«فتنة الملبن» بين السلفيين والمؤلفين في معرض الكتاب

السبت، 19 يناير 2019 07:00 م
«فتنة الملبن» بين السلفيين والمؤلفين في معرض الكتاب
ايناس عبد الدايم
عنتر عبداللطيف

 
- اختيار جامعة الدول العربية ضيف شرف.. والاحتفال بالدكتور ثروت عكاشة وتكريم اسم سهير القلماوي
 
ينطلق يوم 22 ينايرالجارى معرض القاهرة الدولى للكتاب، ويستمر حتى 5 فبراير فى نسخته الخمسين، وسيقام المعرض للمرة الأولى بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس، بعد أن جرى نقله من أرض المعارض بمدينة نصر، وهو ما لاقى بعض الاعتراضات غير المنطقية ليذهب البعض بعيدا بالإعلان عن تنظيم معرض موازٍ، فيما يؤكد أصحاب دور النشر أن المكان الجديد للمعرض جرى تجهيز أرضياته بمعدات تتناسب مع التطور التكنولوجى والحضارى.
 
وتبلغ المساحة الإجمالية للمعرض 450 ألف متر مربع، ويشارك به 169 عارضا من كل أنحاء العالم، بواقع 723 جناجا، حيث بلغ عدد الناشرين المصريين المشاركين بالمعرض 748 ناشرا، و525 توكيلا، بإجمالى عدد 1273 ناشرا.
 
ووفق بيان إدارة المعرض، سيكون المعرض هذا العام عبارة عن 4 قاعات، تصل مساحة كل قاعة إلى 10 آلاف متر، ولا يوجد عرض مكشوف بالمعرض، حيث تم تخصيص القاعة الأولى لكتب التراث والأزهر والسعودية، والقاعة الثانية للناشرين العرب والكتب الأجنبية، والقاعة الثالثة للناشرين المصريين، والقاعة الرابعة وهى قاعة المعرض الرئيسية وناشرى الأطفال وسيسمح بالبيع فيها، كما أن أجنحة المعرض مجهزة ومزودة بكل المستلزمات الخاصة بالعرض من استاندات وكراسى وترابيزات، وتم تجهيز قاعة لحفلات التوقيع والندوات وغير مسموح بإقامة حفلات توقيع بالأجنحة والتى ستكون ذات لافتات موحدة الشكل والخط وغير مسموح بعمل دعاية خاصة أو لافتات أو اصطحاب كراسى أو ترابيزات وخلافه.
 
من جانبها اختارت إدارة المعرض جامعة الدول العربية ضيف شرف المعرض بمناسبة دورته الذهبية، على أن تكون شخصيتا الدورة هما الدكتورة سهير القلماوى أول رئيس للمعرض، والدكتور ثروت عكاشة أول وزير للثقافة. 
 
فى الأعوام السابقة كان يتم تنظيم المعرض وسط «خيم» وهو ما كان يشتكى منه أصحاب دور النشر، خاصة أنه كان يقام خلال فصل الشتاء، وفى ظل التقلبات الجوية وسقوط الأمطار، وهو ما كان يعرض الكتب المعروضة للتلف، الأمر الذى يتسبب فى خسائر فادحة.
 
كما أن هذا العام سيلمس رواد المعرض العديد من المزايا التى لم تكن موجودة فى المعارض السابقة من قبيل توفير كافيتريات حديثة ودورات مياه ومنطقة للأطفال، فضلا عن المشهد المبهر لقاعات عرض الكتب.
 
أما عن ادعاء البعض ببعد المسافة وعدم توفر وسائل مواصلات، ففى ظل أجواء الطقس التى تعيشها مصر فى شهر يناير من كل عام، ونظرا لبرودة الجو، فهناك أوقات قد تمتد بالساعات تخلو منها الشوارع نهارا من المارة على عكس فصل الصيف الذى يهوى فيه المصريون الخروج، ما يتسبب فى ازدحام الشوارع ووسائل المواصلات، فضلا عن أن إدارة المعرض أعلنت توفير مواصلات بعضها مجانى، والآخر رمزى لنقل رواد المعرض للمقر الجديد.
 
وردا على أصحاب مبدأ «خالف تُعرف»، المطالبين بمقاطعة المعرض هذا العام، قال الناشر محمد رشاد، رئيس اتحاد الناشرين العرب، إن إقامة معرض القاهرة الدولى للكتاب بمركز مصر للمعارض بالتجمع الخامس نقلة حضارية كبيرة تليق باسم مصر والناشرين العرب.
 
وتابع «رشاد» فى تصريحات له: «مكان معرض الكتاب القديم بمدينة نصر لم يكن يليق بالناشرين ولا بالقراء الوافدين على المعرض، مشيرا إلى أن الدورة الذهبية المقرر انطلاقها يوم 22 يناير الحالى سيسعد بها جميع القراء، لما ستقدمه من خدمات ثقافية وترفيهية، ونحن كناشرين عرب سعداء بهذا الأمر».
 
 ولفت رئيس اتحاد الناشرين العرب، إلى أن الاحتفال باليوبيل الذهبى للمعرض بمركز مصر للمعارض أمر عظيم، وخاصة باختيار جامعة الدول العربية كضيف شرف، إلى جانب انعقاد اجتماع مجلس إدارة الاتحاد وانعقاد الجمعية العمومية لإجراء انتخابات الدورة التاسعة، كما أنه سيكون هناك نقطة مضيئة وهى انعقاد الاجتماع الرابع لمدراء المعارض العربية.
 
 وأضاف: «أتصور أن المعرض بما به من تجهيزات وتصميم ديكور على أعلى مستوى سوف ينال استحسان وإعجاب الجميع، إضافة إلى دعم الدولة للمعرض والجهد المبذول من قبل الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة، والدكتور هيثم الحاج على رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، وإسلام بيومى مدير المعارض بالهيئة، بالتعاون مع اللجنة العليا للمعرض، والذى كان اتحاد الناشرين العرب عضوا بها، والذى استطاع  الحصول على خصم 20 % للناشرين العرب أعضاء الاتحاد فقط.
 
وأكد محمد رشاد، أن المعرض فى دورته الذهبية سيشهد العديد من الفعاليات الثقافية التى ستفيد القراء، بالإضافة إلى الاحتفالات الخاصة بمئوية الزعيم جمال عبدالناصر، ومئوية ثورة 1919، ومئوية إحسان عبدالقدوس، فالكل سيسعد بتلك الدورة التى ستخرج بشكل يليق بتاريخ وحضارة واسم مصر.
 
فيما استنكرت الدكتورة صفاء النجار، الكاتبة الروائية، رأى المعترضين من الناشرين على نقل معرض الكتاب، لأنه سبق وقالوا من قبل إن مقره الأول غير آدمى - وفق قولها - وتابعت «النجار» فى تصريحات لها أن معرض الكتاب بدأ فى أرض دار الأوبرا بالجزيرة، والآن يعترض بعض الأشخاص على نقله لمجرد الاعتراض، ولا بد أن ندعم أى شىء جديد.
 
وأشارت «النجار» إلى أن بُعد المسافة وتكلفة الانتقال ليسا مبررا لمقاطعة المعرض، متابعة: «ننفق كثيرا على باقات الإنترنت وغيرها، فلا مانع من زيادة بعض الميزانية للذهاب إلى المعرض».
  
وفى سابقة تحسب لمعرض الكتاب فى ثوبه الجديد هذا العام، فقد كشف رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب الدكتور «هيثم الحاج» أن ذوى القدرات الخاصة يستطيعون الوصول للمعرض من خلال تجهيز أتوبيسات خاصة ستوجد فوق جراج التحرير، ويصل سعر تذكرة الذهاب إلى المعرض 8 جنيهات، مع توافر مترجمين للإشارات فى الندوات التى تقام فى المعرض.
 
اللافت أن معرض القاهرة للكتاب هذا العام، سيحتفل بالدكتور ثروت عكاشة أول وزير لوزارة الثقافة باسمها الحالى والمولود عام 1921، والذى يعد واحدا من أهم الأعلام الثقافية فى القرن الماضى، فقد كانت له إسهامات ثقافية عديدة من بينها أنه مؤسس معرض القاهرة الدولى للكتاب، وشارك فى مشروع إنقاذ معبدى أبو سمبل وفيلة، وإنشاء السيرك القومى فى ستينيات القرن الماضى، والمشاركة فى الإعداد لإنشاء دار الأوبرا الجديدة.
 
كما يرجع الفضل إلى الدكتور «ثروت عكاشة» فى تأسيس الهيئات الثقافية (هيئة الكتاب، قصور الثقافة، المجلس الأعلى للثقافة)، كما أنه مؤسس أكاديمية الفنون فى عام 1959، والإعداد لإنشاء فرقة الموسيقى العربية وفرقة باليه القاهرة.
 
وفى عهد الدكتور «ثروت عكاشة» تم إنشاء متحف المثال محمود مختار، وتطوير المتاحف (المصرى، الإسلامى، القبطى) بالقاهرة، والمتحف اليونانى الرومانى بالإسكندرية، كما أنه صاحب مبادرة إنشاء معاهد الباليه والكونسرفتوار والنقد الفنى عام 1959.كما يحتفى المعرض أيضا بالدكتورة «سهير القلماوى»، والتى تعد أحد الأعلام البارزة فى تاريخ الأدب والسلك الجامعى فى مصر.
 
جدير بالذكر أن «القلماوى» كانت أول فتاة تتخرج من الجامعة، كما أنها كانت أول من شغل منصب رئيس قسم اللغة العربية، وهو الكرسى الذى سبق وشغله أستاذها عميد الأدب العربى طه حسين. وقد وُصفت «القلماوى» بلقب «نصيرة المرأة»، وكانت ريادتها نموذجا احتذت به آلاف النساء بعدها، كما كانت أول مدير للمعرض الذى انطلقت دورته الأولى فى العام 1969.
 
من ناحية أخرى، فدائما ما تثير بعض الكتب المعروضة بمعرض الكتاب عاصفة من الجدل، حيث يراها البعض أنها قنابل موقوتة، لتطرقها إلى قضايا شائكة، واحتواء بعضها على تلميحات جنسية صريحة، أو مناقشة قضايا غير تقليدية يصفها البعض بالخارجة على تقاليد مجتمع محافظ، مثل المجتمع المصرى.
 
وفى هذا العام من معرض الكتاب وقبل افتتاحه رسميا، اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعى بالحديث عن كتاب جديد سيعرض بالمعرض تحت عنوان «لا تظلموا الملبن» للكاتبة حسناء الحسن، حيث تناولت بعض البرامج الفضائية ما أثير حول الكتاب، لتدافع عنه مؤلفته قائلة: «إنها حصلت على موافقة وزارة الثقافة والجهات الرقابية على طبع الكتاب وتداوله فى السوق»، متابعة: «أنا سجلت اسم الكتاب فى الشهر العقارى كبرنامج تليفزيونى وكاسم كتاب وبرنامج إذاعى».
 
وقالت «الحسن»: «اسم الكتاب عادى جدا، بنقول كلنا فى الشارع انتى زى الملبن أو انتى زى العسل»، وبسؤالها: «هل تقبلين أن يُقال لابنتك يا ملبن؟»، أجابت: «إيه المشكلة؟». وتابعت: «إنها اختارت هذا الاسم لوصف المرأة» قائلة: «الرسول قال رفقا بالقوارير، إنما حاليا بدل ما نقول رفقا بالقوارير بنقول رفقا بالملبن».
 
 اسم الكتاب المثير أدى إلى حدوث تراشق لفظى بين الداعية السلفى سامح عبدالحميد ومؤلفة الكتاب، حيث علق «عبدالحميد» قائلا: إن كتاب «لا تظلموا الملبن» مسىء لفتيات مصر، وعنوانه جريمة، ويجرح مشاعر بنات البلد، مضيفا: «ده تحرش بالشباب». وهو ما ردت عليه حسناء الحسن، مؤلفة الكتاب قائلة: «مش تحرش دى حلاوة مولد ومفيش منها أى شىء للتحرش وكلنا بنحب الملبن».
 
 ورد «عبدالحميد» عليها قائلا: «عيب نخلى المرأة زى الملبن أو نستخدم الألفاظ البذيئة ولا أقبل هذا على بناتنا، وهذا لفظ خارج عن الأدب المصرى والشرعى بتاعنا» متوعدا برفع قضية على صاحبة الكتاب حفاظا على الآداب العامة، وفق قوله.
 
من جانبه هاجم المحامى نبيه الوحش، مؤلفة الكتاب قائلا: «تريد أن تمشى المرأة المصرية ببنطلون مقطوع، هو ده الملبن يعنى اللى انتى عايزة تنشريه».
وأضاف فى تصريحات له: «هى مين حسناء دى أصلا، دى نكرة»، متابعا: «عمالة تعكى فى الكلام، وإن شاء الله هيتم مصادرة الكتاب».
 
كانت حسناء الحسن قد كشفت أن صورة غلاف الكتاب المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعى ليست حقيقية، حيث إنها لم تستقر على شكل الغلاف حتى الآن، كاشفة فى منشور لها عبر حسابها الشخصى على موقع التواصل الاجتماعى، أن الصورة المتداولة هى صورة شخصية لها، كتبت عليها اسم الكتاب واسمها عليها فقط، وليس لها علاقة بالغلاف، قائلة: «للعلم، كتابى لم ينشر بعد، ولم نستقر على غلاف الكتاب، وكل ما يتم تداوله صور عادية لى من على صفحتى، وتم وضع اسم الكتاب واسمى عليها»، ما يكشف أن غلاف الكتاب لم يكن سوى «بوستر» ترويجى، وقد كانت هناك وقائع مماثلة فى أعوام ماضية جرى فيها تغيير غلاف الكتاب.
 
لم يكن كتاب حسناء الحسن هو الكتاب الوحيد الذى أثار جدلا قبل بدء المعرض، حيث أثارت رواية أخرى اللغط وهى رواية «بلا وطن» للمستشارة نهى الزينى، وهى الرواية الشائكة التى قال البعض إن مؤلفتها تعمدت أن تنتصر لأبطال الرواية الذين يعتنقون الفكر الإخوانى.
 
وكانت معارض الكتاب خلال الأعوام السابقة قد شهدت عدة كتب مثيرة للجدل من بينها ديوان «خمسة خصوصى» للشاعر على حسن، الذى وصفه البعض بأنه بعيد كل البعد عن الشعر الذى يعرفه القراء، واحتوى الديوان على قصيدة قال فيها الشاعر «هبة يا هبة انتى الحكاية الطيبة، انتى اللى عمرى فداكى كله ونفسى تبقى قريبة»، كما أثار كتاب «ولاد المرة» للكاتبة ياسمين الخطيب جدلا كبيرا فور طرح غلافه.
 
أما  كتاب «رينبو» فقد عُرض بمعرض القاهرة الدولى للكتاب بعد واقعة رفع علم الرينبو الشهيرة التى جرت فى إحدى الحفلات بالقاهرة منذ فترة، ليثير العنوان الجدل، رغم أن هدف الكتاب هو حث المواطنين على عدم أخذ الأمور بانطباعية، وألا يحكم على كلمة بشكل مسبق وفق مؤلفه أحمد الكيال.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق