هكذا سحب أردوغان سلطات الجنرلات.. قوض الجيش وحبس العسكريين وانفرد بالحكم

الأحد، 13 يناير 2019 09:00 م
هكذا سحب أردوغان سلطات الجنرلات.. قوض الجيش وحبس العسكريين وانفرد بالحكم
إردوغان

منذ اليوم الأول لتولى رجب طيب أردوغان حكم تركيا، ممثلا عن حزب العدالة والتنمية، ناصب العداء لجيش بلاده، متخذا كل السبل لتقزيم دوره، بدأها بتلفيق التهم لكبار قياداته، والزج بهم في السجون، لإزاحة المؤسسة الوحيدة القادرة على منع أحد طرف من الاستحواذ على السلطة.

موقع عثمانلي المتخصص في الشأن التركي، قال إن حزب العدالة والتنمية روج لمخططه، تحت شعار تمكين الحكم المدني، والحد من سلطات المؤسسة العسكرية، مستغلًا آلته الدعائية لتشويه الجيش، وضرورة تقليص نفوذه فى الحياة السياسية، لأنه يعيق انضمام أنقرة للاتحاد الأوروبى، وعقب مسرحية الانقلاب أمعن فى إهانة الجنرالات والعسكريين، ووضع أغلبهم تحت المراقبة.

ونقل الموقع مقال عصمت أكتشا المحلل السياسي في مركز كارنيجي لدراسات الشرق الأوسط يرى أن فرض إردوغان هيمنته على القوات المسلحة يضر بمستقبل تركيا، وقال فيه: "لا يمكن فرض الحكم المدني على الجيش، في حين صلاحيات الإشراف والسيطرة على المؤسسة العسكرية تبقى موضع احتكار من قبل رئيس بنفوذ غير محدود"، مضيفًا: "أردوغان فضل تخطي عقبة الجيش عبر الرئاسة بالقوة، لكن ذلك تتسبب فعليا بتقويض الآليات القانونية والمؤسسية، ما يمهّد الطريق أمام أشكال جديدة من تسييس الجيش، وقد تجد تركيا نفسها، لاحقاً، في مواجهة التداعيات الخطيرة لهذا الواقع".

وسرد الخبير فى "كارنيجي" مراحل تحجيم إردوغان لسلطة الجيش، ليبقى رئيسًا بلا منازع. فقبل فوز "العدالة والتنمية" فى انتخابات 2002 وتشكيل الحكومة، تمتع الجيش بسلطة مستقلة نسبيا عن المؤسسة التنفيذية في الدولة، وتدخل للإطاحة ببعض الحكومات، فى الثمانينات والتسعينات عبر انقلابى 1980 و1997. 


 

وبدأ رجب إردوغان كبح نفوذ المؤسسة العسكرية بين عامي 2002 و2005، وخصوصا مجلس الأمن القومي، بحجة تهيئة الأجواء لانضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي، حيث ساعدت التهدئة النسبية التي لجأت لها الحكومة في الملف الكردي، في الحد من صلاحيات الجيش، إذ نالت المؤسسة العسكرية جزءًا من هيمنتها بالترويج لدورها فى إيقاف خطر الأكراد.


وفي أبريل 2007، تبنى الجيش اعتراضًا على ترشح القيادي بالحزب الحاكم عبدالله جول لرئاسة الجمهورية، ما دفع الحزب لخوض مواجهة إثبات وجود ضده، استغل فيها إردوغان نفوذه فى السلطة القضائية، ففتش في الأوراق القديمة، فادعى العثور على مستندات تدين كبار الجنرالات.

وبداية من العام 2008 بدأت محاكمتهم فيما عرف بقضية "أرجنكون"، التي اتهم فيها مجموعة من كبار العسكريين- متقاعدين وفي الخدمة- بالتآمر للإطاحة بالحكومة، في قائمة ضمت القادة السابقين لهيئة الأركان في القوات الجوية والبحرية والبرية، إلى جانب مجموعة كبيرة من الصحفيين والمحامين والسياسيين والأكاديميين، حكِم عليهم جميعا بالسجن.

وبعد الاستفتاء على الدستور في العام 2010، سيطرت حكومة إردوغان على هيئات قضائية مثل المحكمة الدستورية، والمجلس الأعلى للقضاة، والمدعين العامين، وساهمت التغييرات الدستورية التي مررها إردوغان وحزبه في كبح ما تبقى من سلطة للجيش، على المحاكم العسكرية، والمجلس العسكري الأعلى.

 

 

مسرحية الانقلاب
في 15 يوليو 2016، قدم إردوغان فقرته الأخيرة لتنصيب نفسه إلهاً، يقتل ويعتقل ويطارد كل من يعارض انفراده بالسلطة، إنها "مسرحية الانقلاب"، حين أجهز بعدها على قيادات الجيش والقضاء والخارجية والصحفيين والمعارضين، بحجة المشاركة في الانقلاب العسكري عليه.
نفذ حملة إقالات واسعة في الجيش، طالت نحو 8200 ضابط، وأقال أكثر من 116 ألف موظفا حكوميا، وفرض حالة الطوارىء، وقلص الصلاحيات الممنوحة لهيئة أركان الجيش، وقيادات القوات المختلفة، وسائر الهيئات العسكرية، ووزع هذه الصلاحيات على وزارتي الدفاع والخارجية، ومكتب رئيس الوزراء، ومكتب الرئيس.

 

جنرالات بلا نفوذ
التغييرات التي تلت المسرحية جردت الجنرالات من نفوذهم بشكل غير مسبوق، وأنهت استقلالية هيئات الجيش، وألحقت قيادة كل من القوات البرية والبحرية والجوية بوزارة الدفاع الوطني، والقيادة العامة بقوات الدرك، وقيادة خفر السواحل بوزارة الداخلية. 


منح رئيس الوزراء صلاحية إصدار الأوامر مباشرة لقادة القوات العسكرية، كما تغيّرت هيكلة العضوية في المجلس العسكري الأعلى، وتقلصت سلطاته لصالح الحكومة.


أغلقت الحكومة المدارس العسكرية، ووضعت الكليات الحربية والأكاديميات العسكرية، تحت سلطة وزارة الدفاع، وشملت التغييرات مؤسستين مهمتين في قطاع الدفاع، هما، مستشارية الصناعات الدفاعية، ومؤسسة تعزيز القوات المسلحة، ونقل إردوغان تبعيتهما له شخصيا. 


ومنح رجب إردوغان جهاز الاستخبارات الوطنية - الذي بات يتبع رئيس الجمهورية- مسؤولية إجراء تحريات أمنية عن العاملين في وزارة الدفاع الوطني، والوكالات والمؤسسات التابعة لها. كما عين رجاله في الاستخبارات رقباء على كل قيادات الجيش، لإذلال الجنرالات.


بعد انتخابه رئيسًا لولاية ثانية في يونيو 2018، أصدر مراسيم رئاسية نزعت باقي صلاحيات المؤسسة العسكرية، فانفرد بصلاحية تعيين وزير الدفاع، ليجرد رئاسة الأركان من أي صلاحيات.


طال مرسوم رئاسي رئيس هيئة الأركان العامة ومجلس الأمن القومي وأمانته العامة، وقرر إردوغان نقل تبعيتهما المباشرةً لمكتبه في الرئاسة، ومنح  نفسه سلطة تعيين كبار الجنرالات، ومنهم رئيس هيئة الأركان العامة، وقادة القوات المختلفة، والأمين العام  لمجلس الأمن القومي، ونوابه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق