وظل مقعده شاغرا.. «مكاوي سعيد» صاحب البجعة الذي لم يصدق محبوه رحيله

الأحد، 02 ديسمبر 2018 05:00 م
وظل مقعده شاغرا.. «مكاوي سعيد» صاحب البجعة الذي لم يصدق محبوه رحيله
مكاوى سعيد
وجدي الكومي

هو عمدة وسط المدينة، حارس مقاهيها، والقيمّ على مقتنياتها، هو مكاوي سعيد، الروائي الكبير الراحل، الذي صُدم محبوه حينما انتابته أزمة قلبية منذ عام، وأبى أن تكون نهايته في المستشفى، وتمسك بالعودة إلى منزله، وهناك قضى ساعاته الأخيرة، ورحل، مخلفا صدمة واسعة، ومفاجأة قاسية لمحبي كتابته، وأعماله الروائية، انتهت مسيرة مكاوي سعيد برحيله، وإن لم تنته سيرته، وتظل أعماله باقية، ويظل مقعده شاغرا في مقهى البستان، بوسط البلد.

البهجة تحزم حقائبها
البهجة تحزم حقائبها

صدرت لـ"مكاوي سعيد" ثلاث أعمال روائية، هما "السفينة، عام 1991، و"تغريدة البجعة" عام 2007، التي وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية في دورتها الأولى، و"أن تحبك جيهان" التي صدرت عام 2015، وعدد من المجموعات القصصية، منها "البهجة تحزم حقائبها" و"غرفة لم يدخلها رجل" و"الركض وراء الضوء" و"راكبة المقعد الخلفي" وكتب تنتمي لأدب السيرة سواء سيرة الأماكن، أو سيرة الأشخاص، مثل "مقتنيات وسط البلد" و"كراسة التحرير" و" القاهرة وما فيها" .

غلاف القاهرة وما فيها
غلاف القاهرة وما فيها

تظل كتب وأعمال مكاوي سعيد عن القاهرة ومنطقة وسط البلد، إحدى أهم المراجع التي توثق لها، والتي كتبت القصص والحكايات الشعبية، والشخوص، والأفراد المارة، والعابرين بها، والمقيمين فيها، ففي كتابه "مقتنيات وسط البلد " الصادر في إبريل عام 2010، عن دار الشروق، يتناول مكاوي سعيد حكايات الأشخاص، وحكايات الأماكن، والمقاهي الشهيرة في وسط البلد، وهو كتاب مهم لا غنى عنه لأي كاتب، أو باحث يرغب في توثيق فترة من فترات وسط البلد، وكذلك لا غنى عنه لأي قارئ يرغب في قراءة التاريخ غير الرسمي للمدينة.

وفي كتابه "القاهرة وما فيها"، واصل مكاوي سعيد النبش في تاريخ منطقة وسط البلد، وذاكرة قاطنيها الشخصية، وحكاياتهم وكان قد انتهى من كتابة هذا الكتاب قبل رحيله بأيام، وتسليمه إلى ناشره الدار المصرية اللبنانية، وكتب في مقدمته للكتاب أنه كتبه امتنانا لهذه البقعة المباركة التي عشنا فيها، وتنسمنا نسيمها وارتوينا من عشقها وعاصرنا تحولاتها وتأسينا على ما يجري لها".

فٌتن "مكاوي سعيد" بماكسيم جوركي، الكاتب الروسي الكبير، لأنه عبرّ عبر قصصه عن الواقع الروسي، ومعاناة الفلاحين والعمال هناك، يقول مكاوي سعيد في حوار معه: شعرت بأن هذه القصص تغنيني عن قراءة أي كتب تاريخية، أو اجتماعية في هذا الموضوع.

كان مكاوي سعيد يشعر أن الزمن سرقه، إذ عاش فترة طويلة متوهما أنه لم يزل متخرجا من الجامعة منذ عام أو عامين، وكان غير مهتم بالنشر، بل إن إحساسه بامتداد الأيام أمامه جعله ينشر على فترات متباعدة، ويهتم بالكتابة التليفزيونية الوثائقية، ثم فجأة اكتشف أنه اقترب من الخمسين فتنبه، ووجد أن موقعه على خريطة الأدب العربي لا ترضيه، ولا يتوافق مع حلمه الذي رافقه بعد التخرج.

نشر مكاوي سعيد مجموعته الأولى الركض وراء الضوء عام 1981، وتسببت وفاة يحي الطاهر عبد الله الفجائية أن يشعر أن الكتابة لا جدوى من ورائها، فتوقف طويلا، وانشغل بوظيفته كمحاسب، واكتفى بأن يضع ما يكتبه في درج مكتبه، ودعم هذا التوقف ما كان يلاقيه الكتاب من معاناة وعقبات في طريق النشر في مؤسسات الدولة، لأن دور النشر لم تكن قد وُجدت بعد.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق