شمس التنمية تشرق على أرض الفيروز.. سيناء من التطهير إلى التعمير

السبت، 16 فبراير 2019 08:00 م
شمس التنمية تشرق على أرض الفيروز.. سيناء من التطهير إلى التعمير
سيناء من التطهير إلى التعمير

المحور الثاني: شرق العريش ومحاصرة قيادات التنظيم الإرهابي

المحور الأول: جنوب العريش وتضييق الحصار على العناصر الهاربة

المحور الثالث: بلعا وسقوط قتلى من الإرهابيين

 

«نُودِىَ يَا مُوسَى إِنِّى أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى»، إنها سيناء الأرض المقدسة، التى كلم فيها موسى ربه، منها انطلقت رحلة عائلة المسيح إلى مصر، وعلى أرضها كتب المصريون تاريخا جديدا بالقضاء على أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر، واليوم يسطرون فصلا جديدا من فصول التاريخ، بتحويل أرضها الطاهرة إلى مقبرة للإرهابيين، وبداية لمرحلة التنمية والتعمير.
 
سيناء التى كانت ومازالت مطمعا للكثيرين، تخوض الآن حربين، الأولى ضد الإرهاب والأطماع الأقليمية بتحويلها إلى بؤرة إرهابية، والثانية للتعمير والتنمية.
 
«أرض سيناء الغالية، ملتقى الشرق والغرب ومقصد الباحثين عن السلام، وملتقى التاريخ والجغرافيا، أرض الإله والأنبياء».. قالها الرئيس عبدالفتاح السيسى، ليؤكد أن هذه المنطقة الغالية من تراب مصر، تستحوذ على اهتمام خاص.
 
نجحت عملية المجابهة الشاملة لملاحقة العناصر الإرهابية والإجرامية «سيناء 2018» على كل المستويات، واستطاعت تطهير ما يزيد على نسبة 95 % من المدن المعروفة بمثلث الشر «الشيخ زويد ورفح والعريش» من براثن الإرهاب، بعد أن جففت جذور العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم «داعش»، وقضت على أهم القادة الميدانيين للتنظيم، خاصة قادة الصفين الأول والثانى بصورة فككت بنية التنظيم، ومزقت أوصاله فى المدن السيناوية الثلاث.
 
وحسب مصادر أمنية، فإن توقيت العملية الشاملة، كان من أهم عناصر نجاحها، حيث فاجأت التنظيم الإرهابى بضربات جوية مركزة ومؤثرة، استهدفت جميع المحاور، تزامنا مع إطلاق المدفعية نيرانها، لتستهدف أوكار العناصر الإرهابية بمناطق العريش والشيخ زويد ورفح ووسط سيناء، وتشير المصادر إلى أن نجاح العملية العسكرية الشاملة منذ بداية انطلاقها فى التاسع من فبراير 2018، اعتمد على الخطة الناجحة لجمع المعلومات من خلال أبناء قبائل سيناء ومشايخها، وبدء الاستهداف المباشر لأوكار الإرهابيين بالقصف الجوى المركز من الطيران الحربى الـ إف 16 والرافال والطائرات المروحية «الأباتشى» بمختلف مناطق شمال ووسط وشرق سيناء.
 
وقام الطيران الحربى بشن عشرات الغارات فى بداية العملية، استهدفت بؤر ومخابئ التنظيم بمناطق المسمى وأبو طبل وزراع الخير والميدان والعقدة والمزارع جنوب مدينة العريش، ومناطق المقاطعة والخروبة واللفيتات والتومة والزوارعة والجورة والجميعى وكرم القوادى، فضلا عن مناطق القويعات والطويل جنوب وغرب مدينة الشيخ زويد، والمهدية وشبانة وقوز أبو رعد والكيلو 17 والعجراء، والمناطق الحدودية غرب رفح، ومناطق بلعا غرب المدينة. 
 
وفى مناطق وسط سيناء، كانت الضربات تأتى فى وقت واحد، ما أصاب التنظيم الإرهابى بالشلل التام، وأدت إلى سقوط أعداد كبيرة من عناصره وقياداته، ومنهم: أبو منير وكريم أبو ركبة وشادى المنيعى وسليم الحمادين وأحمد زايد الجهينى وغيرهم، وحسب المصادر القبلية والأمنية، فإن العملية الشاملة تعد من أهم العمليات التى نفذت خلال الثلاث سنوات الماضية، لأنها الأقوى والأشمل بعد أن تم تعزيز المنطقة بقوات من الجيش والشرطة على مختلف المحاور، وسيطرت القوات على كل شبر من شبه جزيرة سيناء، وأدى ذلك إلى تضييق الخناق على الإرهابيين فى جميع المناطق بعد أن تم قصف معاقلهم وأماكن تمركز قيادتهم، وقطع التواصل فيما بينهم، وأصبحت قيادات التنظيم منعزلة عن بعضها فى سيناء بسبب الحصار والتضييق عليهم من قبل قوات الجيش والشرطة.
 
وأضافت المصادر، أن أبناء قبائل ومشايخ المنطقة المشاركين فى العملية الشاملة، كان لهم دور بارز بسبب الخبرة فى قص الأثر لملاحقة العناصر الإرهابية، بالإضافة إلى مد الأجهزة الأمنية بالمعلومات والإحداثيات لمناطق تمركز العناصر الإرهابية، وتزويد القيادات العسكرية بها لاستخدامها خلال تواصل العمليات، وحسب المصادر، واصلت العملية الشاملة، نشاطها من خلال ثلاثة محاور استراتيجية، بدأت بتضييق الخناق على تحركات العناصر الفارة، وانطلقت القوات من عدة محاور، الأول جنوب العريش، حيث انتشرت القوات من الطريق الدولى القنطرة- بئر العبد فى اتجاه جنوب منطقة بئر العبد وحتى محيط مدينة العريش، وانتشرت القوات بمناطق المسمى والسبيل والميدان وزارع الخير وأبو طبل ومنطقة المزارع جنوب العريش، تزامنا مع إطلاق قذائف المدفعية على تلك المناطق لاستهداف البؤر الإرهابية بتلك المنطقة، ما أفقد التنظيم الإرهابى قدراته، وتهاوت مواقعه دفعة واحدة.
 
وفى ذات الوقت، كانت العملية تتواصل من خلال المحور الثانى شرق العريش، حيث واصلت القوات البرية للجيش انتشارها بمناطق شرق مطار العريش ومحاصرة القوات عند محور  «الطويل»، الذى يمتد بطول المنطقة من العريش وحتى قرية الروضة جنوب الشيخ زويد.
 
واستهدف تضييق الخناق ومحاصرة التنظيم بمناطق اللفيتات والزوارعة والطويل والجورة وكرم القواديس حتى قرية القريعة جنوبا، وأصبحت المنطقة التى تمثل مربعا أضلاعه مدينة الشيخ زويد الخروبة، القريعة، الجورة، هى منطقة تركز بها قيادات التنظيم الإرهابى فى المرحلة الأخيرة، وأصبحت الآن تحت السيطرة الكاملة للقوات المسلحة.
 
فيما كان المحور الثالث هو محور «بلعا»، ويضم القرى التابعة لمركز رفح، وتقع تلك المنطقة غرب مدينة رفح، وتضم أشرس عناصر داعش بالمنطقة، حيث يتركز بها عناصر مسلحة من فلسطين وقطاع غزة، وقد وقعت بها اشتباكات عنيفة بين القوات والعناصر الإرهابية، وتمكن الجيش من محاصرتهم بالمنطقة الواقعة غرب رفح وشمال منطقة السادات على الطريق الدولى، وأدت هذه الإجراءات إلى محاصرة تلك العناصر بين مناطق الأحراس وقرية أبو شنار والحسينات ومنطقة السادات، وأسفرت الاشتباكات عن سقوط عدد من القتلى فى صفوف العناصر الإرهابية، وتزامنا مع الحصار، تم فرض السيطرة الكاملة على الحدود مع قطاع غزة لمنع تسلل أى عناصر من وإلى قطاع غزة.
 
وتمثل عمل قوات الجيش الثانى الميدانى بشمال سيناء من المنطقة المتاخمة للضفة الشرقية لقناة السويس وحتى مناطق العمليات، لتمشيط جميع الطرق والدروب والمدقات، وضبط أى عناصر إرهابية أو متعاونة معها، ومنع أى تسلل للعناصر الإرهابية من مناطق الاشتباكات ومنعها من إعادة تمركزها بتلك المنطقة، بالإضافة إلى المنطقة الواقعة بعد المنطقة المتاخمة للضفة الشرقية لقناة السويس وحتى خط الحدود الدولية، التى تضم قوات قائمة على تمشيط وتفتيش الأرض والزراعات والمناطق السكنية بشمال سيناء.
 
وحسب المصادر، يتم التعامل مع البؤر الإرهابية بتطويقها ثم مداهمتها بواسطة القوات البرية، ويعاون أعمال قتالها القوات الجوية، طبقًا للموقف وبتنفيذ هجمات جوية وقصفات مدفعية ضد البؤر الإرهابية الواقعة خارج التجمعات السكنية بجانب قوات التأمين المكلفة بتنفيذ الارتكازات الأمنية على الطرق والمحاور الرئيسية بمناطق العمليات بشمال سيناء.
 
وتقوم قوات الجيش الثالث الميدانى، مدعومة بعناصر من القوات الخاصة من الصاعقة والمظلات، يعاونها عناصر من الشرطة المدنية بالتعامل مع البؤر الإرهابية، ومناطق تكديس الدعم اللوجيستى لها، وذلك عبر تقسيم مناطق المداهمات من شرق القناة بوسط سيناء حتى خط الحدود الدولية من خلال عدة قطاعات رئيسية.
 
وحسب المصادر، فإن القوات التى تقوم بمهاجمة البؤر الإرهابية المرصودة، تعتمد على معلومات استخباراتية مؤكدة بشأن تواجد العناصر الإرهابية بها، ويتم من خلال تطويق تلك البؤر لمنع أى تسلل للعناصر الإرهابية من وإلى مناطق تواجدها ثم مداهمتها بواسطة القوات البرية، ويعاون أعمال قتالها القوات الجوية، طبقًا للموقف وتأمين جميع طرق الاقتراب من وإلى المناطق الجبلية، فضلا عن تواجد قوات التأمين المكلفة بتنفيذ الدوريات والكمائن المدبرة وغير المدبرة على الطرق والمحاور الرئيسية بوسط بسيناء.
 
ونجحت القوات المسلحة خلال استمرار العملية الشاملة من تدمير القوام الرئيسى للبنية التحتية لتنظيم «داعش» فى شمال سيناء ووسطها، ما أدى لشل قدرات التنظيم الإرهابى فى سيناء وتدمير كل تجهيزاته الميدانة ومراكزه الإعلامية.
 
وكشفت المصادر، أن التنظيم تمكن فى السنوات الماضية من إنشاء ما يشبه «مجمعات متكاملة» تحت الأرض، بعيدا من أى رصد أمنى، تتضمن أماكن معيشة، وتخزين أسلحة ومستشفيات ميدانية، ومراكز اتصالات، فضلا عن وجود شبكة من الأنفاق الداخلية بين حجرات تلك التجمعات المبنية تحت الأرض.
 
واعتمد التنظيم الإرهابى على الخنادق والحفر فى قلب الجبال، من أجل التخفى والابتعاد عن الرصد الأمنى، إلا أن القوات المسلحة وأجهزة جمع المعلومات، تمكنت من ضرب القوام الرئيسى لتلك البنية التحتية، التى تمثل الرصيد الأهم للتنظيم المتطرف فى شمال سيناء، والتى ساعدته على البقاء فى الصحراء شمالا ووسط المنطقة طوال سنوات على رغم من الضربات الأمنية والعسكرية الموجعة التى تلقاها.
 
وواصلت القوات المسلحة جهودها بالاشتراك مع الشرطة المدنية فى فرض الأمن واستعادة الأمان بكل ربوع سيناء، بعد تطهيرها من براثن الإرهاب، وتعافى المدن التى كان يطلق عليها مثلث الشر، وهى «العريش والشيخ زويد ورفح» من وجود العناصر الإرهابية، التى قضت عليها القوات المصرية، فى إطار عملية المجابهة الشاملة سيناء 2018، التى انطلقت فى التاسع من فبراير 2018، وما زالت مستمرة للقضاء على العناصر الإرهابية والإجرامية.
 
ونجحت جهود القوات المسلحة والشرطة المدنية فى تطهير المدن الثلاث من شبح الإرهاب، وعادت الحياة لطبيعتها تماما بعد سماح الجهات المعنية بفتح محطات الوقود أمام المواطنين والسائقين لتموين سياراتهم الملاكى والأجرة، إلى جانب السماح بالسفر من وإلى العريش بصورة عادية، وعادت الحياة اليومية إلى شكلها الطبيعى.
 
شبه جزيرة سيناء، مساحتها 61 ألف كيلومتر مربع أى نحو 6 % من مساحة مصر، وتنقسم إداريا إلى محافظتين، هما شمال سيناء وعاصمتها العريش، وجنوب سيناء، وعاصمتها الطور، ويبلغ عدد سكان المحافظتين نحو 700 ألف نسمة، ويقطنها عدد من القبائل أبرزها السواركة والرميلات والترابين والمساعيد وغيرها، وتمتلئ سيناء بالثروة المعدنية من بترول ونحاس وفوسفات وحديد، فضلا عن تنوع السياحة بها من سياحة ترفيهية ومغامرات ودينية وعلاجية.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق