دمشق بين الخيار العربى وفك ارتباطها بطهران

الأحد، 13 يناير 2019 04:52 م
دمشق بين الخيار العربى وفك ارتباطها بطهران
سعيد محمد أحمد يكتب:

 
أسئلة عديدة مطروحة يجرى تداولها فى الوقت الراهن، أهمها ماهى أولويات دمشق فى عودتها عربيا بعد كسر حائط الجليد؟، وماهى ضوابط فك ارتباطها بطهران؟.
 
سؤال يكشف حقيقة الأوضاع العربية والإقليمية والدولية، خاصة، وأن دمشق مقبلة على معركة سياسية لاتقل خطورة وأهمية عن المعارك العسكرية التى خاضتها على مدار سنوات مريرة ومازالت تخوضها، وحققت فيها قدرا هائلا من الصمود والإنتصار معا، علاوه على أنها مقبلة على مشروع إعمار "دولة بالكامل" على كافة المستويات سواء الأنشائية أوالحياتية أوالأنسانية، فى ظل استعدادعربى خليجى للمساهمة فى مشاريع الإعمار وفق مطالب عربية وخليجية عدة من بينها أهمية فك ارتباط دمشق بطهران، وما سيسفر عنه البحث بشأن اعداد دستور سوري جديد يلبى التعددية الحزبية .
 
وحقيقة الأمر أنها معركة مقبلة، قد تكون مفصلية بأطراف الصراع، سواء من قبل واشنطن وتركيا من جهه، وموسكو وايران من جهه أخرى، والتى تشهد حاليا تصعيد من قبل الجميع، وهوما بدا فى التصريحات النارية المتبادلة بين واشنطن وأنقرة على خلفية تحذير "جون بولتون" مستشار الأمن القومى الأمريكى  ل"تركيا" بعدم المساس بالقوات الكردية بوصفهم حليف مهم لواشنطن، وهو ما رفضتة أنقرة، علاوة  دخول دمشق على صعيد الأزمة، وهو ماعبر عنه نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد عن تفاؤله إزاء الحوار الدائر مع الجماعات الكردية لإبرام اتفاق سياسي مع دمشق لدرء هجوم تهدد به تركيا، الأمر الذى قد يفتح الباب أمام احتمالات عسكرية تهدد المنطقة فى شمال شرق وشمال غرب سوريا، ومترافقة مع استمراراستيلاء جيش تحرير الشام "جبهة النصرة سابقا" على عدة قرى فى محافظة أدلب.
 
وفى ظل اصرار المجتمع الدولى على وضع دستور جديد لسوريا بعيدا عن مشاركة دمشق، والذى يعد دربا من الخيال فى تحقيقه، هل سيحقق الدستور الجديد التوازن المطلوب بين مختلف فئات الشعب السورى خلال المرحلة المقبله؟، وهل لدى الحكومة السورية الإستعداد لبحث مسالة الإنتقال السياسي وإجراء انتخابات؟، وهل ستقبل دمشق اعطاء مساحة أكبر للتعددية الحزبية فى الحياه السياسية؟، تساؤلات هى محل شكوك العديد من الأطراف الدولية والإقليمية فى تنفيذه من قبل الرئيس بشار الأسد خاصة بعد تحقيق انتصاره على الاٍرهاب واستعادتة لأكثر من ثلثى أراضيه، أسئلة كثيرة مثاره تتطلب البحث والدراسة  وتقدير الموقف بكل أبعاده عربيا واقليميا ودوليا، وليبقى مصير الوجود الأيرانى على الأراضى السورية عسكريا واقتصاديا والذى يشكل هاجسا أمنيا فى استقرار وأمن المنطقة لدى القوى الكبرى المتصارعة سواء واشنطن أوموسكو واسرائبل، وهو أمر يشكل قضية تهديد محورية للمنطقة بأكملها.
 
فيما يرى بعض المراقبون أن دمشق فى الوقت الراهن لن تستطيع فك ارتباطها مع طهران، وكل ما يمكن أن تقدمه مجرد وعود بخروجها من سوريا دون تحديد سقف زمنى، أو ربما يتم الخروج فى ظل ممارسة الضغوط على طهران فى المنطقة  اقتصاديا أوبمواجهة عسكرية ،وهوما تقوم به اسرائيل حاليا باستهداف المواقع العسكرية الأيرانية فى سوريا، وهو أمر لاتقدر عليه دمشق فى الوقت الراهن، ويبقى السؤال فيما سوف يشكله من فتح عدد من السفارات العربية فى سوريا وما مدى تأثيرها الجوهرى فى عودتها إلى بعدها العربى؟ .
 
لقد اتسمت العلاقات السورية الإيرانية على مدى تاريخها بخيط رفيع ووفق حسابات دقيقة كانت تراعى فيها دمشق أهمية البعد العربى فى علاقاتها العربية وأهميته فى دعم الكثير من الملفات العربية ذات البعد القومى العربى، فيما ظلت تلك العلاقات الثنائية تحكمها المصالح الاستراتيجية، واستثمار طهران لتلك العلاقات من جانبها ووفق مشروعها الخاص للتسلل داخل المنطقة العربية وفرض هيمنتها مستخدمة معسكر "المقاومة والممانعة" أنذاك ستارا لخلق كيانات تدين لها بالولاء ك"حزب الله" فى لبنان ودعمه عسكريا وماديا حتى أصبح دولة داخل الدولة اللبنانية، وتعطيله لأكثر من تشكيل الحكومة اللبنانية التى لازالت عاجزة عن تشكيلها منذ أشهر عديدة .
 
دمشق من جانبها تعى جيدا حقيقة وأبعاد المشروع الايرانى " الفارسى " وليس الدينى فى المنطقة العربية، والتى تتعارض معها عقب اختراقها عدة عواصم عربية من "لبنان ومرورا بدمشق إلى بغداد واليمن وانتهاء بليبيا"، وهو ما أكده مقربون من دمشق أن علاقة سوريا بطهران ليست عمياء فيما تقوم به ايران فى اشاره إلى المشروع الظاهرى "الهلال الشيعى"  للسيطرة ووفق منطق القوة والتهديد بها لكافة دول المنطقة ، ولتصبح "لبنان" النموزج الإيرانى فى السيطرة على الدولة اللبنانية .
 
لقد استغلت طهران حالة الترهل والإنقسام والضعف العربى، واستثمار قطر" تنظيم الحمدين" حالة التمزق العربى لتزيد من حجم الانشقاق مستخدمة أموالها وآلاتها الإعلامية " الجزيرة" فى احداث المزيد من الجراح العربية العربية فى مؤامرة كبرى مخطط لها لتصبح تلك الدويلة المنفذ الأمين لتلك المؤامرة فى تخريب العلاقات العربية والمشاركة فى تدميرها بمباركة ايرانية عبر استحوازها ونتيجة للفراغ العربى على العديد من الملفات العربية لتخريبها عبر ضخ أموالها لأطراف النزاع، وكان أبرزها دورها فى الأزمة اللبنانية فى أعقاب حرب يوينو عام ٢٠٠٦ وودورها فى الملف الفلسطينى لتعزيز روح الإنقسام الفلسطينى بمناصرتها ل"حماس" على حساب القضية الفلسطينية .
 
ويبقى السؤال من يتحمل مسئولية تخلى العرب عن دمشق فى مرحلة تاريخية دقيقة؟ ..لقد وجدت دمشق فى "طهران" الرد الطبيعى على رفض عزلتها عربيا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق