كن طرفًا في الصراع

الأربعاء، 28 نوفمبر 2018 02:45 م
كن طرفًا في الصراع
د\ماريان جرجس

يقول جلال الدين الرومى: "إنهم مشغولون بالدماء، بالفناء، أما نحن فمشغولون بالبقاء". 
 
إن الصراع بين البقاء والفناء سيظل دائرًا حتى يوم القيامة، ولكن كل منا عليه أن يختار أى صف سينحاز له، فعندما قررت الدولة المصرية أن تبقى رغم  كل ما مرت به  قررت أن تخوض حرب وجود، ولكن الحرب أولويات، فتأمين الحدود والانتصار على الإرهاب وتأمين الأمن المائى والغذائى والاجتماعى والدوائى، يأتى على رأس كل الأولويات الأخرى، ويتبقى الوعى المجتمعى فتحقيق ذلك الأمن  هو بمثابة صمام الأمان لكل ما تم تحقيقه من انتصارات أخرى.
 
الوعى المجتمعى هو العامل الوحيد القادر والضامن على استدامة الأمن القومى، فبدون ذلك الوعى المجتمعى، سنجد بؤر جديدة تهدد كل ما سبق.
 
التحدى الكبير فى تحقيق ذلك الأمن أو الوعى فى المجتمع هو أن المواطن ليس طرفًا  فى ذلك الصراع! يا لعجب تلك المعادلة! فكيف وهو أساس الصراع؟، لأن هناك قوى عديدة وكثيرة تراهن على ذلك الوعى وتراه الورقة الرابحة الأخيرة فى حربهم على سيادة وبقاء الدولة، فهناك قوة سياسية فى هيئة كيانات وأحزاب سياسية تنادى مثلا بتثقيف العامة والارتقاء بالمستوى العلمى مثلا وحملات محو الأمية، ولكنه ليس الوعى المجتمعى المرجو، وهناك كيانات وقوى ليبرالية تُسخر مساعيها  لتشكيل قوى مدنية ليبرالية وتبالغ فى تلك المظاهر الخارجية، ولكن أيضًا ليس هذا هو الوعى المجتمعى  الذى نريده ليردعهم عن بث سموم الوعى.
 
فأمام كل تلك القوى التى تتحدث عن المجتمع، نجد القوى التى لا تريد أن ترفع راية الهزيمة حتى الآن وهى قوى الظلام التى تتخذ من الدين سترًا لها متحدثه باسمه لكى لا تنتطق ببنت شفه!.
 
فالتيارات الدينية الكاذبة أيقنت أن المعارضة المسلحة الواهية هٌزمت ولم يتبق لها سوى تلك الورقة وتبتسم وهى تراهن عليها لانها تعلم مدى تأثيرها فى أن تهمس فى آذان الشعب وتلقى استحسانًا.
 
أما عن اللغة، فبالتأكيد يتم تحديثها باستمرار فلن يكون التحريض ضد الدولة علانية ولكن بالبحث عن النقاط الضعيفة فى المجتمع  أخلاقية مثلا أو قضايا تمس الكرامة والشرف ليسلطوا الضوء عليها فبدون انحلال لن يفلحوا فى ايجاد سببًا  لتواجدهم، فيخلقون فراغًا مجتمعيًا، ويتصيدون الأخطاء الفردية لإشاعتها على ركيزة المقولة التى تقول "السيئة تعم والحسنة تخص"، ستجدهم يؤكدون أن المجتمع المصرى بلا هُوية معروفة لزعزعة أى انتماء بداخل المواطن، ستجد منهم من يخلق الفزاعات المجتمعية ويُطبق سياسة فرق تسُد على المستوى الاجتماعى أو حتى أضعف الإيمان على مستوى دائرة معارف الفرد من تلك التيارات.
 
كل ذلك لتشكيل وعى مجتمعى غير صحى مشٌكل ومجند لاستدعائهم فى الساحة مرة أخرى لعل وعسى! وهنا يأتى أهمية الأمن المجتمعى وتشكيله بشكل سوى وصحى ومحاربة كل أسقامه، فعلى الدولة أن تجتذب وعى المواطن وعقله وتذيبه فى الأصول الفكرية لفكر الدولة المدنية، وفى الفنون والعمل والانتماء والأصول المصرية القديمة والتقاليد المعتدلة، على الدولة استرجاع وعى المواطن المصرى الذى يتعرض للسرقة من قبل "خفافيش الظلام" يوميًا دون أن يدرى وأن يحسم صراعه بنفسه حتى نضمن لاجيالنا القادمة استدامة الأمن والأمان لعقود وعقود قادمة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق