ملامح أرض الفيرزو في 50 عاما: بدأت بـ «أفلام النيجاتيف» (صور)

تجربة ثرية انفرد بها أحد أبناء محافظة شمال سيناء، استخدم فيها أدواته الخاصة في حفظ كل ذرة رمال في أرض الفيروز، وخبرته بعادات أهلها التي أكتسبها من خلال اختلاطه ومعايشته لأبنائها عن قرب، فهو من خالطهم وعاش كل عاداتهم وتقاليدهم البدوية الثرية، مما كان له بمثابة الكنز والثروة التي لابد له من توثيقها والحفاظ عليها من الاندثار وعوامل تغيير الحياة بعد هبوب رياح المدنية المتوحشة.   

تمكن المصور السيناوى «نافع الشوربجي»، من رصد ملامح شمال سيناء وأهلها خلال فترة الـ50 سنة الماضية، استطاع من خلالها توثيق مشاهد نادرة لأماكن وأشخاص وعادات وتقاليد، وسرد تجربته قائلا: « كان  والدي أول من حمل كاميرا في مدينة العريش خلال فترة الأربعينيات والخمسينيات، وبعدما اشتد عودي في أواخر الستينيات ومطلع السبعينيات، بدأت أرافق والدي وشقيقي الأكبر في كل جولاته التي يخصصها لرحلات التصوير خارج مدينة العريش، وخاصة مناطق وسط سيناء، لأنه كان يعمل مصورا فوتوغرافيا، وكانت يلبي دعوات الأهالي في القرى البعيدة، لأخذ صور لهم كانوا في الأغلب يستخدمونها في أوراقهم الرسمية.

واستطرد قائلا: « أسرت هذه المناطق عيني من روعة جمال الطبيعة، وبساطة الناس وصدق ملامحهم في عمق صحراء سيناء، التي كنا نتنقل فيها من وادي لآخر في رحلات تستمر لأسابيع متصلة، بكل أمان وترحاب من أهل الصحراء، ثم نعود بعدها لمدينة العريش حيث منزلنا، وكانت وسيلة التصوير هي الضوء وكاميرا أبيض وأسود، التي كانت تعتمد على الأفلام «النيجاتيف»، فكنا نقوم بتحميض الأفلام وطبع الصور.

وتابع:«أستكملت مسيرة والدي بعد رحيله، وكان يساعدني شقيقي الأكبر، لكني بدأت من مديرية التحرير جنوب محافظة البحيرة، حيث استقررت هناك مع أسرتي ومعي كثيرين من أهالي سيناء بسبب ظروف الهجرة بعد احتلال سيناء في حرب 67، واستطاعت خلال تلك الفترة من توثيق لقطات نادرة للأهالي في ذاك المكان».

وعلى شفاه ابتسامة شغف أستكمل حديثه متذكرا ذكرياته في التصوير:«عدت لشمال سيناء بعد انتهاء حرب اكتوبر 73 وبدأت من جديد رحلات التصوير من خلال استوديو انشأته وسط مدينة العريش، وبدأت في رحلة جديدة في الثمانينات لتوثيق كثير من الملامح الجانبية الهامة والأحداث الرسمية والمناسبات الأهليةالتي أعتبرها  مكونا تاريخيا بالصور لشمال سيناء، التي منها استطعت بها أرشيفه ماتركه والدي من صور أخرى توثق لمراحل زمنية سابقة على أرض شمال سيناء، ومنها زيارات لشخصيات هامة لمدينة العريش، عادات وتقاليد بدو سيناء فى الأفراح والمجالس الخاصة بهم، ورموزهم القبلية في مجالسهم وحركة الإقبال على الشاطئ العام بها وبساطة ورواده، وكبائنها الخاصة وكازينوهات السبعينيات والثمانينيات، وكذلك سيل وادي العريش، وغمر المياه للمنازل وجهود الإنقاذ».

وأضاف «الشوربجي»، أن عمله في مهنة التصوير منحته فرصة عظيمة لنشر صور له وتغطيات لأحداث هامة قام بنشرها في العديد من الصحف، من بينها تغطيات حركة معبر رفح ومشروعات التنمية الزراعية في قرى سيناء، بالإضافة لمشاركته في معارض للتصوير نظمتها المحافظة، وتكوين شعبة خاصة بمصوري شمال سيناء، استطاع من خلالها نقل خبراته في التصوير لطلبة جامعة سيناء الخاصة، معتبرا أن أرض الفيروز ثرية لكل مصور محترف يبحث عن جمال الطبيعة وبساطة الإنسان».

 وقال إنه فخور بجولاته التي كان يجريها في جبال سيناء، لتصوير أهلها والتعرف عليهم عن قرب، وأوضح أن صورة سيناء في الماضي وثقت مراحل مهمة كان التصوير فيها صعب، لذا أي لقطة تعتبر عمل نادر ومهم، بينما التصوير اليوم أصبح متاح للجميع، ولكن قليل من يستطيع الوصول لعمق روح الصورة وهو يوثق للطبيعة والانسان والمكان بلقطات نادرة.