ماكرون يجدد حلم تشكيل "الجيش الأوروبي".. سر إعاقة إنشاء ثاني أكبر قوة عسكرية في العالم

السبت، 10 نوفمبر 2018 04:00 م
ماكرون يجدد حلم تشكيل "الجيش الأوروبي".. سر إعاقة إنشاء ثاني أكبر قوة عسكرية في العالم
ماكرون دعا لإنشاء الجيش الأوروبى

يحلم بعض قادة الاتحاد الأوروبى بإنشاء "الجيش الأوروبي"، والذى يتمثل فى إنه قوات عسكرية نظامية، وقد عاد هذا الحلم ليراودهم بقوة مؤخرا، لكن فى نفس الوقت تعيق السياسة تحقيقه على أرض الواقع.

 

جاءت الدعوة صريحة  هذه المرة لإنشاء الجيش الأوروبى من الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، الذى صرح فى لقاء مع راديو "أوروبا 1" الفرنسى، بأن القارة العجوز فى حاجة لجيش أوروبى "حقيقى" على حد قوله، مشيرا إلى أن أوروبا يجب أن تعتمد على نفسها فى حماية مصالحها بدلا من الاعتماد على أمريكا.

ماكرون
ماكرون

إلى هنا لا يختلف كلام ماكرون عن العبارات التى قيلت فى الماضى، لكنه هذه الأمر المختلف هو أنه قال تحديدا إن "أوروبا يجب أن تحمى نفسها من روسيا والصين ومن أمريكا أيضا" قائلا "نعم علينا حماية أنفسنا من ترامب".

وتابع "عندما أرى ترامب يعلن انسحابه من معاهدة مهمة لحظر الأسلحة (معاهدة الحد من أسلحة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى)، فمن الذى سيصبح ضحية رئيسية؟ إنها أوروبا".

بعد حديث ماكرون بيومين فقط جاءت دعوة أخرى من جانب رئيس الوزراء الفرنسى السابق بيرنارد كازنوف، ومعه أمين عام الناتو السابق جورج روبرتسون وهو بريطانى، وكلاهما ذكر فى تقرير  أن الرئيس الأمريكى ترامب لديه مواقف عدوانية تجاه أوروبا تستدعى التقارب بين بريطانيا وفرنسا لمواجهته حتى بعد البريكست "خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى".

وأشارت صحيفة "الجارديان" إلى أن تقرير ترأسه كازنوف وروبرتسون، قال إن العلاقات بين البلدين فى حالة هشاشة بسبب البريكست، وأن بريطانيا نفسها فشلت فى تدعيم الجنيه الاسترلينى أمام الدولار قبيل استفتاء البريكست الأمر الذى قوض ميزانية الدفاع البريطانى.

وقال روبرتسون "أعتقد أن إدارة ترامب بالتحديد أظهرت حاجة أوروبا لفعل المزيد لحماية مصالحها بنفسها، ونتيجة انتخابات التجديد النصفى لا تفعل شيئا بالنسبة لنا سوى إظهار أن السياسة الأمريكية لا يمكن التنبؤ بها حاليا.

بحسب موقع "يورو أكتيف" فإنه لو تم إنشاء الجيش الأوروبى، فإنه سيكون ثانى أكبر جيش فى العالم بعد الناتو، لكن مع ذلك يبقى الجيش الأوروبى حلم بسبب العقبات التى تواجهه فى أرض الواقع، وبحسب موقع "مركز الإصلاح الأوروبى" فإن المعوقات السياسية التى أوقفت حلم الجيش الأوروبى مازالت موجودة كما هى من البداية بل وربما زادت فى صعوبتها فى 2018.

 

ماكرون مع تيريزا ماى وميركل
ماكرون مع تيريزا ماى وميركل

 

العقبة الأولى هى بريطانيا، فباعتبارها قوة نووية يمكن أن تكون عاملا قويا لإنشاء الجيش الأوروبى، لكن مع البريكست لن تكون بريطانيا جزء من هذه القوة، مهما كانت الدعوات، بل إنه بحسب صحيفة "الجارديان" هناك الخلاف الحاد بين بريطانيا وأوروبا على ملكية القمر الصناعى الاستخباراتى جاليليو، الأمر الذى ينفى إمكانية مشاركة قوة كبيرة مثل الجيش البريطانى فى الجيش الأوروبى.

 

كما أن توفير ميزانية الجيش الأوروبى، ففى حال إنشائه ستكون الكثير من الدول المشاركة به "دول الاتحاد الأوروبى" هى نفسها من دول حلف الناتو والتى يفترض أن تدفع 2% من ناتجها القومى لتوفير ميزانية حلف شمال الأطلسى، الأمر الذى يعنى أن تضاعف هذه الدول من ميزانياتها العسكرية أو أن تتخلى عن حلف الناتو القائم فعلا، أو الخيار الأكثر واقعية وهو التخلى عن حلم الجيش الأوروبى نفسه، وتجدر الإشارة هنا إلى أن كثير من هذه الدول لم تدفع ما تدين به لحلف الناتو أصلا، الأمر الذى يثير غضب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الذى يرى أن بلاده تدافع عن الدول الأوروبية بالمجان.

 

تشكيل الجيش الأوروبى يعنى تضارب مهام مع قوة عسكرية أخرى، فكما قلنا هناك الكثير من الدول ستكون أعضاء فى الجيش الأوروبى وقوات الناتو، لكن هناك تحالف عسكرى موجود بالفعل فى أوروبا وهو NORDEFCO أو "التعاون الدفاعى الشمالى" بين فنلندا والدول الاسكندنافية، هذه الاتفاقية هى تحالف للتعاون العسكرى والاستخباراتى، ينظر لها كثيرون باعتبارها مسودة أولية لإنشاء الحيش الأوروبى، والدول المشاركة بها هدفها المشترك مواجهة النفوذ الروسى، بالتعاون مع الولايات المتحدة والناتو، ولذا يصعب أن تفكر هذه الدول بتحالف ثالث وتكاليفه، وكل هذا للقيام بنفس المهمة.

تبقى أيضا مشكلة التسليح، فإذا كان حلف الناتو يعتمد على السلاح الأمريكى، فما هو نوع السلاح الذى سيعتمد عليه الجيش الأوروبى، بالطبع لن يكون الروسى، ولكن إذا كان الهدف من إنشاء الجيش الأوروبى هو أن تدافع القارة العجوز عن نفسها ضد أمريكا أيضا فهذا يعنى أن واشنطن لن تمد هذا الجيش بالسلاح.

هنا يبقى التسليح من جانب ألمانيا وفرنسا، ومع ذلك يصعب رؤية هذا يتحقق على أرض الواقع لأن الدول الأوروبية تشترى أغلب سلاحها من أمريكا.

 

القوة العسكرية المشتركة
القوة العسكرية المشتركة

 

المشكلة الأخيرة وهى الأكبر، تظل الخلافات الأوروبية نفسها.. وكمثال على ذلك نقول إنه فى عام 1989 كان هناك اتفاق بين فرنسا وألمانيا لإنشاء قوة عسكرية مشتركة، فى البداية تم العمل عليها كنوع من التدريبات العسكرية المكثفة بين البلدين، ثم تم استخدامها فى مقاومة الجماعات المسلحة فى مالى عام 2015، وبعدها فى أفغانستان، لكن إذا كانت التدريبات تسير بشكل جيد فإن إنزال القوات فى ميدان القتال أمر مختلف، حيث دبت الخلافات بين القيادة الفرنسية والألمانية حول مدى الخطورة المقبولة فى كل عملية يتم تنفيذها، ولك أن تتخيل حجم هذه الخلافات عندما يكون الجيش الأوروبى مكونا من كل دول الاتحاد الأوروبى وعددها بدون بريطانيا 27 دولة.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق