زين عبد الهادي يتحدث لـ"صوت الأمة" عن تزوير الكتب والرقابة وضياع صناعة الثقافة

الأربعاء، 07 نوفمبر 2018 01:00 م
زين عبد الهادي يتحدث لـ"صوت الأمة" عن تزوير الكتب والرقابة وضياع صناعة الثقافة
الدكتور زين عبد الهادي مؤسس دار مهجر
وجدي الكومي

في الوقت الذي تواجه فيه صناعة النشر في مصر، والوطن العربي، صعوبات بسبب ارتفاع المواد الخام للطباعة، وانتهاك حقوق الملكية الفكرية، ومشكلات تزوير الكتب، أسس أحد الأكاديميين المصريين دار نشر معنية بترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأخرى، بمعاونة مجموعة من الأكاديميين، والمترجمين، وبدأ عمله في الدار الجديدة، محملا بآمال عريضة لترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأخرى، للتعريف بكل ما هو عربي، وإسلامي، إنه الدكتور زين عبد الهادي، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية الأسبق، ورئيس تحرير مجلة عالم الكتاب التي تصدر عن هيئة الكتاب في القاهرة، عن دار مهجر وظروف تأسيسها، كان لـ"صوت الأمة" هذا الحوار.

أولا: في ظل تردي القراءة، ومحدوديتها، هل يبدو اليوم أن إطلاق دار نشر مشروعا ناجحا؟ هل أنت متفائل؟

هذا سؤال في غاية الأهمية، خاصة وأننا في العالم العربي نقوم بممارسات غير أخلاقية وغير قانونية في مجال  النشر، وبصراحة شديدة لا أظن أن العمل في مجال النشر يؤتي ثماره، خاصة وأن لي تجربة في إنشاء  دار نشر من قبل  منذ عشرين عاما ولكني تركتها لصديقي الذي ساعدني على إنشائها لأسباب عديدة،  منها انه لم يكن لدي الوقت الكافي بعد قليل من العمل لمدة ثلاث سنوات ثم تركتها بسبب عملي في الخارج، كانت تجربة ليست بالعريضة ولكن طبقت بها بعض الأفكار الأكاديمية وهذه الدار مازالت موجودة ومازالت تعيش من الفكرة التي طبقتها بها.

الآن الوضع مختلف، لكن بصراحة شديدة انا لدي أفكار غريبة في مجال النشر لن يحتملها أحد غيري، لذلك دار مهجر هي فكرتي ويساعدني على تنفيذها بعض الأصدقاء من الأساتذة وروؤساء الجامعات من المصريين الذين يعملون بأوروبا، وأنا أنظر للنشر بمفهوم أنه جزء من صناعة الثقافة، لذلك أنا متفائل فلن أتعامل بأي من الأساليب الموجودة والسائدة هنا أو في العالم العربي أو حتى الأوروبي، بل بما يمكن أن تسميه أن الفكرة تسبح في مجال الاقتصاد الإبداعي، الذي يؤكد أنه مهما فعلت فلا يمكن أن تضمن نجاحا الآن إن لم تكن متفردا، ومن هنا أنا متفائل، على الأقل ليس هناك مجال لخسارة، بل هناك مجال للعلاقات عظيمة  ستساعد كل من ينتمي لمهجر على النجاح.

دار نشر مهجر
دار نشر مهجر

 

ما هي الخطوات التي اتخذتموها لتأسيس دار نشر "مهجر"؟ هل جاءت فكرة التأسيس اقتداء بتجربة ناجحة في النشر؟

هناك في مجال الأعمال أفكار تشكل  بيزنس وهناك بيزنس يشكل فكرا، وهناك  أعمال تأتي  مع الوقت وتتطور، أنا ابن  الفكرة، فكرة جديدة تماما، لكنها تتحقق في إطار أكبر اسمه صناعة الثقافة،  نعم مازلت أحمل فكرا أكاديميا لكن حان الوقت لتطبيقه لأثبت أن مصر  فاتها الكثير في صناعة الثقافة، بل خسرت الكثير جدا الذي لا يمكن تخيله لأسباب عدة.

ليس لي نموذج بل أعد دارنا النموذج الجديد، من الحماقة أن أقول ذلك، لكن تجاربي في مجال البيزنس وتجاربي العلمية كلها تشير إلى أن  النجاح في الطريق، وعلى أن اذكر بالخير كل من ساعدني في اختيار اسم دار مهجر الذي يشرح مضمون عملها.

قرأت على صفحتك أن دار مهجر سوف تعني بترجمة الأعمال الإبداعية الصادرة باللغة العربية إلى اللغات الأخرى؟ هل هذا صحيح؟ ما هي أهداف الدار؟

نعم لدينا لجنة على مستوى علمي وأدبي شاركوا في جوائز عالمية، ومنح جوائز عالمية لا يمكنني البوح بها لأنها أسرارهم، هذه اللجنة منوط بها قراءة الأعمال العربية التي تصلح للترجمة للغات أوروبية، سواء لكتاب يعيشون في العالم العربي، أو كتاب عرب يعيشون في المهجر، هذه فرصة للتعريف بكل ما هو عربي، وبكل ما هو إسلامي منفتح على الآخر، بكل ما هو عربي حر لا يقيده شئ، ولذلك فنشر الأعمال  العربية بلغات أخرى يتطلب دار نشر موازية في أوروبا، وهو ما قد كان، كما أن لدينا شبكة توزيع ضخمة.

أيضا أرى أن هناك إنتاج عربي لا يعرف عنه المهاجرون في أوروبا شيئا، كمنتجات بعض دور النشر المحترمة خاصة وهم يترجمون للعربية، وبإذن الله على وشك عقد اتفاقيات مع هذه المؤسسات، الأمر الآخر أن السوق المصرية به تخمة من دور النشر، بعضها ينتج أعمالا راقية للغاية، وهذا سيتم ترجمتها أيضا.

من المهم أن أذكر أنه لا تربطنا أي علاقات بمؤسسات أوروبية وتمويلنا كله ذاتي، لكنه محسوب في إطار صناعة الثقافة، التي نتمنى أن تمثل نقلة للثقافة المصرية وأيضا العربية في تواجدها في المهجر بشكل أكبر مما هو موجود الآن.

 

 هل لديكم خطة للنشر؟ ما هي أبرز الأسماء المقترح نشر أعمالهم، أو ترجمتها؟

من المهم أن أذكر لك أنه تجمعنا في دار (مهجر) فكرة أننا أكاديميون أساسا، وفي تخصصات علمية متباينة ومتنوعة، لذلك هناك خطة لتقديم تقارير دولية في مجالات كالعلوم والآثار وعلم النفس وتاريخ الفن، فقد انتهيت مؤخرا من لقاء مع مؤرخة انجليزية عملت كأستاذ جامعي في جامعات غربية عديدة وانتهينا إلى تقديم تقرير سنوي عن تاريخ الفن في العالم، هذا نموذج بالطبع، سيصدر باللغة الانجليزية اساسا مع تقرير مختصر بالعربية.، وهناك 12 تقرير دوليا يشبهون هذا النموذج، الفكرة هنا أنك تقوم بما يجب أن يقوم به العقل المصري بعيدا عن المؤسسات الحكومية على مختلف أشكالها وتعيد تعريف العالم بالمنتج العلمي والفني والثقافي لهذا العقل في بيئة منفتحة ومتحررة علميا. وثقافيا.

كما سنصدر سلسلة مترجمة من الروايات العربية المنشورة بالفعل ستقوم اللجنة باختيارها ومنها حوالي 30% لكتاب عرب يعيشون بالمهجر، بالإضافة إلى  سلاسل من الكتب العلمية ، وأيضا وكالات لدور نشر عالمية باللغات  الأجنبية  المختلفة ومعارض لبوسترات الكتب ودعوات لكتاب عالميين للحضور للقاهرة وسنرى الأمر بالنسبة لبقية العواصم العربية,

هناك فعاليات كثيرة أيضا ستتم بالتعاون مع مؤسسات نشر حكومية ومن القطاع الخاص ومن صغار الناشرين أصحاب الأعمال الرصينة. بجانب جائزة ستوجه للموهوبين في سن  18-25 عاما للكتابة بلغات متعددة والهدف من ذلك ترسيخ مفهوم الإنسانية التي تجمعنا ، وستكون هناك أعمال أخرى، دع الوقت يكشف عنها.

هل يمكن للناشرين المستقلين المبتدئين اليوم في ظل عالم الشراكات الاقتصادية العملاقة بين الناشرين الكبار أن يجدوا مكانا لهم في عالم النشر المصري والعربي؟

أعتقد أن هذا دور اتحادات النشر في العالم العربي على مستوى كل دولة وعلى المستوى العربي ككل، لكن يمكننا تبادل المعرفة والتعاون مع دور نشر صغيرة ومستقلة، وأعتقد أنه يمكن بناء جماعات من الناشرين أصحاب الطموح سواء في مجال الثقافة أو مجال الأعمال (البيزنس)،  يمكننا ترجمة أعمال لبعض كتابهم ونشرها بالخارج، والتعاقد معهم على ذلك، يمكننا أيضا التسويق لأعمالهم الرصينة بالعربية بالخارج، يمكننا بناء قاعدة بيانات لمبيعات نصوصهم  فيها مع حصولهم على رقابة كاملة على كل ما يباع لهم وتحصيل أموالهم قبلنا، أنت في حاجة إلى بناء الثقة في قطاع النشر بشكل كبير وبشكل ملح هذا مهم للغاية، لكنك سترى مع الوقت أمرا مختلفا يطلع بمفهوم صناعة الثقافة الذي نود تعميقه في مجتمع الأعمال في مصر وكذلك في مجموعة من الدول العربية.

تعاني صناعة النشر من مشكلات "ضياع حقوق الملكية والفكرية" بسبب تزوير الكتب وتداول "pdf " هل فكرت في هذه المخاطر بوصفها متاعب المهنة المقبل عليها؟

كما ذكرت لك سابقا هناك ممارسات لا أخلاقية وغير قانونية في سوق النشر العربية،  ولكن هذا أمر نعرفه جيدا في صناعة النشر، لذك لن نقدم إنتاجنا هنا، حتى لو حولوه  هنا لبي دي إف أو إعادة طباعته بالسوق الموازية فلن يستفيد منه أحد، سنسمح لهم بتزوير تقاريرنا  الدولية التي ستصدر مختصرة بالعربية لا بأس، هذا شر لابد منه ونحن مدركون لتلك المخاطر، لأنها تقارير ذات طبيعة علمية متخصصة وجمهورها يحب التعامل مع النسخ الأصلية، كما أننا ندرك مدى القدرة الشرائية في الدول العربية وتفاوتها، ربما نقدم أيضا كتبا إلكترونية، سنرى مع الوقت الموقف.

هل لديكم قيود، أو حدود أو رقابة داخلية ذاتية؟ وإن وُجد ما هي أم أنها لن تكون معلنة كما يتجنب أغلب الناشرين إعلانها؟

نحن مدركين للوضعية السياسية في مصر والعالم العربي، في هذه الأوقات التي نواجه فيها مخاطر شتى ومن فئات كثيرة، والاستثمار هنا سيكون حذرا للغاية، لذلك لدينا مكاتب في أوروبا تقريبا كلها لتوزيع الأعمال العربية والأعمال المترجمة. فيما يتعلق بسؤالك عن الرقابة هناك عدة مستويات لذلك لكننا في حاجة إلى أرضية مشتركة مع الجانب الأوروبي ونحن نترجم كل ما تمت الموافقة عليه من الجهات الرقابية هنا، كما تعلم أيضا فإن معايير الرقابة تختلف من دولة لأخرى، وفي أوروبا لا توجد رقابة تقريبا، لكننا نحترم وجهات نظر الجهات المسئولة داخل الدول العربية، وكتبنا ستكون بالخارج في معظمها، كما أن هناك لجنة قراءة على مستوى عالمي وهي مرتبطة بمعايير تتعلق بجودة العمل لأن يقرؤه القارئ الأوروبي والعربي في الخارج، لكن فيما يتعلق بالعالم العربي فلا أعتقد أنه ستكون هناك مشكلة مع مؤسسات الرقابة وإن كنا نقول دائما بأنه لا إبداع ولا مواهب حقيقية دون حرية تتمسك بمسئولياتها عن المجتمع.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق