البداية كانت من «كمبريا».. 1871 موعد ظهور أول مصاص دماء في العالم

الخميس، 27 ديسمبر 2018 12:00 م
البداية كانت من «كمبريا».. 1871 موعد ظهور أول مصاص دماء في العالم
إسراء بدر

في أجواء ريفية بمقاطعة «كمبريا» والتي تقع في شمال انجلترا على حدود اسكتلندا، وفي أواخر خريف عام (1871). كانت البيوت- آنذاك- من طابق واحد ومتباعدة كثيرا، مبنية من طوب لونه باهت، وكان هناك بيت تسكنه أسرة بسيطة كان البيت في هذه الفترة شكله لا يسر خاصة أنه محاط بالحشائش من كافة النواحي في مساحة كبيرة من الأرض الفارغة، وكأنه البيت الوحيد المتواجد في المنطقة.
 
وفي إحدى جوانب البيت كان هناك مجموعة من الأشجار والتي نهشت رياح الخريف أوراقها لتقف كالأشباح جذوع بلا أوراق وخلف هذه الأشجار سور يفصل بين المنطقة المحيطة بالمنزل ومقبرة قديمة تابعة لكنيسة قديمة للغاية لم يتبق منها سوى أطلال من الكراكيب.
 
وبعد عدة سنوات تحسنت الحالة المادية لهذه العائلة وانتقلا إلى إحدى مفارقين الأرياف، وباعا المنزل لعائلة أخرى مكونة من ثلاثة أخوة، شابان: «ادوارد ومايكل»، وشقيقتهم الصغرى تدعى «إميليا»، وجدوا ملاذ آمن في هذا المنزل خاصة أنهم استلموه مع حلول فصل الصيف وكان منظر الأراضي بدأت في الانتعاش وعاشوا سويا وسرعان ما نشبت علاقة صداقة قوية مع جيرانهم في المنازل المجاورة لروحهم المرحة.
 
وذات ليلة شديدة الحرارة قرر الأخوة أن يسهروا أمام المنزل يتبادلوا النقاش في أمور عدة إلى أن شعروا بالنعاس فتوجه كل منهم إلى غرفته وكانت «إميليا» تعتاد غلق باب حجرتها ونافذتها جيدا قبل النوم، ولكن في هذه الليلة لشدة الحرارة لم تستطع النوم بسهولة فقررت فتح النافذة عسى أن تأتي لها بنسمات رطبة، وأثناء اقترابها منها لمحت «دائرتان حمراوتان»، فظنت أن هناك حيوان يتحرك بين الأشجار ولكن سرعان ما اقتربت الدائرتان للنفاذة وبدأت ملامح الوجه تظهر، فكان إنسان ملامحه باهتة مخيفة وعينيه حمراء كلون الدماء فحاولت الصراخ لتحتمي في شقيقيها ولكن من هول المشهد تعلق لسانها ولم تستطع البوح بشيء.
 
وفجأة وجدت هذا الرجل يقتحم النافذة وكسر الزجاج فأسرعت زاحفة تجاه الباب لتفتحه عسى أن يشعر بها أخواتها ولكن الوقت لم يسعفها لفعل ذلك، فقد انقض عليها واعتلاها ليمسك رقبتها ويعضها وفور ما لمسها صاحت الفتاة بعلو صوتها فأسرع شقيقيها إليها وحاولا فتح الباب المغلق من الداخل وخلفه «إميليا» إلى أن استطاعا فتحه بالفعل فوجدا شقيقتهما ملقاة على الأرض وبرقبتها جرح ينزف فارتعش جسدهما ولكن الأخ الأكبر لاحظ حركة شخص قفز من النافذة بسرعة مهولة فور فتحهم الباب فأسرع إلى النافذة ليترقبه ولكنه اختفى في الظلام الداكن بالقرب من الكنيسة المهجورة.
 
جاء الشقيقان بالطبيب ليعالج الفتاة وطلبوا مساعدة الجيران الذين اجتمعوا في لمح البصر وقصت عليهم «إميليا» ما حدث معها، وأخبرهم الطبيب أن الجرح بسيط ولكنها تعاني من جهد عصبي تحتاج للراحة التامة في مكان آخر، فقرروا السفر إلى سويسرا وعاشوا هناك لعدة أشهر إلى أن تحسنت حالة الفتاة تماما وهي من طلبت العودة للمنزل، ولكن هذه المرة حاول الشقيقان تأمين أنفسهم والمنزل فاشتروا سلاح ناري للقضاء على كل من يحاول إيذاء أحد منهم.
 
عاش الأخوة أسبوع كامل في المنزل في هدوء تام وأجواء طبيعية ولكن في اليوم الأول من الأسبوع الثاني شاهدت الفتاة ذات المشهد ولكنها استطاعت الصراخ قبل أن يصل إليها هذا الرجل فوصل شقيقيها على الفور فلمحا رجل يقفز من النافذة فاتبعاه بأعينهم فوجداه يقفز بسرعة تجاه المقابر التابعة للكنيسة المهجورة فأطلقا الرصاص عليه فأصيب في قدمه ولكنه استمر في القفز إلى أن اختفى.
 
أخبر الشقيقان الجيران بما حدث معهم فأكدوا أنه لا يوجد رجل في هذه المنطقة بأكملها والمناطق المجاورة أن يعتدي على سيدة أو يقترب منها ويكسر العادات والتقاليد التي توارثوها من أجدادهم واتفقا على أنه من الممكن أن يكون شخص مختل عقليا إذا ما كان هناك مصحة للعلاج العصبي أو النفسي بالقرب من المنطقة.
 
وتجمع الأهالي مع الشقيقان وأشعلوا النيران وخرجوا ليبحثوا عن هذا الرجل في الاتجاه الذي هرب إليه فلم يجدوا سوى المقبرة والكنيسة المهجورة وفجأة لاحظوا خيط رفيع من الدم متجه إلى المقبرة فدخلوا إليها ليجدوا التوابيت مفتوحة والهياكل العظمية متناثرة هنا وهناك بخلاف عظام لحيوانات بعدد كبير صنعت أكوام في كل ناحية، ولكن وقعت أعينهم على تابوت مغلق فاستغربوا أمره لماذا هو التابوت الوحيد المغلق فقرروا فتحه ففوجئ الجميع بوجود جثة كاملة بداخله وكأنها ملقاة بالتابوت منذ ساعات رغم الكتابة المتواجدة على التابوت تؤكد أنها منذ ما يقرب من مائة سنة.
 
نظر الرجال إلى بعضهم لبعض مندهشين ولكن الأغرب من ذلك أنهم وجدوا قدمه مصابة بطلق ناري لازال ينزف دماء طازجة حتى الآن فعلما أنه من هجم إلى الفتاة ولكن كيف لجثة أن تجرى وتهجم؟، هو السؤال الذي جعل الجميع يجن جنونه إلا شخص واحد وهو عجوز أخبرهم بنبرة هادئة بأنه هذا الرجل مصاص دماء فسألوه كيف يمص الدماء بعد موته فأخبرهم بأن الشيطان سيطر على جسده ليتعطش للدماء وهو ما يؤكد تناثر عظام الحيوانات هنا وهناك أي أنه مص دمائهم إلى أن بدأ يتعطش لنوع آخر وهو الدم البشرى.
 
فكان من الطبيعي أن يهاجم أقرب المنازل إليه، فسألوه عن الحل وكيف يتعاملوا مع شخص ميت بالفعل فأخبرهم بضرورة التصرف سريعا قبل أن ينقض عليهم، وللخلاص منه يجب خلع قلبه من جسده وحرقه وقطع رأسه وحرقها ثم حرق باقي جسده تماما ليتحول إلى رماد فهجم الجميع بسكاكينهم إلى قلبه فوجدوه يتحرك بالفعل ولكن لم يعطوا له الفرصة في النجاة وخلعوا قلبه ليجدوه ينزف دما طازجا وكأنه حيا بالفعل ونفذوا الخطوات التي أمر بها العجوز ثم عادوا إلى منازلهم.
 
ظلت هذه الرواية تتردد وتشتهر بها هذه المنطقة حاليا. وكتب عنها المؤرخون ولكن ظل التشكيك في حقيقتها يحوم في عقول بعض المؤرخين بعد سنوات طويلة من حدوثها فقرر أحدهم الذهاب إلى هذه المنطقة فوجد المنزل ولكنه لم يجد الكنيسة المهجورة وسأل الأهالي فأكدوا له القصة ولكنه ظن أنهم سمعوها من أجدادهم ومن الممكن أن تكون مجرد قصة خيالية ولكنه دقق البحث في المنطقة جيدا فوجد أحجار أساس لكنيسة من الواضح أنها هدمت من سنوات طويلة فتأكد من أن أركان القصة تكتمل بالفعل، وظلت هذه القصة ملهمة للكثير من رواد الفن ليجسدوا ما يشبهها في أعمالهم الفنية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة