في ذكرى ميلاده.. "ألبير كامو" الأديب الفرنسي الغريب والباحث عن معنى للحياة

الأربعاء، 07 نوفمبر 2018 04:00 م
في ذكرى ميلاده.. "ألبير كامو" الأديب الفرنسي الغريب والباحث عن معنى للحياة
الروائي الفرنسي ألبير كامو
وجدي الكومي

في السابع من نوفمبر عام 1913، وُلد الفيلسوف الفرنسي الكبير، ألبير كامو، الذي اشتهر بكونه مقاوما للاحتلال الفرنسي للجزائر، وعلى الرغم من أنه كان روائيا وكاتبا مسرحيا في المقام الأول، إلا أنه كان فيلسوفا وجوديا، باحثا عن معنى الحياة وسط عبثها اللانهائي، وعلى الرغم من شهرة روايته "الغريب" وروايته الأخرى "الطاعون"، إلا أن هناك كتاب مهم لألبير كامو، لم ينل مثل هاتين الشهرتين، وهو كتاب "أسطورة سيزيف"، والذي يبحث فيه عن بحث الإنسان عن المعنى، وتطلعه لوحدة العالم، في عالم غير مفهوم، وعالم من دون أي حقائق، أو قيم خالدة، ويتساءل كامو: هل الإحساس بشعور العبث يدفع إلى الانتحار؟ فيجيب كامو: بل يدفع إلى الثورة.

ألبير كامو
ألبير كامو

اقرأ أيضا: في ذكرى ميلاد المؤرخ الأمريكي ول ديورانت.. ما حكاية «قصة الحضارة» التي جابت العالم؟

كان ميلاد ألبير كامو لأب فرنسي، وأم إسبانية في بلدة جزائرية، عام 1913، وتعلم بجامعة الجزائر، وانخرط أولا في المقاومة الفرنسية ضد الألمان، وأصدر مع رفاقه في خلية الكفاح نشرة باسمها ما لبثت بعد تحرير باريس أن تحولت إلى صحيفة combat الكفاح اليومية التي تتحدث باسم المقاومة الشعبية واشترك في تحريرها جان بول سارتر.

وعلى الرغم من أنه كان روائيا وكاتبا مسرحيا في المقام الأول, إلا أنه كان فيلسوفا. وكانت مسرحياته ورواياته عرضا أمينا لفلسفته في الوجود والحب والموت والثورة والمقاومة والحرية، وكانت فلسفته تعايش عصرها، وأهلته لجائزة نوبل فكان ثاني أصغر من نالها من الأدباء.

وتقوم فلسفته على كتابين هما ((أسطورة سيزيف)) 1942 والمتمرد1951 أو فكرتين رئيسيتين هما العبثية والتمرد ويتخذ كامو من أسطورة سيزيف رمزا لوضع الإنسان في الوجود، وسيزيف هو هذا الفتى الإغريقي الأسطوري الذي قدر عليه أن يصعد بصخرة إلى قمة جبل، ولكنها ما تلبث أن تسقط متدحرجة إلى السفح، فيضطر إلى دفعها للصعود على المنحدر الصعب من جديد، وهكذا للأبد.

أسطورة سيزيف لألبير كامو
أسطورة سيزيف لألبير كامو

اقرأ أيضا: زين عبد الهادي يتحدث لـ"صوت الأمة" عن تزوير الكتب والرقابة وضياع صناعة الثقافة

و"كامو" يرى فيه الإنسان الذي قدر عليه الشقاء بلا جدوى، وقدرت عليه الحياة بلا طائل، فيلجأ إلى الفرار إما إلى موقف شوبنهاور: فطالما أن الحياة بلا معنى فلنقض عليها بالموت الإرادي بالانتحار، وإما إلى موقف الآخرين الشاخصين بأبصارهم إلى حياة أعلى من الحياة، وهذا هو الانتحار الفلسفي ويقصد به الحركة التي ينكر بها الفكر نفسه ويحاول أن يتجاوز نفسه في نطاق ما يؤدي إلى نفيه، وإما إلى موقف التمرد على اللامعقول في الحياة مع بقائنا فيها غائصين في الأعماق ومعانقين للعدم، فإذا متنا متنا متمردين لا مستسلمين.

وهذا التمرد هو الذي يضفي على الحياة قيمتها, وليس أجمل من منظر الإنسان المعتز بكبريائه، المرهف الوعي بحياته وحريته وثورته، والذي يعيش زمانه في هذا الزمان: الزمان يحيي الزمان 

يقول ألبير كامو في مستهل صفحات كتابه "أسطورة سيزيف" الصفحات التالية تعالج حساسية لا مجدية يراها المرء سائدة في العصر، وليس فلسفة لا مجدية لم يعرفها زمننا بعد، ولهذا من العدل أن نشير إلى ما تدين بهذه الصفحات لبعض المفكرين المعاصرين.

اقرأ أيضا: مقابل 234 ألف يورو.. بيع رسالة انتحار الشاعر الفرنسي بودلير صاحب «أزهار الشر»

ويتابع: أسطورة سيزيف كانت بدارية فكرة رحت أتتبعها في كتاب "الثائر" أو المتمرد، أنها تهدف إلى حل مشكلة الانتحار، كما يحاول الثائر أن يحل مشكلة القتل، وفي الحالتين، بدون مساعدة القيم الدائمة التي هي، ربما مؤقتا غير موجودة أو مشوهة في أوروبا اليوم، إن الموضوع الأساسي في أسطورة سيزيف هو هذا: من المشروع والضروري التساؤل عما إذا كان للحياة معنى، وهكذا فمن المشروع أن نواجه مشكلة الانتحار وجها لوجه.

والجواب هو هذا: حتى إذا لم يؤمن المرء بالله، فإن الانتحار غير مشروع، وهناك مشكلة فلسفية هامة وحيدة، هي الانتحار، فالحكم بأن الحياة تستحق أن تعاش، يسمو إلى منزلة الجواب على السؤال الأساسي في الفلسفة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة