علوم مسرح الجريمة: إثبات النسب في الإسلام.. وضوابط إجراء البصمة الوراثية

الجمعة، 29 مارس 2019 09:00 ص
علوم مسرح الجريمة: إثبات النسب في الإسلام.. وضوابط إجراء البصمة الوراثية
إثبات النسب - أرشيفية
علاء رضوان

 

لا خلاف بين الفقهاء أن النسب الشرعي لا يثبت في حال تصادم النسب مع الواقع الحسي كما لو ادعت المرأة نسب طفل لزوجها الصغير الذي لا يولد لمثله وكذا لو أتت به قبل مضي ستة أشهر من الزواج.

فى تقرير سابق تناولت «صوت الأمة» خلال سلسلة علوم مسرح الجريمة أهمية البصمة الوراثية، والأجزاء التى تُستخرج منها فى الجسم، والكمية المطلوبة لمعرفة البصمة الوراثية، ومجالات الاستفادة من البصمة الوراثية، والذى جاء تحت عنوان (علوم مسرح الجريمة.. إثبات النسب في القانون المصري بالبصمة الوراثية «DNA»).

بينما فى التقرير التالى نرصد مسألة إثبات النسب فى الشريعة الإسلامية سواء كان بالفراش أو البينة أو القيافة، وضوابط إجراء تحليل البصمة الوراثية، والشروط الواجب توفرها لذلك – بحسب الخبير القانونى والمحامى المتخصص فى شئون الأسرة عبد الحميد رحيم.

ويثبت النسب في الشريعة الإسلامية بالطرق التالية:

- الفراش

وهو تعبير مهذب عن حالة اجتماع الرجل بالمرأة حيث تكون المرأة كالفراش لزوجها، ولما كان التحقق من حالة «الجماع» بين الزوجين شبه متعذر لكونها مبنية على الستر اكتفى الجمهور بمظنة الدخول، وذلك خلافاً للحنفية الذين اكتفوا بعقد النكاح واعتبروا المرأة فراشاً لزوجها يثبت به النسب، بينما ذهب بعض المتأخرين كابن تيمية وابن القيم إلى اشتراط الدخول المحقق وعدم الاكتفاء بمظنة الدخول. 

cdcewss

ولا شك – وفقا لـ«رحيم» - أن الأول أولى فعامة أحكام الشرعية مبنية على غلبة الظن وإثبات الدخول المحقق في كل حالة متعذر، وإثبات النسب عن طريق الفراش مجمع عليه بين الفقهاء لقوله – صلى الله عليه وسلم: «الولد للفراش».

- البينة 

وقد أجمع الفقهاء على أن النسب يثبت لمدعيه بناء على شهادة العدول بصحة ما ادعاه، ويكفي في ذلك الاستفاضة بمعنى الشهادة بالسماع بأن يشتهر الأمر بين الناس حتى يصير معروفاً بينهم، ويقول جمع كبير من الناس سمعنا أن فلانا ابن فلان.

- القيافة

وهي مصدر قاف بمعنى تتبع أثره ليعرفه، يقال: فلان يقوف الأثر ويقتافه والقائف هو الذي يتبع الآثار ويعرفها ويعرف شبه الرجل بأبيه وأخيه، والمراد بها هنا: الذي يعرف النسب بفراسته ونظره إلى أعضاء المولود، وقد ذهب الحنفية إلى أن القيافة لا يلحق بها النسب لأنها ضرب من الظن والتخمين بينما ذهب جمهور العلماء بالأخذ بها لدلالة السنة والآثار عليها.

mixmedia-04172056Sw4A4

ومنها حديث عائشة رضي الله عنها قالت : دخل علي رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ذات يوم مسروراً تَبْرُقُ أسارير وجهه ، فقال : «ألم تريْ أن مجزَّزاً المُدْلِجي نظر آنفاً إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد وعليهما قطيفة قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامها فقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض».

- وجه الدلالة

إن سرور النبي – صلى الله عليه وسلم - دال على إقراره بالقيافة وحاشاه عليه الصلاة والسلام أن يسمع باطلاً فيقره أو يسكت عنه.

- القرعة

وذلك عند التنازع على طفل ولا بينة لأحدهم فيجرى القرعة وهذه أضعف الطرق ولم يأخذ بها جمهور العلماء وهو مذهب الظاهرية وإسحاق ورواية عند الحنابلة، وكذا المالكية في أولاد الإماء، وهذه الطريقة غير معمول بها في هذا الزمان بفضل الله ثم التقدم العلمي في مجال تحليل الدم والبصمة الوراثية إذ شاعت واستقر العمل بها في محل التنازع في النسب – الكلام لـ «رحيم». 

ضوابط إجراء تحليل البصمة الوراثية

اشترط الفقهاء الباحثين والأطباء المختصين في البصمة الوراثية شروطاً عديدة حتى تقبل، والذين رأوا أنها تقاس على القيافة اشترطوا شروط القيافة مع بعض الزيادات، والشروط الواجب توفرها ما يلي:

201903270238233823

- أن لا يتم التحليل إلا بإذن من الجهة المختصة.

- يفضل أن تكون هذه المختبرات تابعة للدولة وإذا لم يتوفر ذلك يمكن الاستعانة بالمختبرات الخاصة الخاضعة لإشراف الدولة، ويشترط على كل حال أن تتوافر فيها الشروط والضوابط العلمية المعتبرة محلياً وعالمياً في هذا المجال.

- يشترط أن يكون القائمون على العمل في المختبرات المنوطة بإجراء تحاليل البصمة الوراثية ممن يوثق بهم علما وخلقا وألا يكون أي منهم ذا صلة قرابة أو صداقة أو عداوة أو منفعة بأحد المتداعيين أو حكم عليه بحكم مخل بالشرف أو الأمانة.

- أن يجري التحليل في مختبرين على الأقل معترف بهما، على أن تؤخذ الاحتياطات اللازمة لضمان عدم معرفة أحد المختبرات التي تقوم بإجراء الاختبار بنتيجة المختبر الآخر.

- توثيق كل خطوة من خطوات تحليل البصمة الوراثية بدءاً من نقل العينات إلى ظهور النتائج النهائية حرصاً على سلامة تلك العينات، وضماناً لصحة نتائجها، مع حفظ هذه الوثائق للرجوع إليها عند الحاجة.

- عمل البصمة الوراثية بعدد أكبر من الطرق وبعدد أكبر من الأحماض الأمينية لضمان صحة النتائج.

- أن يجري اختبار البصمة الوراثية مسلم عدل، لأن قوله شهادة، وشهادة غير المسلم لا تقبل على المسلم إلا الوصية في السفر ونحوه.

والخلاصة:

يُضيف «رحيم»: أن البصمة الوراثية تكون بينة مستقلة يجب العمل بمقتضاها إذا توفرت الشروط اللازمة، وأنها لا تقاس على القيافة فهي باب آخر، وأن عامة المعاصرين يرون صحة الاعتماد عليها في حالات التنازع وحالات الاشتباه وحالات الاختلاط سواء في الأطفال أو الجثث أو الحروب والكوارث.  

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة