مظاهرات الحب المصرية

الثلاثاء، 27 نوفمبر 2018 05:57 م
مظاهرات الحب المصرية
علي الحازمي يكتب:

بين السعودية ومصر تاريخ عظيم، كتبته كل المواقف المُشرقة التي أثمرت الأخوَّة الصادقة، والمواقف البنَّاءة. وبينهما أيضًا ما لا يُمكن كتابته ولا وصفه من جسور الإخاء، سواء على المستوى السياسي أو الشعبي.
 
كثرة الشواهد تُصعّب الاختيار. فما زالت الذاكرة السياسية العالمية تحتفظ بمواقف خالدة في وحدة المواقف، ومن أقربها استدعاءً موقف الملك فيصل (رحمه الله) في حرب الاستنزاف، بعد نكسة يونيو 1967، ومقولته الخالدة "يا جمال.. مصر لا تطلب، وإنما تأمر".
 
كانت الوقفة الكبيرة بقطع النفط، بل والمشاركة ضمن القوات المصرية، ولم يتوقّف ذلك خلال فترات خلفه من بقية ملوك السعودية، حتى الحاضر الزاهر لملك الحزم، الذي سجّل له التاريخ تطوُّعه ضمن صفوف الجيش المصري ضد العدوان الثلاثي في العام 1956، والذي في عهده أيضًا أخذت العلاقات بين البلدين أبعادًا استراتيجية كبيرة، وهي ممّا لا يتَّسع المجال لذكره، ومنه الزيارة الحالية لولي العهد، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان (حفظه الله) لمصر، التي أبى إلا أن تكون في مُقدمة قائمة هذه الجولة المهمة التي يتوسَّطها حضور قمة (G20)، ويُتوقَّع لها انعكاسات ملموسة على أهم الملفات في المنطقة.
 
مصر هي الشقيقة الكبيرة، التي قال عنها ولي العهد حفظه الله: "لم تتأخَّر مصر عن السعودية لحظة، ولن تتأخَّر السعودية عن مصر لحظة، هذه قناعة راسخة بين قيادة وشعبي البلدين"، وهو اختصار عميق لواقع أصيل.
 
وفي زيارة ولي العهد، وضمن جولته الحالية - التي تأتي القاهرة واحدة من محطَّاتها، وبغضّ النظر عن أهدافها سياسيًّا واقتصاديًّا وغير ذلك - فإن الحضور الشعبي المصري لا يُشبهه شيء، بساطة ونقاءً، في ترحيبه بضيفه الكريم، بدأت من العبارة الرئاسية "ولي العهد في بلده الثاني"، ومن الاصطفاف في الطرقات بأعلام تعانق فيها علما البلدين في لوحة عنوانها المصير المشترك.
 
لم تكن مصر في الحقيقة إلا قلبًا عربيًّا كبيرًا كعادتها، وإن كانت في احتفائها بضيفها الكبير خرجت عن المألوف، لتكون كل ابتسامة في اصطفاف جماهيرها في الشوارع ترحيبًا، تمثل لوحدها بروتوكولاً صادقًا، و"مظاهرة حب" كما أجادت وصفها إحدى الصحف المصرية الشقيقة، وهي تتحدّث عن بعض ما لقيه الضيف الكبير من إخوته في "المحروسة" حكومة وشعبًا.
 
وغنيّ عن القول فإن مثل هذه الجولات المكوكية التي يُنفذّها مهندس الرؤية السعودية، تعود مُكتسباتها على كل مكان تحلّ فيه، وعلى كل الأطراف. وهي هذه المرّة ككُلّ مرّة، وفي الدول التي تمرّ بها تحكي فصولاً من الحراك الدبلوماسي المدروس؛ لتعزيز التكاتف الكبير بين السعودية وشقيقاتها في المحيط العربي الكبير، وهي في مصر تحديدًا ستكون بذات الأهمية الكبرى على الملفات السياسية، ودعم الشراكات الاقتصادية بين البلدين، إضافة إلى انعكاسات إيجابية مُتوقّعة على الحلف الرباعي، وركنه "مصر" الكبيرة تاريخًا ومكانة وثقلاً، وكذلك ملفات مثل الملف اليمني وأوضاع المنطقة.. حفظ الله قياداتنا وشعوبنا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق