صلاح الدين الأيوبي.. معجزة الإسلام الخالدة

الإثنين، 04 مارس 2019 07:00 م
صلاح الدين الأيوبي.. معجزة الإسلام الخالدة
صلاح الدين الأيوبي
ولاء عكاشة

 
لم يأت ذلك الشاب الكردي ببادرة دل على أنه سيصبح واحدا من أعلام الأمة الإسلامية، وأحد أهم أبطالها عبر التاريخ، ولم يكن في الحسبان حتى قبل فتحه لمصر، أن يكون هذا القائد الهمام هو فاتح بيت المقدس، والحارس الأمين على راية الإسلام، معيدا لها مجدها وللمسلمين عزتهم وكرامتهم، فهو معجزة من معجزات الإسلام الخالدة.
 
صلاح الدين الأيوبي، ذلك القائد العسكري الذي أسس الدولة الأيوبية، التي وحدت مصر والشام والحجاز وتهامة، في ظل الراية العباسية، وذلك بعد أن قضى على الخلافة الفاطمية التي استمرت 262 سنة، وحرر بيت المقدس من أيدي الصليبيين بعد انتصاره عليهم في «حطين». ولد صلاح الدين الأيوبي عام 1138م، بمدينة كريت في العراق، وتوفى في 4 مارس عام 1193م، في مدينة دمش السورية، عن عمر يناهز السابعة والخمسين بعد أن اشدد مرضه وضعفت قوته.
 
وفي ذكرى وفاة أحد أشهر أبطال وقادة العالم الإسلامي، اليوم الإثنين، يوضح «صوت الأمة» كيف أصبح هذا الشاب الكردي اليافع بطلا من أبطال التاريخ على مر العصور، وكيف توالت معه الأمور بعدما أمره ولي نعمته السلطان نور الدين، بالذهاب إلى مصر، حتى وصل إلى ماوصل إليه. 
 
«وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ»، تعتبر هذه الآية الأكثر تفسيرا لما مر به صلاح الدين عندما أمره السلطان نور الدين بالذهاب إلى مصر، فقد كان أكره الناس للخروج في هذه الواقعة، لكنه خرج تفيذا لأمره، وعندما وصل إلى مصر تغير كل شئ حوله، حيث خلا له الجو وأخذ بزمام الحكم، وتمكن في قلبه أن الله تعالى قدر له عملا جليلا لايلائم الترف والرفاهية ونعومة الحياة، وأدرك عندما وهبه الله مصر أن سبحانه قدر له فلسطين أيضا، ومن وقتها باتت غاية حياته، نصر الإسلام وعزة المسلمين، وقد عاهد هذا البطل ربه على الجهاد في سبيله حتى يقضي نحبه.
 
كان حب «الأيوبي» للجهاد في سبيل الله، والشغف به قد استولى على قلبه وسائر جوارحه، فمضى في سبيل الله تاركا أهله وأولاده ووطنه وسكنه وسائر بلاده، وحانت لصلاح الدين بعد انتصار المسلمين في معركة حطين، الفرصة المباركة التي طلما حلم بها وهي فتح باب بيت المقدس، وبالفعل دخل السلطان بيت المقدس وحقق انتصارا عظيما، وعادت القبلى الأولى التي صلى بها النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة الإسراء والمعراج، بعد تسعين سنة في أيدي الصليبيين، ومن أفضل الصدف أن تاريخ اليوم الذي دخل فيه بيت المقدس هو نفس اليوم الذي أكرم الله فيها النبي بالمعراج.
 
وعندما فتح الناصر صلاح الدين القدس وانتزعها من أيدي الصليبين، حباها بعطفه وكرمه وسماحته على عكس مافعلوه هم حينما دخلوها غزاة عام 1099 من أفعال وحشية في منتهى البشاعة، لضرب لهم أروع الأمثلة في الخلق الإسلامي العظيم، وظهر هذا جاليا في اليوم الذي تسلم مقاليد «بيت المقدس» فأمر بجنوده لينادوا في الطرقات والأزقة بإطلاق سراح الشيوخ والضعفاء الذين لا يطيقون آداء الفدية، فيذهبوا حيثما شاؤوا، وهذا هو ماتصدق به القائد العظيم، على فقراء ومساكين يتجازو عددهم الحصر.
         
وفي الرابع من مارس عام 1193، استأثر الله بإبن الإسلام البار وهو في السابعة والخمسين من عمره، وذلك بعما أدى واجبه المقدس على أكمل وجه، وحصن العالم الإسلامي من مخاطر الاغتصاب والغزو. ولم يصب المسلمين من قبل مثلما كان يوم وفاته، منذ أن فقدوا الخلفاء الراشدين، فخيم الحزن والظلام عليهم، واستوحشوا الدنيا ورحالها، وظلوا هكذا يتعطرون ويستأنسون بقصته لمواجهة وحشة فقدانه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق