الإخوان يغتالون "جمال عبد الناصر" في موريتانيا

الثلاثاء، 22 يناير 2019 02:00 م
الإخوان يغتالون "جمال عبد الناصر" في موريتانيا
الإخوان يغتالون "جمال عبد الناصر" في موريتانيا
طلال رسلان

وسط العاصمة الموريتانية نواكشوط احتضن شارع باسم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر التاريخ منذ السنوات الأولى لاستقلال البلاد، هنا مقرات المصارف الكبرى والمؤسسات الحكومية ومبنى الإذاعة وقصر العدل، وخرجت احتجاجات شعبية غيرت الخريطة السياسية الموريتانية.

على مدار أعوام، حاربت جماعة الإخوان في موريتانيا للتخلص من اسم عبد الناصر "العدو اللدود لقيادات الجماعة"، كما حاربت على كرسي الرئاسة مع بداية الجماعة منتصف السبعينيات من القرن الماضي، ثم تأسيس تنظيم «حاسم» في عام 90، فحزب «الأمة»، وأخيرا «تواصل»، الذى تغلغل بالسيطرة على الحكومة وأغلب المقاعد والمراكز في المجالس البلدية بالبلاد، حتى إعلان الرغبة في الدفع بمرشح خلال الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها العام المقبل، رغم خسائره فى الانتخابات التشريعية والبلدية أخيرا.

لم يخف قيادات الإخوان في موريتانيا بأكثر من مناسبة تلويحهم بتغيير اسم الشارع الشهير، كان بمثابة صداع، تحت زعم مواجهة العنصرية والكراهية والخطاب المتطرف في موريتانيا.

في خطوة مثيرة للجدل، قام المجلسان البلديان في مقاطعتي تفرغ زينة ولكصر، في العاصمة الموريتانية نواكشوط، بالمصادقة على تغيير اسم شارع جمال عبد الناصر، بعد تدخلات مستميتة من أعضاء جماعة الإخوان المسيطرة تقريبا على المجلسين.

الغريب في الأمر، وفقا لوسائل إعلام موريتانية، أن مصادقة المجلسين البلديين كانت سرية، ولم يعرف الموريتانيون بالأمر إلا في 19 يناير الجاري.

أشعلت مساعي الإخوان في تغيير اسم شارع عبد الناصر الأوساط نار النخب الموريتانية، من سياسيين وصحافيين وناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي، باختلاف توجهاتهم، واعتبروا الخطوة محاولة من جماعة الإخوان لطمس هوية البلاد الثقافية والفكرية والسياسية.

الصدمة الكبرى كانت في حركة الطليعة التقدمية، وهي حركة قومية ذات ميول ناصرية، التي ندد الفعل بأشد العبارات، بل وصل الأمر إلى التلويح بالتصعيد، وقال بيانهم إن " تغيير اسم الشارع تصرف مخز يدخل ضمن نطاق محاربة الذاكرة الجمعية للشعب الموريتاني"، وأكدت اللجنة الوطنية لمقاومة التطبيع تمسكها ببقاء اسم الشارع على ما هو عليه.

واعتبر رئيس الطليعة التقدمية أحمد حمنيه أن "جمال عبد الناصر يمثل الكثير للموريتانيين، كغيرهم من الشعوب العربية والإفريقية، لأنه رمز تحرري كبير ولديه أيضاً أفضال على الشعب الموريتاني، كدخولنا إلى الجامعة العربية، كما أمدّ الموريتانيين بالكثير عن طريق المراكز الثقافية".

وأضاف في تصريحات صحفية أن "تغيير اسم الشارع محيّر لأنه يأتي في ظل ذكرى ميلاد عبد الناصر الـ101، ولا ندري لماذا تم هذا التغيير، فهناك شوارع كثيرة تمثّل الاستعمار الفرنسي وتمثل الطابع الفرنكوفوني البغيض المعادي لحضارة وهوية هذا الشعب وكان بالإمكان تغييرها هي، خاصة أن النظام يرفع شعار المقاومة".

وتابع أن "استهداف عبد الناصر في هذه الفترة غير مفهوم، ونحن أصدرنا بياناً واتصلنا بجهات مختلفة وسنقوم بتنظيم احتجاجات ووقفات، وندرس القيام بخطوات أخرى مقبلة".

على مواقع التواصل الاجتماعي اشتعلت عاصفة الغضب، فكتب محمد جميل ولد منصور، الرئيس السابق لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية عبر فيس بوك: "ليس من المناسب أن نتعامل مع كل ما ورثناه من تاريخ الدولة الوطنية بعقلية التغيير والتغيير فقط، هناك أمور ورموز وأسماء تعوّد الناس عليها وليس من اللائق محو هذه الذاكرة والإساءة للمناسبات التي أفرزتها. أسماء الشوارع تعبّر عن استحضار لحظات تنتمي إلى وقتها وزخمها وليس وارداً محاكمتها خارج سياقها وزمنها".

وأضاف ولد منصور: "الرئيس جمال عبد الناصر رحمه الله ليس محل اتفاق وله مؤيدوه ومنتقدوه، صارع البعض وصارعه البعض، لم يشتهر حكمه بحماية الحريات وقبول الآخر، ولكنه مع ذلك كان زعيماً وطنياً وتحررياً طبع مرحلة من تاريخ العرب والأفارقة، وليس مناسباً ولا لائقاً تغيير اسم شارع حمل اسمه".

وختم: "تستحق الوحدة الوطنية تسمية شارع باسمها بل تسمية غيره باسمها بل تستحق أكثر، ولكن الشوارع كثر والرموز كثر، والاحتفاء بالوحدة الوطنية وإظهار الاعتناء بها مطلوب وملحّ ويمكن أن يجري مع ترك شارع جمال عبد الناصر باسمه".

تنديد مصري

في الداخل المصري ظهر الغضب أكبر، فقالت الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشي "إنهم أتفه من أن يمسوا باسم الزعيم الراحل، فهو محفور في وجدان العرب وأفريقيا، ولن يسسطيعوا زحزحة مكانتها لدينا".

وأضافت الشوباشي، في تصريح لـ"صوت الأمة": "اسم عبد الناصر لا يحدده شارع في خيال هؤلاء المرضى، فقد حاولوا في حروبهم ما استطاعوا إليه سبيلا، لكنهم فشلوا.. لماذا فشلوا في المساس بتاريخ الزعيم الراحل؟.. ببساطة لأن اسم عبد الناصر نفسه وفكره محفوران في وجدان كل الشعوب المتطلعة للحرية، بالطبع من غير الإخوان سيهاجم عبد الناصر بعدما فضح سياستهم ومخططاتهم وكان الصخرة التي تحطمت عليها مشروعهم المتطرف". 

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق