فنزويلا منفذ موسكو الأخير في أمريكا اللاتينية.. لماذا يدعم «بوتين» كاراكاس؟

الإثنين، 04 فبراير 2019 01:00 م
فنزويلا منفذ موسكو الأخير في أمريكا اللاتينية.. لماذا يدعم «بوتين» كاراكاس؟
فلاديمير بوتين ونيكولاس مادورو وخوان جويدو ودونالد ترامب

 
منذ نحو عامين قبل الآن، بدأت الأوضاع الاقتصادية في فنزويلا تشهد حالة من التردي، دفعت بـ«كاراكاس»، إلى الهاوية، وجعلت الأوضاع تشتعل في الدولة التابعة لأمريكة اللاتينية، التي كانت وما تزال مطمعا أمام أمريكا.
 
ويبدو أن الطمع الأمريكي، الذي زرع منذ قديم الأزل بدأ يؤتي ثماره، خاصة بعد أن تولى نيكولاس مادورو موروس، السياسي المخضرم، ووزير خارجية فنزويلا السابق، ورئيسها المطاح به على يد خوان جويدو. فتنبأ الأوضاع في فنزويلا بربيع أمريكا الجنوبية، على غرار الربيع العربي.
 
وربما كان الطمع الأمريكي، ومحاولتها الدءوبة في إسقاط «مادورو»، هي السبب في تدخل روسيا، ودعمها لرئيس فنزويلا المنتخب. خاصة وأن أزمة حكومة نيكولاس مادورو، تشكل خطرًا سياسيًا على حكومة فلاديمير بوتين، التي قد تفقد حليفتها الرئيسية في أمريكا اللاتينية، ولكن أيضًا اقتصاديًا لاستثماراته المهمة في قطاع النفط، لذلك فقد أعطت روسيا، مثل الصين وتركيا، دعمها للرئيس نيكولاس مادورو، في مواجهة قرار الولايات المتحدة وبلدان العالم الأخرى بالاعتراف بالزعيم البرلماني خوان جوايدو كرئيس مؤقت.
 
قد يكون دعم روسيا لـ«مادورو»، بسبب خوفها من مغادرته، للسلطة في فنزويلا، خاصة وأن مغادرة رئيس فنزويلا المنتخب، سوف يتسبب في خسارة موسكو لتحالفها مرة أخرى- فقد كانت المرة الأولى لخسارة التحالف بين (1999-2013)، ذلك مع حكومة هوجو تشافيز- ومنذ ذلك الحين أصبحت البلاد أيضا الدائن الثاني في «كاراكاس» بعد الصين.
 
كان نيكولاي بيتروف الأستاذ في كلية موسكو للاقتصاد، قال إن روسيا تخاطر بأن تفقد كل العلاقات المتوطدة لفترة طويلة. ويقول دميتري روزينت، المتخصص في شؤون فنزويلا في أكاديمية العلوم الروسية، إن سقوط نيكولاس مادورو سيزيد بالنسبة لروسيا «مخاطر فقدان استثماراتها»، وسوف تزداد على نحو خطير، حيث في ديسمبر، خلال زيارة «مادورو» لموسكو، وعدت روسيا باستثمار (6000) مليون دولار في قطاع النفط والتعدين في البلاد.
 
في سياق متصل وقال سيرج أوليفييه، مؤرخ متخصص من فنزويلا، أستاذ وباحث في جامعة بانتيون السوربون: «في البداية كانت الاتفاقيات مع روسيا عسكرية بشكل أساسي، مع طلبيات كبيرة للدبابات وبنادق الكلاشينكوف والطائرات، ووافقت روسيا على القروض لتمويل هذه المشتريات العسكرية، وبعد ذلك تم إنشاء العلاقات في قطاع النفط».
 
وأضاف: «منذ عام 2005، اشترت فنزويلا ما مجموعه 11 ألف مليون دولار أسلحة روسية، وفقا لحسابات العديد من وسائل الإعلام في البلاد، هذا ما يجعل موسكو أول مورد للأسلحة في البلد الواقع في أمريكا الجنوبية، ولقد استفاد الروس من هشاشة كاركاس ولكنهم لا يستطيعون توجيه الاتهام كما هو متوقع بسبب الحالة الكارثية للبنية التحتية النفطية للبلاد وانحدار الشركة الوطنية الفنزويلية (PDVSA).
 
وحذر وزير الخارجية الروسي سيرجى لافروف من أن موسكو ستفعل «كل شيء ممكن» لدعم نيكولاس «مادورو»، في حين قال الكرملين أنه يريد «الدفاع عن مصالحه في إطار القانون الدولي».
 
ويقول فلاديمير روفينسكي، المتخصص في العلاقات بين روسيا وأمريكا اللاتينية في جامعة كالي الكولومبية: «ستقاتل روسيا من أجل عقودها ومن أجل ديونها.. لكن الكرملين اعترف بأنه بإمكانه أيضًا التحدث مع قوى أخرى في فنزويلا بشرط أن يكون نقل السلطة مشروعًا».
 
أما في قطاع النفط، استثمرت روسيا مليارات الدولارات، بشكل رئيسي من خلال شركة النفط روزنفت شبه العامة، بقيادة إيجور سيشين المؤثر، القريب جداً من فلاديمير بوتين، الذي كثيرا ما يزور كراكاس، وتشارك روزنيفت في العديد من مشاريع التنقيب وإنتاج النفط والغاز فى فنزويلا بالتعاون مع شركة النفط الحكومية الفنزويلية (PDVSA)، التي تخضع الآن لعقوبات من واشنطن.
 
ويتم تسديد جزء من دين فنزويلا إلى روسيا بالهيدروكربونات بموجب اتفاقيات بين PDVSA وRosneft كما وافقت روسيا على إعادة هيكلة هذا الدين عدة مرات.

الأرقام تبشر بتفاقم الأزمة

من المعروف لدى الجميع- وفقا لم نشر في تقارير رسمية- أن عدد سكان فنزويلا يصل إلى قرابة الـ(32) مليون نسمة، وقد وصلت نسبة الهجرة في نهاية عام (2018) إلى نحو (7%)، وقد كانت المكسيك وبيرو، أكثر الدول المستضيف للهاربين من فنزويلا.
 
فما بين عامي (2004-2006)، هاجر من فنزويلا (43728) شخصا، بينما في الفترة ما بين (2010-2012)، رحل قرابة الـ(556641) شخصا، وما بين (2014-2016)، رحل قرابة (695551) شخصا، وفي نهاية عام (2018) وصل عدد المهاجرين من فنزويلا نحو (2328949) شخصا.
 
التوقعات تشير إلى أن الاقتصاد الفنزويلي، قد يشهد خلال الفترة المقبلة، انكماشا أكبر- بعد أن كانت فنزويلا إحدى الدول الأغنى في العالم- خاصة في الناتج المحلي، فقد أكد صندوق النقد الدولي في تقرير له، أن الناتج المحلي لـ«فنزويلا»، في (2019) من المتوقع أن ينخفض مرة أخرى، بنسبة لا تقل عن (5%).
 
وعلى الرغم من كون النسبة أقل من عامي (2018 و2018)، اللذان تراوحت النسبة فيهم ما بين (14%، و18%) إلا أن النسبة لا تبشر بالخير، خاصة وأن معدلات التضخم، في «كاراكاس» مرتفعة للغاية، وقد فكر «مادورو» في حذف (5)، أصفار لمحاولة تدارك الأزمة، وهو ما أكد خبرا الاقتصاد أنه غير مُجدي.
 
كان ترامب اعترف بـ«جويدو» رئيسا شرعيا للبلاد ورأى أنه الممثل الشرعي الوحيد للديمقراطية في فنزويلا واعتبر «مادورو» رئيسا غير شرعي، كما طالبت أمريكا بعقد جلسة لمجلس الأمن، (السبت)، من أجل الاعتراف بـ«جويدو» رئيس لفنزويلا.
 
أما دول الاتحاد الأوروبي فقالت إنها تؤيد المعارضة الفنزويلية، ولوحت كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا، بالاعتراف بزعيم التجمع الوطني رئيسا لفنزويلا بحال عدم إجراء انتخابات نزيهة خلال (8) أيام.
 
وفي سياق متصل تلقى «جويدو» دعما من بعض الدول اللاتينية أيضا وعلى رأسها: «الأرجنتين والباراجواي والبرازيل والإكوادور وتشيلي»، بالإضافة إلى كندا وعدد من الدول أمريكا الوسطى.
 
و كانت كل من: «روسيا، وتركيا، وإيران، والصين، وسوريا»، وقفت إلى جانب الحكومة، إذ أكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، دعمه لمادورو في اتصال هاتفي واعتبر التدخل الخارجي في الشأن الداخلي لفنزويلا مخالفا للقوانين الدولية. 
 
وطالب «مادورو» بإيجاد حل سلمي للأزمة عبر الحوار، وبعد ذلك بيومين أبدت روسيا استعدادها لأن تكون «وسيطا» بين الحكومة والمعارضة في فنزويلا. ومن جانبها استنكرت سوريا تدخل أمريكا في الشؤون الداخلية لفنزويلا وعبرت عن وقوفها إلى جانب «مادورو».
 
كما أعلن الجيش الفنزويلي وقوفه إلى جانب «مادورو»، ليعود «جويدو» ويوجه نداء للقوات المسلحة، (الجمعة)، يطالبها فيها بالوقوف إلى جانب «الشعب والدستور». وقال إن الجيش سيكون أمام اختبار هام في الأيام المقبلة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق