جرائم الموظف العام: الغدر (3)

الجمعة، 30 نوفمبر 2018 10:00 ص
جرائم الموظف العام: الغدر (3)
كتب محمد أسعد

يخلط الكثيرون بين مختلف جرائم العدوان على المال العام، التي من الممكن أن يرتكبها الموظف العام «موظف الحكومة» كجريمة الاختلاس والاستيلاء والغدر والتربح من الوظيفة، والإضرار العمدي وغير العمدي بالأموال، وغيرها من الجرائم. وفي سلسلة تقدمها صوت الأمة استنادًا إلى الدراسة البحثية، التي أعدها المستشار الدكتور فؤاد محمود عوض، نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، توضح الفرق بين تلك الجرائم التي حددتها القوانين ومن بينها قانون العقوبات.

وقبل الخوض في الجرائم التي من الممكن أن يرتكبها الموظف العام، نعرف في البداية الموظف العام وهم القائمون بأعباء السلطات العامة والعاملون في الدولة، ووحدات الإدارة المحلية، ورؤساء وأعضاء المجالس والوحدات والتنظيمات الشعبية وغيرها ممن لهم صفة نيابية عامة سواء كانوا منتخبين أو معينين، بالإضافة لأفراد القوات المسلحة، وكل من فوضته إحدى السلطات العامة في القيام بعمل معين وذلك في حدود العمل المفوض فيه، ورؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالًا عامة.

أقرأ أيضًا: جرائم الموظف العام: اختلاس المال العام (1)

ويقصد بالموظف العام كذلك، كل من يقوم بأداء عمل يتصل بالخدمة العامة بناءً على تكليف صادر إليه بمقتضى القوانين أو من موظف عام في حكم الفقرات السابقة متى كان يملك هذا التكليف بمقتضى القوانين أو النظم المقررة، وذلك بالنسبة للعمل الذي يتم التكليف به.

 

الجريمة الثالثة: الغدر

نص المشرع الجنائي على هذه الجريمة في المادة 114 عقوبات التي تقرر أن ( كل موظف عام له شأن في تحصيل الضرائب والرسوم أو العوائد أو الغرامات أو نحوها، طلب أو أخذ ما ليس مستحقاً أو يزيد على المستحق مع علمه بذلك يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن).

وأساس التجريم هنا أنه لا يجوز فرض أعباء أو رسوم على المواطنين أو زيادتها بدون وجه حق لان ذلك يتطلب قانون لفرضها أو زيادتها ومن ناحية أخرى فإن هذه الجريمة تخل بالثقة في عمال الدولة، فإذا فرض الموظف ضرائب أو رسوم غير مستحقة فالأمر هذا يكون خداع وغدر بالمواطنين وهذه الجريمة لها ثلاثة أركان أولها صفة الجاني وثانيها الركن المادي وثالثها القصد الجنائي.


الصفة الخاصة في الجاني :

يجب أن يكون الجاني موظفاً عاماً وفقاً لمدلول الموظف العام في جرائم الاختلاس وأن تكون له علاقة بتحصيل الضرائب والرسوم ولا يشترط أن يتولى كل أعمال التحصيل بل يكفى أن يكون له شأن في ذلك ولو ضئيل كأن يكون مساعد محصل أو مشرف على التحصيل قام بعملية التحصيل ولذاك فلا نكون بصدد جريمة الغدر إذا انتفت عن الجاني صفة الموظف العام كصاحب المهنة الحرة الذي يطالب الفرد بأتعاب تزيد على ما يستحقه وكذلك لا تقوم الجريمة إذا كان الشخص موظفاً عاماً لكن لا شأن له بتحصيل الضرائب والرسوم حتى ولو زعم ذلك حيث تكون الجريمة في هذه الحالة جريمة نصب.


أقرأ أيضًا: يلزمها توافر ثلاثة أركان.. جرائم الموظف العام في الاستيلاء على المال العام (2)

الركن المادي:
ويتمثل هذا الركن في الطلب أو الأخذ بمفهومه في جريمة الرشوة ويكون الطلب بعبارات تدل على رغبة الموظف في تحصيل مبلغ غير مستحق أو يكون ضمني منا لو حرر إيصالاً بمبلغ غير مستحق ويقدمه للمواطن أما الأخذ فيكون بالحصول الفعلي على المال غير المستحق وإدخاله في حيازته حتى ولو بدون طلب كما لو ظن شخص أن عليه رسوم معينة على غير الحقيقة فبادر بسدادها للموظف ويستوي أن يكون الموظف الذي حصل غير المستحق من الأموال قد احتفظ بها لنفسه أو وردها إلى خزانة الدولة ولعل الصورة الشائعة لهذه الجريمة ما يقوم به المحصلون بضرائب الأطيان الزراعية الذين يتقاضون من ملاك الأرض الزراعية مبالغ تزيد على الضريبة الواجبة.


الركن المعنوي:

جريمة الغدر جريمة عمديه لا يكفى لقيامها الخطأ غير العمدى، ويطلب هذا الركن أن يعلم الجاني بصفته وبأن ما يطلبه أو يأخذه مبلغ غير مستحق وينتفي القصد الجنائي إذا وقع الجاني في غلط كما لو أخطأ في تحديد مبلغ الضريبة أو ميعاد تحصيل أو حالات الإعفاء منها، وينتفي القصد الجنائي إذا كان الموظف يجهل صدور قانون ألغى الضريبة التي طالب بها الممول أو خفضها إلى قدر معين كذلك إذا أخذ الموظف مبلغاُ يزيد عن المستحق دون أن يفطن إلى ذلك بأن أهمل في عد النقود.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق