من مشاهدة الجريمة لـ"وجود الآثار".. التلبس في القانون المصرى من الحالات لـ"الشروط"

الأربعاء، 28 نوفمبر 2018 08:00 ص
من مشاهدة الجريمة لـ"وجود الآثار".. التلبس في القانون المصرى من الحالات لـ"الشروط"
التلبس وحالاته وشروطه
علاء رضوان

«التلبس فى القانون» يعرف بأنه حالة يتم فيها مشاهدة الجريمة حال ارتكابها أو عقب ارتكابها بوقت يسير، فالتقارب الزمني بين وقوع الجريمة وكشفها هو المراد بوجود الجريمة في حالة تلبس، كما أن مفهوم التلبس جاء في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية والتي تنص :

تكون الجريمة متلبسا بها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة، وتعتبر الجريمة متلبسا بها إذا اتبع المجني عليه مرتكبها أو تبعته العامة مع الصياح أثر وقوعها، أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملا آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقا أو أشياء أخرى يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها، أو إذا وجدت به فى هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك .

فى التقرير التالى «صوت الأمة» رصدت حالة التلبس من حيث المفهوم والشروط والآثار المترتبة عليه من حيث الحالات الخمس المتعارف عليها طبقا للقانون-وفقا للخبير القانونى والمحامى بالنقض رجب السيد قاسم. 

53127-دعارة-التلبس

مفاد  النص السابق أن أحوال التلبس خمس حالات وهي :

أولاً : مشاهدة الجريمة حال ارتكابها .

ثانياً : مشاهدة الجريمة عقب ارتكابها ببرهة يسيرة .

ثالثاً : تتبع مرتكبها إثر وقوعها .

رابعاً : إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها حاملاً أشياء يستدل منها علي أنه فاعل أو شريك فيها .

خامساً : إذا وجدت بمرتكبها آثار أو علامات يستدل منها علي أنه فاعل أو شريك فيها .

لكي نقوم ببيان مفهوم التلبس أكثر فهما فإنه من الأفضل بيان وشرح حالات التلبس لأنها مستسقاة من التعريف القانوني للتلبس والي حضرتكم شرح حالات التلبس .

حالات التلبس

1-مشاهدة الجريمة لحظة ارتكابها : يقصد بذلك إن نشاهد الجريمة وقع وقوعها مثلا شخص يقوم بالسرقة «حالة تلبس»، شخص يقوم بقتل أخر «حالة تلبس»، وهنا يكفي مشاهدة مرحلة من مراحل الجريمة، والتلبس لا يكون فقط بالنظر قد يكون بالشم أو السمع .. الخ .

2-مشاهدة الجريمة بعد ارتكابها بوقت قصير: ويقصد بهذه الحالة هو مشاهدة الجريمة بعد وقوعها بفترة زمنية قصيرة كمشاهدة الجاني وهو خارج بالمسروقات حيث لم نشاهده وقت السرقة .

3-ملاحقة الجاني بعد وقوع الجريمة: ويقصد بذلك هو إن يلاحق المجني عليه أو المارة الجاني بعد ارتكابه للجريمة مباشرة حتى الإمساك بت فتتوافر فيه حالة التلبس، إما مشاهدة الجاني في وقت أخر وملاحقته والإمساك بت لا يعتبر توافر حالة التلبس .

4-مشاهدة الجاني بعد ارتكاب الجريمة بوقت قصير يحمل أشياء تدل على انه مرتكب أو شريك في الجريمة: وهنا يقصد إن يشاهد الجاني بعد ارتكابه الجريمة بوقت قصير يحمل في يده آلات تفيد بأنه مرتكب الجريمة .

5-مشاهدة الجاني بعد ارتكاب الجريمة بوقت قصير بت اثأر تدل على أنه مرتكب الجريمة أو شريك بتا . 

30238848-v2_xlarge

ويشترط لصحة التلبس

1-مشاهدة مأمور الضبط القضائي للجريمة المتلبس بتا في حالاتها الخمس السابقة.

2-أن تكون المشاهدة واكتشاف الجريمة بطريقة مشروعة.

وعن شرح تلك الحالات بالتفصيل، يبدأ «قاسم» بالحالة الأولى وهى:

1- مشاهدة الجريمة حال ارتكابها:

تتوافر هذه الحالة بمشاهدة الجريمة أثناء ارتكاب الفعل أو الأفعال التي يتكون منها ركنها المادي، أو كما تقول محكمة النقض أن الجاني يفاجأ حال ارتكاب الجريمة فيؤخذ إبان الفعل وهو يقارف إثمه ونار الجريمة مستعرة ، وتعد هذه الحالة من أظهر حالات التلبس وأولاها.

ويلاحظ أ، المشاهدة أغلب ما تكون عن طريق الرؤية البصرية ، لكن هذه الرؤية ليست شرطا في كشف هذه الحالة من حالات التلبس، بل يكفي أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأية حاسة من حواسه تستوي في ذلك حاسة البصر أو السمع أو الشم متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل الشك، ولذلك ينبغي أن تتحرز الحاكم فلا تقر القبض أو التفتيش الذي يحصل علي اعتبار أن المتهم في حالة تلبس إلا إذا تحققت من أن الذي أجراه قد شهد الجريمة أو أحس بوقوعها بطريقة لا تحتمل الشك-الكلام لـ«قاسم».

ومن تطبيقات هذه الحالة من حالات التلبس ما قضت به محكمة النقض من أن "ضبط الراشي حال تقديمه المبلغ للموظف هو كشف لجريمة الرشوة وقت ارتكابها فيباح لرجل الضبطية القضائية أن يقبض علي المتهم ويفتشه.

وإنه: «إذا كان الضابط قد شاهد جريمة إحراز المخدر متلبسا بها عندما اشتم رائحة الحشيش تتصاعد من المقهى، فإن من حقه أن يفتش المقهى ويقبض علي كل متهم يرى أن له اتصالا بالجريمة». 

31119-large-945224620275503836

ولما كان التلبس صفة متعلقة بذات الجريمة بصرف النظر عن شخص مرتكبها، فمتى تحقق في جريمة صحت إجراءات القبض والتفتيش في حق كل من له اتصال بها سواء كان فاعلا أو شريكا، شوهد في مكان وقوعها أم لم يشاهد لما كان هذا فقد قضى بأنه: «إذا كان الثابت من الحكم ان المحكوم عليه الآخر في الدعوى قد ضبط ضبطا قانونيا محرزا لمادة مخدرة ودل علي الطاعن باعتباره مصدر هذه المادة فإن انتقال الضابط إلي حيث تكمن من القبض علي الطاعن وتفتيشه يكون إجراء صحيحا، إذ أن ضبط المخدر مع المحكوم عليه الأخر يجعل جريمة إحراز المخدر متلبسا بها مما يبيح لرجل الضبط القضائي الذي شاهد وقوعها أن يقبض علي كل من يقوم ضده دليل على مساهمته فيها وأن يفتشه».

2- مشاهدة الجريمة عقب ارتكابها ببرهة يسيرة:

تفترض هذه الحالة أن مأمور الضبط القضائي لم يشهد الجريمة وهي ترتكب، وإنما شاهد آثارا لها أو ظروفا تدل علي أنها قد ارتكبت منذ برهة يسيرة، حيث أن آثارها ما تزال ساخنة ، التي يمكن اتخاذها أمارة علي قيام حالة التبس في هذه الحالة إنما هي الآثار التي تنبئ بنفسها عن أنها من مخلفات الجريمة والتي لا تحتاج في الإنباء عن ذلك إلي شهادة شاهد، كمشاهدة جثة القتيل تنزف منها الدماء، أو مشاهدة السارق يخرج مسرعا بالمسروقات من المسكن أو حتى من الطريق الذي به ذلك المسكن، أو سماع العبارات النارية من الجهة التي شوهد المتهم قادما يجري منها عقب ذلك مباشرة.

إذن فكل ما تطلبه القانون لقيام هذه الحالة من حالات التلبس أن يتم مشاهدة الجريمة عقب ارتكابها ببرهة يسيرة، غير أنه لم يحدد زمنا معينا لمدى هذه البرهة اليسيرة وإن كان يمكن القول بأنه هو ذلك الوقت اليسير اللاحق مباشرة علي ارتكاب الجريمة والذي يلزم انتقال مأمور الضبط القضائي إلي محلها فور علمه مباشرة بوقوعها حيث تكون آثارها ناطقة ومعالمها لازالت واضحة جلية، وفي ذلك تقول محكمة النقض بأن:

«لا ينفي قيام حالة التلبس كون مأمور الضبط قد انتقل إلي محل الحادث بعد وقوعه بزمن ما دام أنه قد بادر إلي الانتقال عقب علمه مباشرة، وما دام إنه قد شاهد آثار الجريمة وهي لا تزال قائمة ومعالمها بادية تنبئ عن وقوعها».  

مع ملاحظة أنه لا يمكن وضع ضابط زمني محدد لتلك البرهة اليسيرة ويترك تقديره لمحكمة الموضوع تستخلصه مما تراه من وقائع الدعوى، ولا تعقيب عليها من محكمة النقض ما دامت الأسباب التي استندت إليها لها أصول في الأوراق وتؤدي عقلا ومنطقا إلي النتيجة التي ترتبت عليها. 

16182-دخان-سيجارة

3- تتبع الجاني إثر وقوع الجريمة:

عبر المشرع عن المراد بهذه الحالة من حالات التلبس بقوله في نص المادة «30» من قانون الإجراءات الجنائية: «وتعتبر الجريمة متلبسا بها، إذا تبع المجني عليه مرتكبها أو تبعته العامة مع الصياح إثر وقوعها».

ومؤدى هذا النص أنه يتعين لتوافر هذه الحالة من حالات التلبس أن يحدث تتبع للجاني سواء من قبل المجني عليه نفسه أو من قبل العامة مع الصياح، وأن يكون ذلك علي أثر وقوع الجريمة، أي عقب ارتكابها مباشرة.

ولا يشترط في هذه الحالة أن يتتبع العامة الجاني فعلا، وإنما يكفي صياحهم الذي ينبئ عن الاستغاثة لضبط الجاني ولو لم تتبعه، ولفظ العامة هنا ينصرف إلي أي فرد ولو كان واحدا حيث لا مبرر للتعدد، فلو أن شخصا شاهد الجاني يرتكب الجريمة ثم تابعه وحده بصياحه فهذا يكفي لقيام حالة التلبس التي نحن بصددها، كما يجب عدم الخلط بين صياح العامة والإشاعة التي هي الخبر أو الزعم الذي يتردد علي السنة الناس بأن شخصا معينا هو مرتكب الجريمة، فهي وإن كانت تنبه السلطات العامة إلي وقوع الجريمة فتدفعها إلي إجراء التحريات وجمع الاستدلالات إلا أنها لا تكفي لجعل الجريمة في حالة تلبس بما يترتب عليها من إجراءات استثنائية.

4- إذا وجد الجاني بعد وقوع الجريمة بوقت قريب حاملا أشياء أو به آثار يستدل منها علي أنه فاعل الجريمة أو شريك فيها:

يتحقق التلبس بالجريمة في هذه الحالة بأحد صورتين: الأولى: إذا ضبط الجاني وبحوزته الأدوات التي استخدمت في ارتكاب الجريمة أو الأشياء التي تحصلت منها، والثانية إذا ضبط الجاني وبه آثار أو علامات يستدل منها علي أنه فاعل الجريمة أو شريك فيها، وعلة اعتبار هذه الحالة إحدى حالات التلبس هي أن حيازة شخص لهذه الأشياء أو وجود هذه الآثار به تعد قرينة قوية علي أنه مرتكب للجريمة أو مشارك في ارتكابها.

ويجب لتوافر التلبس بالجريمة في هذه الحالة – بصورتيها – أن يكون مشاهدة المتهم وهو يحمل هذه الأشياء أو به تلك الآثار قدتم بعد وقوع الجريمة بوقت قريب، وحيث أن المشرع لم يحدد نهاية هذا الوقت القريب، فإن ذلك يعني أنه أمر متروك تقديره لقاضي الموضوع مهتديا في كل حالة بظروفها ومراعيا ألا يمضي بين وقوع الجريمة وضبط المتهم في هذه الظروف إلا زمن قصير وبحيث لا يحتمل أن تكون هذه الأشياء قد أتت إليه من شخص آخر وعلي أن تكون هناك صلة مباشرة بين وقوع الجريمة ووجود هذه الأشياء معه. 

21663-30774124-v2_xlarge

ثالثا : شروط صحة التلبس:

1- مشاهدة مأمور الضبط القضائي لحالة التلبس بنفسه:

سلف لنا القول بأن تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحتة التي توكل بداءة لرجل الضبطية القضائية على أن يكون في تقديره هذا خاضعا لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وفق الوقائع المعروضة عليها، وهذا يتطلب – بطبيعة الحال – أن يتحقق مأمور الضبط بنفسه من توافر إحدى حالات التلبس بالجريمة التي عددتها المادة (30) من قانون الإجراءات الجنائية، أي أن يشاهدها بنفسه أو يدركها بأي حاسة من الحواس، فإذا لم يكن قد شاهد الجاني أثناء ارتكاب الجريمة فعلا، فيجب علي الأقل أن يكون قد حضر إلي محل الواقعة عقب ارتكاب الجريمة ببرهة يسيرة وشاهد آثار الجريمة وهي لا تزال قائمة ومعالمها بادية تنبئ عن وقوعها، فإذا لم يكن لا هذا ولا ذلك فلا أقل من أن يكون قد شاهد المجني عليه علي إثر وقوع الجريمة وهو يعدو خلف الجاني لملاحقته والقبض عليه، أو شاهد عامة الناس وهم يشيعون الجاني بصياحهم، أو رأي الجاني بعد وقوع الجريمة بوقت قريب وهو حامل لآلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراق أو أشياء أخرى أو به آثار أو علامات يستدل منها علي أنه مرتكب للجريمة أو مشارك في ارتكابها وليس يكفي لاعتبار حالة التلبس قائمة تبيح الإجراءات الاستثنائية المقررة لمأمور الضبط في هذه الحالة أن يكون ذلك المأمور قد تلقى نبأها عن طريق الرواية والنقل من الغير، شاهدا كان أم متهما يقر علي نفسه، ما دام هو لم يشاهدها أو يشهد أثرا من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها.

وبالتالي فإنه إذا كان الثابت أن الذي شاهد المتهم وهو في حالة التلبس بجريمة بيع المواد المخدرة هو المرشد الذي أرسله الضابط لشراء المادة المخدرة، فلما حضر الضابط إلي المنزل لم يكن به من الآثار الظاهرة لتلك الجريمة ما يستطيع ضابط البوليس مشاهدته والاستدلال به علي قيام حالة التلبس فلا يمكن عند حضور الضابط اعتبار هذا المتهم في حالة تلبس، ولا يمكن اعتبار ورقة المادة المخدرة التي حملها المرشد إلي الضابط عقب البيع آثرا من آثار الجريمة يكفي لجعل حالة التلبس قائمة فعلا وقت انتقال الضابط، لأن الآثار التي يمكن اتخاذها أمارة علي قيام حالة التلبس، إنما هي الآثار التي تنبئ بنفسها عن أنها من مخلفات الجريمة والتي لا تحتاج في الأنباء عن ذلك إلي شهادة شاهد.

2- مشاهدة حالة التلبس بطريق مشروع:

إن كانت جميع التشريعات الجنائية تخول لرجال الضبطية القضائية في حالات التلبس بالجريمة اتخاذ بعض الإجراءات الاستثنائية التي تمس الحرية الشخصية للناس والتي من أخطرها حق القبض علي المتهم وتفتيشه، إلا أن هناك شرطا جوهريا ينبغي توافره، هو أن تكون الإجراءات الموصلة لحالة التلبس جائزة ومشروعة، فإذا كان السبيل الذي سلكه مأمور الضبط القضائي في اكتشافه لحالة التلبس غير مشروع، فإن التلبس لا يكون قائما قانونا، وبالتالي تبطل جميع الآثار المترتبة عليه. 

69565-435

ومن أهم صور مشاهدة مأمور الضبط القضائي لحالة التلبس بطريق مشروع، أن يشاهد هذه الحالة عرضا وبطريق الصدفة، كأن يدخل أحد المحال العامة المفتوحة للجمهور لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح في الأوقات التي تباشر فيها تلك المحال نشاطها عادة، فيشاهد عرضا وبطريق الصدفة أرتكاب جريمة وتطبيقا لذلك فقد قضى بأنه "إذا كان الضابط قد شاهد جريمة إحراز المخدر متلبسا بها عندما اشتم رائحة الحشيش تتصاعد من المقهى، فإن من حقه أن يفتش المقهى ويقبض علي كل متهم يرى أن له اتصلا بالجريمة " ويكون القبض والتفتيش في هذه الحالة قائما علي حالة التلبس لا علي حق ارتياد المحال العامة والإشراف علي تنفيذ القوانين واللوائح. ويلاحظ أنه إذا كان من الجائز لمأمور الضبط الدخول إلي المكان العام، فإنه يجوز له – من باب أولى – النظر من ثقب بابه للاطلاع علي ما يجري فيه، فإذا نظر من ثقب باب المكان العام المفتوح للجمهور فشاهد جريمة ترتكب في داخله، تحقق التلبس بذلك، وإن كان يجب أن تتحقق المحكمة من وقت حصول الضبط وما إذا كان المحال العام مفتوحا للجمهور أو مغلق للوقوف علي صحة أو عدم صحة الدفع ببطلان القبض والتفتيش، لأن هذه المحال تأخذ حكم المساكن في غير الأوقات التي يباح فيها للجمهور أن يدخلها.

ولما كان الاستيقاف أمر مباح لمأمور الضبط القضائي إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية منه واختيارا في موضع الريب والظن، وكان هذا الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري والكشف عن حقيقته، فإذا كشف الاستيقاف في إثر ذلك عن حالة تلبس بجريمة، فقد حق لمأمور الضبط القبض عليه وتفتيشه، وتطبيقا لذلك فقد قضى بأن: «طلب الضابط» البطاقة الشخصية للمتهم لاستكناه أمره يعد استيقافا لا قبضا، ويكون تخلي المتهم بعد ذلك عن الكيس الذي انفرط وظهر ما به من مخدر قد تم طواعية واختيارا يوفر قيام حالة التلبس التي تبيح القبض والتفتيش، كما قضى بأن: «إذا استوقف مأمور الضبط المتهم المريب وطلب إليه أن يطلعه علي بطاقته الشخصية فلما أخرجها من جيبه تبين وجود قطعة من مخدر عالقة بها، فإن التلبس يتحقق بذلك».

ولما كان التلبس الذي ينتج أثره القانوني يجب أن يجيء اكتشافه عن سبيل قانوني مشروع، فإنه لا يعد كذلك إذا كان قد كشف عنه إجراء باطل، كالدخول غير القانوني لمنزل المتهم، لأن اقتحام المسكن يعد جريمة في القانون، كذلك لا يجوز إثبات حالة التلبس بناء علي مشاهدات يختلسها رجل الضبط من خلال ثقوب أبواب المساكن لما في ذلك من المساس بحرمة المساكن والمنافاة للآداب ولذلك فقد قضى بأنه: «إذا كان الثابت أن الخفير شاهد المتهمين وهم يتعاطون الأفيون بواسطة الحقن من ثقب الباب، وأن أحد الشهود احتال عليهم لفتح الغرفة التي كانوا فيها علي هذه الحالة، ثم اقتحمها الخفير وضبط المتهمين وفتشهم وعثر معهم علي المخدر، فإن حالة التبس لا تكون ثابتة ويكون القبض والتفتيش باطلين».

ولما كان يشترط في التخلي الذي ينبئ عن قيام حالة التلبس بالجريمة أن يكون قد وقع عن إرادة طواعية واختيارا ، فإن كان وليد إجراء غير مشروع فإن الدليل المستمد منه يكون باطلا لا أثر له فقد قضى بأنه: «متى كانت الواقعة الثابتة بالحكم هي أن المتهم لم يتخل عما معه من القماش المسروق إلا عندما هم الضابط بتفتيشه، دون أن يكون مأمورا من سلطة التحقيق بهذا الإجراء ، فإنه لا يصح الاعتداء بالتخلي ويكون الدليل المستمد منه باطلا». 

6111-download-(1)

كما يعد التلبس باطلا إذا كان إذن النيابة لمأمور الضبط القضائي بمباشرة إجراء من إجراءات التحقيق مشوبا بعيب يبطله ولذلك فقد قضى بأن: «الإذن بالتفتيش إجراء من إجراءات التحقيق لا يصح قانونا إصداره إلا لضبط جريمة (جناية أو جنحة) واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلي المأذون بتفتيشه، ولا يصح بالتالي إصداره لضبط جريمة مستقبلية ولو قامت التحريات والدلائل الجدية علي أنها ستقع بالفعل».  

كما يعد التلبس باطلا إذا كان قد كشف عنه نتيجة لتعسف في تنفيذ إذن التفتيش، وتطبيقا لذلك قضى بأنه: «إذا كان لرجل الضبطية القضائية أن يفتش عن سلاح، فإن له أن يضبط كل جريمة تظهر له عرضا في أثناء تفتيشه عن السلاح دون سعي من جانبه في إجراء التفتيش بحثا عن هذه الجريمة التي لم يؤذن بالتفتيش من أجلها، فإذا هو تجاوز الحدود وفتش لغير الغاية التي أبيح له التفتيش من أجلها كان عمله باطلا فإذا كان الثابت بالحكم أن الضابط الذي كان يفتش عن سلاح قرر أنه بمجرد أن أمسك بمحفظة المتهم شم رائحة الأفيون تنبعث منها ففتشها، فهذا معناه أن تفتيشه الحافظة لم يكن مبنيا علي أنه اشتبه في وجود شيء مما كان يبحث عنه بها ، وإنما فتشها لأنه اكتشف وجود الأفيون بها.

وأخيراً يعد التلبس باطلا إذا كان قد كشف عنه علي آثر قبض غير صحيح، وتطبيقا لذلك فقد قضى بأنه: «إذا كان الثابت بالحكم لا يستفاد منه أن المتهم قد شوهد وقت ضبطه في حالة تلبس، بل يفيد أنه لم يلق المخدر الذي كان معه إلا عند محاولة رجال البوليس القبض عليه لتفتيشه، فلا يجوز الاستشهاد عليه بالمخدر المضبوط فإن ضبطه ما كان ليحصل لولا محاولة القبض عليه بغير حق»، مع ملاحظة أن تقرير الصلة بين القبض الباطل وبين الدليل الذي تستند إليه سلطة الاتهام أيا ما كان نوعه من المسائل الموضوعية التي يفصل فيها قاضي الموضوع بغير معقب ما دام التدليل عليها سائغا ومقبولا.  

 

13914201362640

 

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة