التشيك ترغب في رد الاعتبار لكونديرا بعد سنوات من الاضطهاد.. عودة الطير المهاجر

الثلاثاء، 13 نوفمبر 2018 08:00 م
التشيك ترغب في رد الاعتبار لكونديرا بعد سنوات من الاضطهاد.. عودة الطير المهاجر
الروائي التشيكي ميلان كونديرا
وجدي الكومي

 

بعد سنوات من اضطهاد الشيوعيين لميلان كونديرا، الروائي التشيكي الشهير، قررت براغ، عاصمة التشيك، رد الاعتبار للروائي الكبير المولود عام 1929، لأب وأم تشيكيين وكان والده لودفيك كونديرا عالم موسيقى ورئيس جامعة جانكيك للآداب والموسيقى.

وكانت التشيك قد أسقطت الجنسية عن ميلان كونديرا، فعاش في باريس منذ 1975، وهو أبرز الكتاب العالميين ويتردد اسمه دوريا ضمن المرشحين لجائزة نوبل للآداب بشكل سنوي.

وزار رئيس الوزراء التشيكي أندري بابيس باريس حاليا، واقترح على كونديرا أن يستعيد جنسيته التشيكية التي جرده منها النظام الشيوعي في السبعينات، ويعتبر كونديرا أشهر روائي تشيكي في القرن العشرين، بعد فرانز كافكا، وألف العديد من الأعمال الروائية التي جعلته مرشحا لسنوات وعقود لجائزة نوبل، وتسبب احتلال براغ من الاتحاد السوفيتي، وسيطرة النظام الشيوعي عليها في لجوء كونديرا إلى فرنسا، وكتب بلغتها جزءا من أعماله الأدبية.

وفي حضوره لاحتفالات الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى، قال رئيس الوزراء التشيكي لوكالة الأنباء التشيكية سي تي كاي، إن كونديرا يستحق أن يستعيد جنسيته، وهو التعبير الذي يمثل ردا لاعتبار الروائي الذي نبذته الأنظمة السلطوية.
 
ميلان كونديرا

ميلان كونديرا

وبحسب فرانس 24، يبلغ صاحب «خفة الكائن التي لا تحتمل» 89 عاما وكان قد انتقل إلى فرنسا في العام 1975 بعد تعرضه للتضييق من طرف النظام الشيوعي بسبب دعمه أحداث «ربيع براغ» في تشيكوسلوفاكيا الذي قمعها الاتحاد السوفياتي. وكانت أعماله ممنوعة في بلده الأم طيلة سنوات كما كانت حياته الخاصة تحت مراقبة الشرطة السرية الشيوعية باستمرار.

وجرد النظام الشيوعي في تشيكوسلوفاكيا السابقة الكاتب وزوجته فيرا من الجنسية رسميا في العام 1979 بعد استقراره في فرنسا. وقال رئيس الحكومة التشيكية: «لا أعرف ما هي الإجراءات المحددة لاستعادة الجنسية»، لكن الزوجين كونديرا يأملان ألا يتطلب ذلك «الكثير من الوثائق».

 

وبقيت علاقات كونديرا المولود العام 1929 في برنو (شرق جمهورية تشيكيا) مع بلده الأم معقدة حتى بعد انهيار النظام الشيوعي في براغ بفضل «الثورة المخملية» العام 1989. وزار الروائي من ذلك الحين بلاده مرات عدة من دون أي دعاية أو أي لقاءات عامة. وقال بابيس إن الكاتب زار تشيكيا للمرة الأخيرة قبل 22 عاما.

الروائي التشيكي ميلان كونديرا

الروائي التشيكي ميلان كونديرا

وفي أعماله يبدو واضحا مقاومة كونديرا للأنظمة الشيوعية المتسلطة، ورفضه لممارستها القمعية، بل وفضحها، ومن ذلك عمله الأشهر «المزحة»، وكيف يتعرض أحد أبناء الأنظمة الشيوعية في براغ للتنكيل والبطش، لأنه أطلق مزحة، لم يكن القصد منها السخرية من الأنظمة المتسلطة لكنه دفع ثمن هذه المزحة غاليا.

وفي «الكائن الذي لا تحتمل خفته» تدور الأحداث حول أربعة شخصيات رئيسية، أحدهم توماس الطبيب الذي يُجبره النظام الشمولي على ترك وظيفته، والعمل في وظيفة متدنية، حيث تبدأ الأحداث في الرواية، وتتصاعد على خلفية سياسية، هي سقوط براغ في قبضة الاحتلال السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية، وعلى خلفية انتشار النظام الشيوعي الثقيل البوليسي، نتطلع على التحولات التي تطرأ على المجتمع، والتطورات المدمرة التي تلحق به.

كائن لا تحتمل خفته
كائن لا تحتمل خفته

وسط الحرب الباردة التي تبدأ في أعقاب الحرب العالمية الثانية، بين المعسكرين، الشرقي، الذي يضم التشيك، وألمانيا الشرقية، والمعسكر الغربي الذي يحاول الزحف الشيوعي الثقيل على أوروبا المنهكة بعد الحرب، فيحاول إنقاذ غرب أوروبا من السقوط في قبضة الشيوعية.

اللافت أن فكرة عودة كونديرا إلى وطنه بعد 43 عاما قضاها في منفاه بفرنسا، تتفق إلى حد كبير مع سطور روايته «كائن لا تحتمل خفته» الاستهلالية، التي يقول فيها: لو قُدر لكل ثانية من حياتنا أن تتكرر مرات لا حصر لها، لكنا معلقين على الأبدية، مثلما علق يسوع المسيح على صليبه، هذه الفكرة فظيعة، ففي عالم العود الأبدي، كل حركة تحمل ثقل مسؤولية لا تطاق.

وهذا ما جعل نيتشه يقول: إن فكرة العود الأبدي هي الحمل الأكثر ثقلا، إذا كان العود الأبدي هو الحمل الأثقل، يمكن لحيواتنا عندئذ أن تظهر على هذه القماشة الخلفية بكل خفتها الرائعة، ولكن هل الثقل هو حقا فظيع؟ وجميلة هي الخفة؟ إن أكثر الأحمال ثقلا يسحقنا، يلوينا تحت وطأته، ويشدنا نحو الأرض.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق