذرع التى طالما اعتمدت عليهم تركيا لسنوات لتحقيق رؤيتها الساعية وراء مزيد من النفوذ.
 

ولعل الاختلافات الكبيرة بين الدول المشاركة فى القمة، وهى روسيا وفرنسا وألمانيا، بالإضافة إلى تركيا، حول الأولويات، خاصة المتعلقة بالقضاء على الإرهاب، تمثل دليلا دامغا على أن إنهاء الأزمة القائمة فى سوريا منذ سنوات لم تكن فى حسبان الرئيس التركى منذ بداية دعوته للقمة، وهو ما يعكس أن أهدافا أخرى، وربما صفقات سعى إليها أردوغان عبر القمة، تضمن استعادة نفوذه من جديد فى سوريا من جانب، بالإضافة إلى الحد من الضغوط المفروضة على الميليشيات الموالية له، والتى ينظر المجتمع الدولى لفكرة القضاء عليها باعتباره أولوية قصوى لما تشكله من تهديد ليس فقط لمستقبل سوريا، وإنما بسبب التداعيات التى تتركها على كافة دول العالم، وفى القلب منها أوروبا بسبب استمرار تدفق اللاجئين الذين يشعرون بالهلع جراء وجود تلك الميليشيات.

وربما كان الحديث التركى عن ضرورة القضاء على الميليشيات الكردية فى شمال سوريا، دليلا دامغا على رغبة أنقرة فى الانقلاب على اتفاق إدلب، أو على الأقل الوصول إلى صيغة من شأنها وضع الأكراد، والذين لعبوا دورا رئيسيا فى الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابى، فى خانة موازية للتنظيمات الإرهابية التى تكفلت تركيا بتجريدها من أسلحتها وتفكيكها تحاشيا لهجوم عسكرى سوف تشنه القوات السورية بالتعاون مع روسيا على إدلب بهدف القضاء على تلك الميليشيات وإعادة المدينة السورية إلى سيطرة النظام السورى.

قمة اسطنبول
قمة اسطنبول

وهنا تكمن محاولة النظام الحاكم فى تركيا للانقلاب على اتفاق إدلب، حيث تسعى أنقرة إلى مساومة المجتمع الدولى من خلال البقاء فى سوريا إما بطريقة مباشرة عبر قواتها المسلحة التى ستقوم بدور فى دحض الميليشيات الكردية، والتى تنظر أنقرة إلى طموحاتها الانفصالية باعتبارها تهديد لأمنها القومى، أو عبر أذرعها الإرهابية التى يحاول النظام التركى الإبقاء عليها لتحقيق قدرا من التوازن فى مجابهة الأكراد، والتى يمكنها كذلك تنفيذ الأجندة التركية، وبالتالى استعادة النفوذ مرة أخرى فى القضية السورية من جديد أن تضاءل كثيرا فى الأيام الماضية.

 

ولم تتوقف الأهداف التركية وراء القمة على مجرد الحفاظ على النفوذ التركى فى سوريا، وإنما امتدت إلى محاولة استرضاء الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين من خلال إيجاد غطاء جديد للمحادثات حول سوريا، وذلك بعد تخافت الغطاء الغربى، والمتمثل فيما يسمى بـ"مباحثات جنيف"، بعد صعود الدور الروسى فى سوريا منذ عام 2015، بالإضافة إلى النجاح الكبير الذى حققه محور "أستانا"، والذى قادته روسيا فى السنوات الماضية، والذى كانت تركيا جزءا رئيسيا منه، بالإضافة إلى إيران، حيث أصبحت روسيا خلالها صاحبة اليد العليا فى الأزمة السورية ليس فقط على المستوى العسكرى، وإنما أيضا على المستوى السياسى، حيث تمكنت من وضع قيادات المعارضة والنظام على مائدة المفاوضات للوصول إلى حل سياسى.

محادثات أستانا
محادثات أستانا

ويعد اشتراك تركيا فى مباحثات "أستانا" كان بمثابة أحد الخلافات الرئيسية بين أنقرة وحلفائها الغربيين فى السنوات الماضية، حيث كان النجاح الروسى فى استقطابها للانضمام إلى محور" روسيا – إيران"، السبب الرئيسى فى تجريد أردوغان من حلفاءه من أعضاء حلف شمال الأطلسى "ناتو"، والذين اعتبروا انضمام تركيا بمثابة تخلى صريح عن مبادئ التحالف، خاصة وأن الحكومة التركية حاولت ابتزاز الغرب فى العديد من القضايا الأخرى عبر تقاربها مع روسيا، ولعل أبرز المحاولات تمثلت فى لجوء أردوغان إلى موسكو للحصول على منظومة "إس 400" وهو ما يمثل انقلابا صريحا على المبادئ التى يتبناها الناتو والذى يحظر استيراد السلاح من روسيا.

 

 

ولعل التجاهل التركى لإيران يمثل فى ذاته أحد الأهداف الجوهرية وراء القمة التى دعا لها أردوغان فى اسطنبول، حيث سعى أردوغان إلى استرضاء الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والذى ساءت علاقته بطهران بصورة كبيرة منذ الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى فى مايو الماضى، بالإضافة إلى قراره بفرض عقوبات على طهران، سوف تدخل إلى حيز النفاذ فى شهر نوفمبر القادم.

أردوغان وروحانى
أردوغان وروحانى

ويعد تجاهل طهران، رغم العلاقات القوية التى جمعتها بأنقرة طيلة السنوات الماضية، يمثل فى ذاته لسلسلة الانقلابات التى يمارسها الرئيس التركى، لتحقيق أهدافه الشخصية، خاصة وأن محاولاته السابقة لاسترضاء الإدارة الأمريكية، وعلى رأسها الإفراج عن القس الأمريكى المعتقل لدى أنقرة أندرو برانسون، باءت بالفشل، مع استمرار العقوبات الأمريكية على أنقرة، وبالتالى فكانت هناك حاجة ملحة لدى النظام التركى لتقديم المزيد من التنازلات، من أجل استعادة العلاقات مع الولايات المتحدة.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق