روايات مرعبة.. صحفي أمريكي يروي كواليس الساعات الأولى له بأحد سجون إيران

السبت، 19 يناير 2019 11:00 ص
روايات مرعبة.. صحفي أمريكي يروي كواليس الساعات الأولى له بأحد سجون إيران
السجون الإيرانية

يوما بعد يوم تنكشف آلة التعذيب الإيرانية أمام العالم، مؤخرا كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية مقتطفات من كتاب "السجين"، الذي ألفه الصحفي الأمريكي-الإيراني جيسون رضائيان، ويحكي فيه عن 544 يوماً قضاها في سجن إيراني، ومن المقرر إصدار الكتاب في 22 يناير الجاري.

رضائيان كان يعمل مراسلاً لصحيفة "واشنطن بوست" في طهران قبل اعتقاله من قبل السلطات الإيرانية في 22 يوليو 2014، وأمضى رضائيان 18 شهراً في سجن "إيفين" الإيراني، واحتجزت زوجة رضائيان ييجانة صالحي (ييجي) في السجن نفسه لمدة 72 يوماً.

ويروي رضائيان في كتابه الساعات الأولى في السجن، قائلا "تم اقتيادي وأنا معصوب العينين عبر ممرات، وأخيراً إلى غرفة مكيفة، وعند الباب طلب مني خلع حذائي -من المعتاد في إيران خلع الأحذية في حال الوجود داخل المنزل- ثم أجلسني رجلان، لم أستطع رؤيتهما، على كرسي مصنوع من الفينيل".

ويكمل "كان هناك أشخاص آخرون كثيرون داخل الغرفة، كنت أسمع همسات، وأشخاص يسيرون بسرعة، وسِبح تحركها الأصابع، وبعد دقائق قليلة حدثني صوت رجل.. هل تعرف سبب وجودك هنا سيد جيسون؟".

ويجيب رضائيان، في كتابه على صوت السجان الإيراني: وجهت رأسي نحو الصوت، وقلت: "لا".

يكمل الصحفي الأمريكي روايته للأحداث التي عاينها في أحد سجون النظام الإيراني في شكل سؤال وجواب، وجاءت روايته على النحو التالي حسب كتاب "السجين":

قال "أنت مدير محطة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) في طهران". لم يرفع صوته مطلقاً، ولكن لهجته كانت اتهامية. "نحن نعلم ذلك، وأنت أمامك خيار واحد: أخبرنا بكل شيء وستعود إلى وطنك، ستغادر على تلك الرحلة إلى الولايات المتحدة يوم الجمعة كما هو مخطط، ولكنك ستبدأ حياة جديدة وأنت تعمل لصالح وزارة استخبارات الجمهورية الإسلامية". العرض كان غير منطقي في صراحته، ولذلك لم أعتقد أنه جاد تماماً.

ويتابع السجان حديثه "في حال عدم القبول عليك تغيير ملابسك، عندما ترتدي ملابس السجن فمدة بقائك هنا ليست واضحة، الاحتمالات هي أنك ستقضي بقية حياتك كضيف لدينا، لن تخرج من هنا أبداً.. لذا.. أخبرنا بكل شيء".

قلت (رضائيان): "لا يوجد شيء أخبرك به، أنا مجرد صحفي، لقد ارتكبت خطأ.. هذا كله غير صحيح.. أنا مجرد صحفي".

فقال الصوت "مجرد صحفي ليس أمرا ذا قيمة بالنسبة لي".

كنت أحاول التعامل بعقلانية مع شخص كان منطقه مختلفاً تماماً عن منطقي، كان لديه موقفه ولم ينحرف عنه.

بدأ الصوت في نطق أسماء شخصيات إيرانية وأمريكية معروفة، وأشخاص أعرفهم، وأشخاص من الأخبار، وأشخاص لم أسمع عنهم قط، "ما علاقتك بجون كيري؟ ما علاقتك بأوباما؟".

قلت "لم أقابل أي منهما مطلقاً". كانت هذه الحقيقة، فكرة أنني كنت أعرف كبار المسؤولين في الولايات المتحدة كانت سخيفة، وعلى الرغم من ذلك كل ما قلته بدا أنه يعمق الحفرة التي سقطت بها.

حاولت إخراج نفسي من ذلك، شرحت له العمل الذي قمت به كان لـ"واشنطن بوست". وأوضحت أنني مسموح لي بالعمل في هذا البلد، قلت له إن ذلك كان مجرد سوء فهم، وأخبرته أن يتصل بوزارة الإعلام التي أعادت إصدار تصريحي الصحفي لمدة عام في يوم الاعتقال نفسه، بحق المسيح".

قال الصوت بهدوء "أنت جاسوس، لدينا كل الأدلة، وأنت فقط في حاجة لإخبارنا.. بكل شيء".

فسألته: "إذا كان لديك دليل، فلماذا أحتاج إلى إخبارك بكل شيء؟".

قال "نحن نريد أن نعرف أنه يمكن الاعتماد عليك، ويمكننا الوثوق بك من أجل التعاون".

قلت "لا يمكن الاعتماد عليّ، أنا لا أعمل لصالح أمريكا ولن أعمل لصالحك، أنا أعمل في واشنطن بوست".

وبعد فترة من الصمت بدأ الصوت في التحدث مرة أخرى، وكأنه يقرأ من مذكرات سرية "آلان إير، أفوكادو، تي شيرت. ماذا تعني هذه الكلمات؟".

حسنا! اعتقدت أنني أستطيع تفسير كل ذلك.

آلان إير هو دبلوماسي تصادف أنه متحدث الفارسية الأبرز في الخارجية الأمريكية، ولهذا السبب فقط كان النظام الإيراني ينظر إليه بعين الريبة، وكان يقيم لسنوات في دبي، حيث التقيته لأول مرة.

في عام 2010، أطلقت مشروعاً على "كيك ستارتر"، موقع التمويل الجماعي، يتناول سبب عدم زراعة الأفوكادو في إيران، ومن بين كل الأشياء العديدة التي رأيتها في إيران على مر السنين كان الأمر الأكثر إثارة للقلق هو شيء لم أره.. لم يكن هناك أفوكادو في الجمهورية الإسلامية، ولذلك، في الوقت الذي كانت فيه تغطية السياسة اليومية مخاطرة كبيرة أصبح افتقار إيران للأفوكادو بمثابة هاجس أحاول الوصول إلى حقيقته.

قلت من خلف العصابة "كان مشروعاً على سبيل الدعابة، هناك سوء فهم".

قال الصوت "ليس هناك خطأ، سيد جيسون، أنت مدير عمليات سي آي إيه في إيران".

قلت "هذا مثير للسخرية". كنت أحاول إلقاء الأمر على الموقف، كان ذلك شيئاً قمت به ملايين المرات في حياتي، وكانت تنجح دائماً.

قال "ربما، ولكن إذا كنت صحفياً فلماذا لديك اتصالات بآلان إير؟".

قلت "أنا أجري حوارات وأحياناً أتواصل مع الأشخاص، بما في ذلك المسؤولين.. هذا جزء طبيعي من عملي".

أحضروا ييجي (زوجة رضائيان) إلى الغرفة، كانت تبكي.. من الواضح أنها كانت تقاوم.

سألت ييجي "جيسون، ماذا يحدث؟ لقد بدلوا ملابسي بملابس السجن. لماذا لا ترتدي ملابس السجن؟".

ال الصوت: "سيد جيسون، لا يزال لديك الفرصة لإخبارنا بكل شيء الآن".

قاطعه صوت آخر، هذا الرجل كانت لهجته لهجة سكان مدينة أصفهان، قائلاً "عزيزي جيسون، القاض الكبير يقدم لك عرضاً، وهو لا يخلف وعوده أبداً.. فقط أخبرنا بما تعرفه".

قلت: "ليس لدي شيء أخبرك به".

قال الصوت الذي ينتمي للقاضي الكبير للآخرين في الغرفة: "هو خائف، بدلوا ملابسه وخذوه إلى الزنزانة، سيبدأ في التحدث خلال شهر".

اقتادوني خارج الغرفة التي أمضيت فيها نصف ساعة، جرى استجوابي فيها بغرفة أخرى، حيث أزالوا العصابة والأصفاد، الأمر كان أكثر إرباكاً دون نظارتي.

طلبوا مني خلع ملابسي باستثناء الملابس الداخلية، قاموا بقياس وزني وضغط الدم. كنت أرتجف.

قلت لها "سينتهي هذا قريباً، حبيبتي.. فقط اهدئي".

قالت ييجي "هل ارتكبت أي خطأ؟ يقولون أشياء مروعة عنك. جيسون، أخبرني فقط أنك لست جاسوساً".

قلت "بالطبع لست جاسوساً".

قالت "أعلم ذلك.. أنا أحبك". لم تمكث في الغرفة لأكثر من دقيقتين، ثم أخذوها بعيداً، واختفى صوتها

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق