«الكفن» ينهي الخصومات الثأرية..

4 مدارس في طقوس تقديم الكفن.. أغربها إقامة القاتل في قبيلة القتيل والزواج من بناتها

السبت، 23 مارس 2019 08:00 م
4 مدارس في طقوس تقديم الكفن.. أغربها إقامة القاتل في قبيلة القتيل والزواج من بناتها
تقديم الكفن
أمل عبدالمنعم

الكفن مرتبط بالموت، لكن أهل الصعيد اتخذوا منه شعارا للحياة والسلام والمحبة وردم الدم بعد الخصام والأخذ بالثأر بين العائلات، التى تعد من أهم قضايا الصعيد، ولتقديم الكفن العديد من المراسم والطقوس التى تختلف من محافظة إلى أخرى، فحمل «الجودة» التى تعنى الحياة الجديدة لأهل القاتل تكون ملفوفة فى الكفن.

تقديم الكفن تحكمه 4 مدارس، الأولى مدرسة العبابدة التى تجبر القاتل على حمل «الجودة» كما ينطقها الصعايدة ملفوف فى الكفن وحافى القدمين وحليق الرأس، ومجرورا من رقبته، وإجباره على المشى مسافة 3 كيلومترات حتى يصل إلى ديوان بيت القتيل، بعد التخلى عن قبيلته والانضمام إلى قبيلة القتيل، وإجباره على الزواج منها ويدفن فى مقابرها وإذا قتل يؤخذ بثأره.
 
أما المدرسة الثانية فتجبر القاتل على ارتداء الجلباب الأسود القصير فوق الركبة وحافى القدمين وحليق الرأس ومجرور الرقبة، ويمكن إقامته عند أهل القتيل لكن دون زواج منهم أو اختلاط. بينما المدرسة الثالثة فهى الدندراوية وتجبر القاتل أن يقدم الجودة مرتديا جلبابا أسود مقلوبا ويجر من رقبته، ثم يقف أمام أهل القتيل حافى القدمين بهيئته تلك حتى يعفو عنه.
 
أما المدرسة الرابعة وهى الأشهر والمتعارف عليها، فتقوم على أن يحمل القاتل الكفن ويسير وسط الرجال والقوات الأمنية التى تقوم بتأمين الجلسة، ويقدمه لأهل القتيل ويبدأ بالمصافحة لكل منهم وتنتهى الخصومة.
 
وهناك حالات عديدة تم فيها الصلح بعد خصومات وسلسال دم دام سنوات، كانت آخرها إنهاء خصومة ثأرية بين أفراد عائلة محمود بيت رفاعى، بيت حسن بناحية المزالوة دائرة مركز سوهاج بحضور مدير الأمن والناجمة عنها مقتل «عبدالمتجلى. ع. أ» 45 سنة عامل ينتمى للطرف الأول، واتهم فى مقتله «محمد. أ. م» 57 سنة موظف، و «على. ح. م» 40 سنة، موظف، و«همام. أ. م» 54 سنة، ينتمون للطرف الثانى ما زالوا رهن الحبس الاحتياطى بسبب خلافات الجيرة.
 
وأسفرت الجهود بدفع الحكماء من رجال الدينين الإسلامى والمسيحى وأعضاء مجلس النواب ولجنة المصالحات وعواقل العائلتين بعقد جلسة صلح بين الطرفين بحضور 3000 فرد، وقدم «إسلام. م. أ. م» نجل المتهم الأول الكفن إلى «عبدالستار. ع. أ» شقيق المجنى عليه، والقسم أن يكون صلحا جديا وناهيا للنزاع القائم بينهما.
 
وكذلك أنهت الأجهزة الأمنية فى محافظة المنيا، خصومة ثأرية، تعود لـ26عاما بين عائلتين فى مركز ملوى، بتقديم الكفن والاتفاق على شرط جزائى قدره مليون جنيه، وبدأت الخصومة فى 27 يناير1993 بقرية دروة بين عائلتى أولاد سميح وصالح، بسبب نزاع على حد فاصل أرض زراعية، وأقيم الصلح داخل سرادق ملعب مركز شباب دروة، وحضره نحو 3000 شخص، وجرى خلاله تقديم الكفن، والقسم على المصحف بنبذ الخلاف، وتعانق الطرفان وتصافحا، وقُبِلَ العزاء داخل السرادق.
 
وأنهت مباحث الفشن بمديرية الأمن ببنى سويف، خصومة ثأرية بين عائلتى الحجار وعضماية بمدينة الفشن بالساحة الشعبية، بحضور مدير الأمن، ومساعد مدير الأمن، ومدير إدارة البحث الجنائى، ورئيس مباحث بنى سويف، ومفتش المباحث، ورئيس مباحث الفشن، و رئيس المدينة، ومدير أوقاف المركز. حيث تم تقديم الكفن وعقد جلسة صلح لإنهاء الثأر بين العائلتين، وقدم والد القاتل من عائلة عضماية، الكفن إلى والد القتيل، من عائلة الحجار فى جلسة الصلح.
 
وقامت أوقاف أسيوط بأكبر حملة لمواجهة ظاهرة الثأر والتوعية بحرمة قتل النفس البشرية، وعظم قدرها عند الله، وإنهاء الخصومات الثأرية بالمحافظة بالتصالح، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، والحفاظ على أمن واستقرار المحافظة، وهذا عن طريق تكثيف القوافل والندوات بجميع أنحاء المحافظة وبالأخص الأماكن الأكثر انتشارا لظاهرة الثأر، وتكليف مديرى الإدارات بالتنسيق التام مع الجهات الأمنية فى كل منطقة، وتكليف الأئمة البالغ عددهم ما يزيد على ألفى إمام بإجراء حصر لجميع حالات الثأر فى كل منطقة، مع عمل دراسة لكل حالة على حدة بالتعاون مع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بالمحافظة.
 
وكذلك التنسيق بين واعظات أوقاف أسيوط والمجلس القومى للمرأة لأهمية دور المرأة فى التصدى لهذه الظاهرة، وإنشاء لجنة مصالحات بكل إدارة من إدارات الأوقاف وعضوية أحد أساتذة الجامعات وكل من له تأثير أو شعبية جماهيرية فى نطاق كل منطقة على حدة، والتنسيق مع أعضاء مجلس النواب ورؤساء الأحياء والمدن والعمد والمشايخ فى القرى والنجوع التى تشهد حالات ثأرية للعمل على إنهاء الخصومات الثأرية، والتنسيق مع ممثلى الكنائس بأسيوط فى الوقائع التى تشهد حالات ثأرية بين مسلمين ومسيحين.
 
وكانت صاحبة أول لجنة مصالحات نسائية فى تاريخ الصعيد هى أمانى أبوسحلى التى ذاقت مرارة الألم بقتل ابنها الأكبر فى خصومة ثأرية شهيرة بمحافظة قنا، ومع ذلك قررت العفو ورفضت الأخذ بالثأر، وكانت فكرة تشكيل لجنة مصالحات ثأرية نسائية لاقت استحسانا كبيرا من قبل الجميع، حيث اختارت «أمانى» أفضل 9 رموز نسائية بقنا من صاحبات التأثير ليكن نواة اللجنة، بعد موافقة محافظ قنا على فكرة اللجنة من حيث المضمون، وفى انتظار اعتماد أعضاء الجنة بعد إجراء المراجعة الأمنية لهن من قبل مديرية أمن قنا. 
 
وتقوم اللجنة بجرد الخصومات الثأرية التى تحتاج لمصالحات بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، وستبدأ بحملات طرق أبواب للأطراف الخصومات الثأرية لتقريب وجهات النظر بمحاضر عرفية، لإنهاء الخصومات بين سيدات المشاكل الثأرية قبل الرجال، لتمهيد الطريق للصلح.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق