"قولوا للي أكل الحرام يخاف".. عقوبة حرمان النساء من الميراث

السبت، 19 يناير 2019 08:00 ص
"قولوا للي أكل الحرام يخاف".. عقوبة حرمان النساء من الميراث
المواريث - صورة أرشيفية
علاء رضوان

الحجب فى اللغة هو المنع، ومنه قيل للستر حجاب؛ لأنّه يمنع‌ من المشاهدة، ومنه أيضاَ الحجب في الفرائض؛ لأنّه يمنع من الإرث واستعمل في الفقه بمعنى منع من قام به سبب الإرث بالكلّية أو من أوفر حظّيه.

فى التقرير التالى «صوت الأمة» رصد كل ما تريد المرأة معرفته بشأن حرمانها من الميراث وعقوبة ذلك الجرم شرعاَ وقانوناَ، وكذا الألاعيب وإخفاء لمستندات تنجح باسم العرف والعادات لحرمان المرأة من حقها الشرعى الذى كفله لها الشرع لتوفير حياة كريمة – وفقاَ للخبير القانونى والمحامى بالنقض محمود البدوى. 

images

يقول المولى عز وجل في محكم التنزيل: «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا»، هذه هى آيات الله لكن البشر لهم آيات أخرى، فالحرمان من الميراث وحش ينهش فى قلب بعض قرى الصعيد والريف المصرى الذي يحرم المرأة من شرع الله بدعوى عدم ذهاب أموال العائلة للزوج باعتباره رجلا غريبا أو لا ترث باعتبارها أنثى منقوصة – بحسب «البدوى» .

 

إلا أن هناك عائلات أخرى خاصة فى صعيد مصر منعت إناثها أو الفئات المستضعفة فيها من إرث الأراضى والعقارات وأعطوهن بديلا للأراضى والعقارات أموالا زهيدة لا تتناسب مع القيمة الحقيقية للعقار على أن الأرض عرض، وكأن الأنثى عندما تمد يد الذل للغريب بعد أن تحرم من ميراثها الشرعى ليست عرضا، وألاعيب عديدة وتحايل وإخفاء لمستندات، تبجح باسم العرف والعادات لحرمان المرأة من حقها الشرعى الذى كفله لها الشرع لتوفير حياة كريمة – الكلام لـ«البدوى». 

201809061236403640

وفي نهاية عام ٢٠١٧، صدق رئيس الجمهورية على قانون يعاقب لأول مرة من يحرم شخصا من ميراثه، بالحبس والغرامة، بعد مرور نحو 75 عاما على اصدار القانون رقم  ٧٧ لسنة ١٩٤٣ بشأن المواريث، ونشر التعديل الأخير فى الجريدة الرسمية فى 30 ديسمبر الماضى .

التعديل المقدم من الحكومة إلى مجلس النواب، على أحكام القانون رقم ٧٧ بشأن المواريث، فى الباب التاسع «العقوبات» بإضافة مادة جديدة برقم «٤٩» تنص على: «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من امتنع عمدا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعى من الميراث أو حجب سندا يؤكد نصيبا لوارث أو امتنع عن تسليم ذلك السند حال طلبه من أى من الورثة الشرعيين وتكون العقوبة فى حالة العودة الحبس الذى لا تقل مدته عن سنة ويجوز الصلح فى الجرائم المنصوص عليها فى هذه المادة ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح أثناء تنفيذها ولا يكون للصلح أثر على حقوق المضرور من الجريمة» - هكذا يقول «البدوى». 

FB_IMG_1545478137766-505x330

رأي لجنة الفتوي بمجمع البحوث الإسلامية في حرمان النساء من الميراث : 

المبادئ العامة للفتوى:

1-التسوية بين الأبناء ذكورًا وإناثًا فى العطية مطلوب شرعًا.

2- حرمان النساء من الميراث عادة جاهلية حاربها الإسلام. 

3-العرف الفاسد الذى يتصادم مع الشرع لا يعمل به .

وقالت اللجنة في هذا الصدد : على الأب أن يعدل بين أبنائه فى العطية فى حال حياته؛ لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ فِى العَطِيَّةِ»، والتفضيل بين الأبناء فى الهبة والعطية بدون مسوغ معتبر شرعًا عند الفقهاء دائر بين الحرمة والكراهية، فعلى الوالد أن يعدل بين أبنائه جميعهم ذكرهم وأنثاهم، ولا يفضل أحدًا على أحد من أبنائه إلا إذا وجد مسوغ للتفضيل كفقر مدقع لأحد الأبناء أو مرض مزمن أو حاجة ملحة، ولا يلتفت الوالد إلى غضب أبنائه الذكور إذا ساوى بينهم وبين أخواتهم البنات؛ لأن الواجب على المرء أن يلتمس رضا الله -عز وجل - ولو سخط الناس، وأن لا يتبع رضا الناس بسخط الله -عز وجل- لقوله – صلى الله عليه وسلم - : «مَنِ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَكَّلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إلى النَّاسِ" رواه الترمذى.

فعادة  منع البنات من الإرث عادة جاهلية حاربها الإسلام قال قتادة: «كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان» و هذا الفعل لا يجوز لما فيه من الظلم وتعدى حدود الله تعالى ومشابهة أهل الجاهلية الذين يمنعون الإناث من الميراث ويؤثرون به الذكور، قال – تعالى -: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا}، فقضية الميراث خطيرة، ولهذا تولى الله – وحده - قسمة التركات لرفع النزاع ، وأخبر أن تغيير هذا النظام الربانى لتوزيع التركة سبب من أسباب دخول النار والعياذ بالله قال تعالى عقب بيان المواريث {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ}. 

90806-90806-90806-19_2018-636516330386794173-679

وأكدت اللجنة أن عادة منع البنات من الميراث، بحجة أنه سيذهب المال إلى أزواجهن ونحو ذلك من الحجج التى يبطلون بها حقوق العباد، فليس هذا مسوغًا لها ؛ لأنه عرف فاسد يتصادم مع نصوص الشرع. 

عقوبة حرمان النساء من الميراث في القانون :

وحيث صدر القانون رقم ٢١٩ لسنة ٢٠١٧ بتعديل بعض أحكام القانون رقم ٧٧ لسنة ١٩٤٣ بشأن المواريث والمنشورة بالجريدة الرسمية فى ٣٠ ديسمبر ٢٠١٧ .

وتعتبر الجريمة هى الامتناع عمداً عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعى من الميراث، أو حجب سند الميراث أو الامتناع عن تسليمه حال طلبه من أى من الورثة الشرعيين.

وجاءت العقوبة  بالحبس ٦ أشهر وغرامة من ٢٠ إلى ١٠٠ ألف جنيه. 

images (1)

وتنص المادة على أنه «مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها أى قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ٢٠ ألف جنيه، ولا تجاوز ١٠٠ ألف جنيه أو بأحدى هاتين العقوبتين ، كل من أمتنع عمدًا عن تسليم ذلك السند حال طلبه من أى من الورثة الشرعيين، و فى حالة العود الحبس مدة لا تقل عن سنة».

ويجوز الصلح فيها أمام النيابة العامة أو المحكمة وتنقضى الدعوى الجنائية صلحًا، وإذا تم الصلح أثناء تنفيذ العقوبة تأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة».  

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق