دولت بهتشلي.. «ببغاء» أردوغان والداعي للديكتاتورية

الإثنين، 10 ديسمبر 2018 09:00 م
دولت بهتشلي.. «ببغاء» أردوغان والداعي للديكتاتورية
الرئيس التركي رجب طيب اردوغان

يردد أفكار رجب إردوغان كببغاء، يتابعه كظله، يضع نفسه رهن إشارته وأطماعه، مقابل وعود لا ينال منها شيئا، كزوجة أدمنت خداع زوجها، يصرخ أحيانا  ويثير الشغب بتصريحات لا يعيرها  أحد اهتماما، فالكل يعلم أن رئيس حزب الحركة القومية في الأخير مجرد ظل للرئيس التركي لا وجود له في الحقيقة. 

يعشق دولت بهتشلي المناصب ولأجلها يسخر نفسه خادما في بلاط إردوغان، رغم العداء الفكري بينهما، فقد جمعهما التطرف، فالأول قومي متعصب والثاني مهووس بأوهام خلافة أجداده، فيما لم ينل رئيس «الحركة القومية» من مكاسب التحالف سوى ازدراء الشعب وسخرية الحليف.

«بهتشلي» 70 عاما، المنحدر من عائلة غنية تنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري، انضم في شبابه إلى "الحركة القومية" ذي النزعة العنصرية، المدعوم بميليشيات عسكرية، الذي أسسه ألب أرسلان تركش، وتتلمذ على يده في بيئة سياسية متطرفة.

استجاب «بهتشلي» لدعوة معلمه بترك العمل الجامعي وقدم استقالته من التدريس الأكاديمي أبريل 1987، ليشغل عدة مهام انتهت بمنصب رئيس الحزب 6 يوليو 1997 بعد وفاة «تركش»، وشارك في الائتلاف الحاكم مع حزبي اليسار الديموقراطي والوطن الأم، وعمل وزيرا ونائبا لرئيس الحكومة عام 1997، ليصبح رئيسا مزمنا لـ«الحركة القومية» يعاد انتخابه في دورات متتالية، رغم سلسلة طويلة من الأزمات والانقسامات، آخرها سعي مئات الأعضاء للإطاحة به عام 2016.

لم يحقق الحزب تحت قيادته نجاحات في الاستحقاقات الانتخابية منذ بدء الألفية الثالثة، فقد نال 14 % من الأصوات في 2007، ثم توالى فشله إثر الانقسامات وتدهورت شعبيته.

وأثبتت انتخابات 2015 ضحالة رؤيته السياسية، إذ حصل خلال الاقتراع الأول في يونيو على 16 % من الأصوات، فيما كان من أول الداعين إلى حل البرلمان، حيث لم يتمكن "العدالة والتنمية" أو المعارضة من تشكيل الحكومة، ما تسبب في انهيار مكاسبه جراء الانتخابات الثانية نوفمبر 2015 من 80 مقعدا إلى 41 فقط، لتتوالى المطالبات بإبعاده عن منصبه وتحميله مسؤولية الفشل.

في 2016، فضحت السياسية ميرال أكشينار ما يفعله بهتشلي بالحزب، بعد استقالتها إثر صدام مباشر معه، ودعت إلى انتخاب زعيم جديد بدل من "العجوز الفاشل" الذي أهان الحزب وهوى بشعبيته إلى الحضيض.

وأكدت أكشينار تبعية بهتشلي لإردوغان، قائلة: إنه يؤيد القمع ويقف على طول الخط مع الرئيس التركي.

يعد "بهتشلي" من أبرز قادة القومية التركية المتطرفة، يرفض الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ويعادي الأرمن والأكراد واللاجئين. 
عداؤه للأرمن ظهر في تعليقه على مجازر الدولة العثمانية: "إن كانت ألمانيا تريد التعمق فيما يخص الإبادة الجماعية فلتنظر إلى نفسها، المضحك المبكي عندما يعطي بلد خرج من ثناياه وحش بحجم هتلر دروس الإنسانية للآخرين".

يدعم جرائم الجيش التركي فيما يسمى "درع الفرات"، معتبرا عدوان إردوغان على البلدان العربية "تطورا إيجابيا"، وأن العملية ضرورية وتوفر الأمن على الحدود السورية التركية، وتقطع خطوط الإمدادات الإنسانية واللوجستية عن تنظيم داعش الإرهابي متغاضيا عن حقيقة دعم أنقرة للتنظيمات المتطرفة.

أحيانا، يتخيل بهتشلي نفسه زعيما حقيقيا ويهدد حزب العمال الكردستاني بتصريحات جوفاء مثل "أيها المجرمون، لا تظنوا أنكم ستنجحون في تحقيق أهدافكم، عما قريب ستحاسبون وأنتم تتخبطون في بئر فتنتكم"، كما رفض وهاجم الاستفتاء في إقليم كردستان العراق، ويبارك عدوان تركيا على الأكراد.

تهجم على اليونان بسبب قرار المحكمة العليا اليونانية منح حق اللجوء لعسكريين متهمين بالمشاركة في مسرحية الانقلاب، وقال في تصريحات نقلتها وكالة الأناضول الرسمية: "مستعدون لحرب رابعة".

يدس السياسي الأخرق أنفه في كل الأمور، ولم تنج التطورات المتلاحقة في البحر المتوسط والصراع على ثرواته، إذ أصدر بيانات رسمية عن الحزب، زاعما أن تركيا لها حقوق لن تفرط فيها شرق المتوسط، والمفارقة أنه يتحدث عن قبرص بوصفها تتبع أنقرة، متناسيا أنها دولة ذات سيادة احتلت القوات التركية جزءا منها عام 1974.

في البداية، عارض بهتشلي حزب العدالة والتنمية، واعتبر إردوغان عدوا يسعى إلى "أسلمة تركيا"، ورفض مقترحه منح الجنسية للسوريين اللاجئين، وقال إنه يؤدي إلى صراعات إثنية واضطرابات.

ظل أبرز معارضي "العدالة والتنمية" وساند منافسه أكمل الدين إحسان أوغلو في انتخابات الرئاسة 2014، حتى وجد أن الاقتراب يحقق له مكاسب سياسية، وكانت مسرحية الانقلاب منتصف يوليو 2016 نقطة تحول فارقة، وقرر حينها مغازلة إردوغان معتقدًا أنه يمنحه قبلة الحياة بعد أن كان يعاني الاحتضار السياسي داخل "الحركة القومية".  

دان بهتشلي محاولة الانقلاب المزعومة قائلا إنها "غير مقبولة"، ثم تمادى في تبعية إردوغان وأيد إطلاق يده وتوسيع صلاحياته في الاستفتاء على تعديلات الدستور التي تنص على التحول من النظام البرلماني إلى الرئاسي، وسخر إمكانياته لتأييد الاستفتاء.

في فبراير الماضي، جرى الإعلان رسميا عن التحالف بين حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية استعدادا للانتخابات البرلمانية والرئاسية في يونيو 2018، ودعم حزب بهتشلي إردوغان ولم يدفع بأي مرشح أمامه، على أمل تولي منصب نائب رئيس الجمهورية، فيما بدا أنها صفقة عقدها مع إردوغان، وكشف الأخير عن تعامله معه على أنه دمية حين صرح قبل الانتخابات: "نحن لا نغلق الأبواب أمام أي احتمال، كل شيء ممكن في إطار المحادثات، لدينا علاقات جيدة جدا مع دولت بهتشلي، وحوار جدي آمل أن يتم تعزيزه لأنه مهم لمستقبل تركيا".

بعد الانتخابات لم يعره إردوغان اهتماما، وأخلف وعده بمنحه منصب نائب الرئيس، الأمر الذي أزعج بهتشلي لكنه كان أضعف من أن يتحرر من التبعية.


 

في أكتوبر الماضي، كانت آثار الغضب من خيانة إردوغان وعده لا تزال مسيطرة على السياسي المتطرف، وكادت الجرأة تصيبه فأعلن اعتزامه فض التحالف مع "العدالة والتنمية"، وقال إنه سيخوض انتخابات المحلية في مارس المقبل من دون التحالف.

تصريحه الهزلي جاء بعد رفض حزب العدالة والتنمية دعوته إلى العفو عن بعض السجناء وفق قانون تقدم به "الحركة القومية" إلى البرلمان، وسخر إردوغان منه قائلا :"هل سنذكر بوصفنا السلطة التي أطلقت سراح متعاطي المخدرات".

ناور إردوغان حليفه الغارق في الأزمات داخل حزبه قائلا إنه لن يتخل عن التعاون مع "الحركة القومية"، ليتراجع بهتشلي عن تصريحاته السابقة بقوله: "التحالف ليس براجماتيا لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة، وليس مؤقتا أو نتاج مساومة، بل شراكة تاريخية للدفاع عن بقاء الجمهورية".

أيد بهتشلي القمع منذ مسرحية الانقلاب، ووصل به الانسحاق إلى دعم سعي إردوغان إصدار قانون الإعدام بحق المعارضين، قائلا :"إن كان حزب العدالة والتنمية جاهزا لذلك، فنحن جاهزون ومستعدون للقيام بكل ما يترتب علينا، وسط راحة بال تامة"، حسب موقع ترك برس.

دافع أيضا عن سياسات إردوغان الفاشلة في ملف الاقتصاد التي تسببت في الأزمة الخانقة للأتراك، قائلا في تصريحات نقلتها صحيفة ديلي صباح، أغسطس الماضي :"من ينتظرون غرق تركيا في دوامة العملات الأجنبية والفوائد والديون والتضخم، سيصابون بخيبة أمل، تحالف الشعب سيقف في وجه من يستهدفون أنقرة".

وتطوع بالدخول على خط أزمة إردوغان مع ألمانيا، وهاجمها بعد تنظيمها مؤتمرا حول الإسلام نهاية نوفمبر الماضي، وقال أمام أعضاء كتلته الحزبية في البرلمان 4 ديسمبر الجاري: "من أين أخذت وزارة الداخلية الألمانية الحق في تنظيم المؤتمر"، متهمًا برلين بالتعاون مع أعضاء حركة الخدمة بقيادة فتح الله غولن، مضيفا: "تفسير تعاليم الإسلام بشكل كيفي إهانة لكل المسلمين ولكل الأديان".

في النهاية، لم ينل أية ثمار حقيقية من تبعية إردوغان، فلم يمرر قانون العفو عن السجناء ولم يعين نائبا للرئيس، حتى أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة (يونيو 2018) لم ينل حزبه سوى 49 مقعدا ليحل رابعا خلف العدالة والتنمية والشعب الجمهوري والشعوب الديموقراطي، ليكون أعجوبة في الحياة السياسية في العالم وأول رئيس حزب يعمل متطوعا لصالح خصومه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة