الرأي العام

الإثنين، 03 ديسمبر 2018 12:25 م
الرأي العام
منى أحمد تكتب:

أثار فستانٌ ارتدته إحدى الفنانات في حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي جدلاً واسعًا عبر وسائل الإعلام المحلية، ومواقع التواصل الاجتماعي التى أصبحت من ضرورات الحياة لدى شريحة كبيرة من المصريين، ما دفع وسائل إعلام أجنبية وعالمية لإلقاء الضوء على هذا الموضوع. 
 
وأصبح الفسان قضية رأي عام أدّت لتقديم بعض المحامين بلاغات للنائب العام، يتّهمون فيها الفنانة بالخروج على الآداب العامة، وإشاعة الفسق والفجور.
 
ردود فعل مُتباينة، كشفت ما وصل إليه المجتمع، وبينما من المفترض أن يكون شغله الشاغل المشكلات الاقتصادية والأمراض الاجتماعية المستعصية التي يعانيها، إذا به ينتفض عن بكرة أبيه، بين مدافع عن مفهوم حرية الفنانة في ارتداء ما تشاء، ومنتقد لخدش الحياء العام تحت دعوى أننا مجتمع ملتزم ومن الضروري احترام العادات والتقاليد.
 
ومع كامل احترامي للمدافعين عن الحريات، والمدافعين عن العادات والتقاليد، هل يستحق موضوع مثل هذا كل ذلك الاهتمام؟! هذه النوعية من الأخبار التي تتحول لقضايا رأي عام، هي موضوعات تحظى باهتمام الجمهور في كل دول العالم، لكن المشكلة في مصر أن هذه النوعية من الموضوعات والقضايا السطحية تستحوذ على الاهتمام الأكبر لدى جمهور كبير لا يُستهان به، لدرجة أنها لا تترك مجالاً للقضايا الكبرى أو الموضوعات المهمة لأن تأخذ حقها من المناقشة والاهتمام من جانب الرأي العام.
 
أصبحت اهتماماتنا محصورة في مثل هذه الأنواع من الإشكاليات، فأصبحنا نكتفي بالعناوين ونُهمل التفاصيل، وتشغلنا القشور عن الجوهر في كل تفاصيل حياتنا، وأتعجّب من منتقدي الفنانة، هل تغافلتم عن حالات التحرش المتزايدة؟ هل حاولتم بحث الأسباب ومعالجتها؟ ونفس التعجب من المدافعين عن الحريات، أين أنتم من قضايا المجتمع المصيرية، وتنمية النهوض بالذوق العام للعوام بدلا من الانسياق لمثل هذه المهاترات؟!
  
النهوض بالوعي وإعادة صياغة الرأي العام أصبحا مسؤولية مجتمعية، أولى خطواتها الاهتمام بالتعليم، فهو "ألف باء" تنمية الوعي، ويصاحبه الاهتمام بنشر الثقافة والفنون كركيزة داعمة لبناء الإنسان ومواجهة التحديات، أما عن الإعلام فيجب أن يتحمّل جزءًا من مسؤولية الحل، عبر تنمية الإحساس الجمعي المشترك تجاه القضايا والمشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وتفعيل آليات رفع مستوى الوعي لدى المواطنين، عبر برامج توعوية للحدّ من الاتجاه نحو الهوّة السحيقة من تسطيح الشخصية المصرية. 
 
علينا أن نتعلّم كيف نُوجِّه الرأي العام نحو العمل وحبّ العلم والتطوّر والتجديد، وأن يكون الالتفاف حول فكرة وقضية ومشروع كبير، حول القضايا القومية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق