المستشار محمد الشناوي: وضعنا دستور 2014 في ظروف سياسية مرتبكة.. وأؤيد التعديلات (حوار)

السبت، 06 أبريل 2019 06:00 م
المستشار محمد الشناوي: وضعنا دستور 2014 في ظروف سياسية مرتبكة.. وأؤيد التعديلات (حوار)
المستشار محمد الشناوى
محمد أسعد

- أخطأنا فى تحديد مدة الرئيس بـ4 سنوات.. وإلغاء مجلس الشورى

- الدستور إنتاج بشري وقابل للتعديل في أي وقت

- تحديد كوتة للمرأة ومقاعد لبعض الفئات تمييز إيجابي

الحديث معه حول دستور 2014، والتعديلات الدستورية المقترحة حاليًا، فى غاية الأهمية، ليس فقط لكونه أحد أعضاء لجنة الخبراء أو ما عُرفت بـ «لجنة العشرة»، ومندوبها بلجنة الخمسين، وعضو لجنة الصياغة النهائية لدستور2014، لكن أيضا بصفته نائبا لرئيس المحكمة الدستورية العليا السابق، وعمله فى مجال القضاء الجنائى والدستورى على مدار ما يقرب من نصف قرن من الزمان، جعله أحد أهم الخبراء فى ذلك المجال، ورأيه فى كل مادة من التعديلات الدستورية يأتى بعد دراسة دقيقة ودراية تقترب من الكمال بالضوابط القانونية والدستورية وتجارب دول العالم فى ذلك.

لدى المستشار محمد الشناوى، الكثير من كواليس إعداد دستور 2014، سواء فى فترة إعداد التصور المبدئى له، بصفته عضو لجنة الخبراء التى استمر عملها لمدة 30 يومًا عقب ثورة 30 يونيو، أو حينما تم اختياره ليكون مندوب اللجنة لدى لجنة الخمسين التى تولت عملية تعديل دستور 2012 بعدها، بالإضافة لكونه أحد أعضاء لجنة الصياغة التى وضعت التصور النهائى لدستور 2014، قبل دعوة الشعب للاستفتاء عليه.
 
WhatsApp Image 2019-03-31 at 8.03.16 PM
 
فى حواره مع «صوت الأمة»، يكشف المستشار الشناوى -الذى شغل منصب نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا لسنوات طويلة قبل أن يتقاعد منذ عامين- تفاصيل وكواليس إعداد دستور 2014، والظروف التى وُضعت فيه والتى وصفها بأنها كانت الأسوأ على الإطلاق، ويوضح لماذا أثبتت التجارب وجود بعض الأخطاء التى وقعت فيها لجنتا العشرة والخمسين، ويعترف بتأثرهم بالظروف التى أحُيطت بهم أثناء وضع ذلك الدستور، والتخوفات التى كانت بداخلهم أثناء وضع الدستور، وأخيرًا أبدى رأيه فى مجمل التعديلات المقترحة على الدستور، وأسباب تأييده لعودة «مجلس الشيوخ»، وتشكيل المجلس الأعلى للهيئات القضائية، وغير ذلك من مواد.. وإلى نص الحوار...

بعد مرور ما يقرب من 5 سنوات على دستور 2014، كيف تقيم منتجكم حاليًا؟
فى البداية أريد أن أوضح لك، أن دستور 2014، وضعناه فى ظروف بالغة السوء، وكان مطلوب منا أعضاء لجنة الخبراء، المكونة من 10 أشخاص، أن تضع التصور المبدئى له، وتضع التعديلات المقترحة على دستور 2012، خلال مدة 30 يومًا فقط، فكان مدة عملنا 30 يوما، وكنا نعمل صباحا ومساء، دون توقف أو انقطاع، وتعرضنا لمضايقات عديدة من بعض المتظاهرين الذين كانوا يطوفون حول مجلس الشعب –مقر عملنا- ويهتفون بسقوطنا، والبعض كان يطالب برءوسنا وهم أذناب جماعة الإخوان، فكان بالنسبة لهم وضع دستور جديد يمثل مشكلة كبرى، وتأكيد على نجاح ثورة 30 يونيو.
 
لك أن تتخيل حجم الضغوط التى تعرضنا لها، فمطلوب من أعضاء اللجنة العشرة أن يعيدوا النظر فى دستور كامل خلال مدة 30 يوما فقط، فى وضع صعب، وتظاهرات حولنا فى كل مكان، وتهديدات بالقتل، وأعمال إرهابية تشهدها البلاد، وتحملنا كل تلك الضغوط وعملنا على قلب رجل واحد، فخرج هذا المنتج، الذى هو بالتأكيد كأى عمل بشرى يعتريه الخطأ والنقصان، وبالتالى فوقتها هو كان أفضل ما يمكن إنتاجه فى ظل هذه الظروف.

< إذن هل تتقبل الانتقادات التى وُجهت للجنتى العشرة والخمسين بسبب بعض المواد التى حواها دستور 2014؟
بالتأكيد، ولهذا نص الدستور على طريقة تعديله كغيره من دساتير العالم، لكن على كل من ينتقد دستور 2014، أن يضع فى حسبانه الظروف التى كنا نعمل فيها، والتى كانت بالغة الحساسية، وكان هدفنا الأساسى هو سرعة إنجازه للبدء فى إعادة بناء الدولة، بعد ثورة 30 يونيو، ولهذا شعرنا وقتها أننا حققنا إنجازا طيبا، وفقا لتلك الظروف، لكن الآن فأعترف بأن بعض مواد الدستور تحتاج بالفعل لإعادة النظر، وبعض الأمور تحتاج لإعادة تقييم.

البعض يتساءل، لماذا نُعدل دستوراً مر ما يقرب من 5 سنوات فقط على تطبيقه، ما رأيك؟
لا خلاف على مسألة تعديل الدستور، الدستور بالتأكيد قابل للتعديل فى أى وقت، لأنه إنتاج بشرى، دستور 2014 وُضع فى فترة معينة وظروف معينة، وبعد انقضاء 5 سنوات على تطبيقه، قطعا الكثير من الظروف تغيرت والمجتمع نفسه تغيرت بعض أفكاره ومطالبه، ومن ثم فإن الدستور بحاجة إلى مواكبة هذه التغييرات.
 
نحن حاليًا فى ظروف أفضل كثيرًا من تلك التى وُضع فيها دستور 2014، وبحاجة إلى إعادة النظر فيه لمواكبة احتياجات المواطن المصرى، وإعادة تنظيم العلاقة بين السلطات الثلاث.
 
مسألة تعديل الدساتير، مطلوبة ومقبولة فى كل دول العالم، ومن أجل هذا نصت كل دساتير العالم على طريقة تعديلها، فليست هناك أية مشكلة فى تعديل الدستور، ونحن جميعًا متفقون على ضرورة وأهمية تعديل بعض مواده.

> من خلال عملك القضائى الذى استمر لسنوات طويلة، هل فعلًا الهيئات القضائية تحتاج لمجلس أعلى للتنسيق فيما بينها؟
عملت لسنوات طويلة على منصة القضاء، وكان لدى وما زالت، رغبة ملحة فى أن يتم تشكيل المجلس الأعلى للهيئات القضائية، وتفعيل دوره فى التنسيق بين الجهات والهيئات القضائية المختلفة.
 
لدى البعض تخوفات من أن يمس المجلس استقلال القضاء بحجة أن التعديلات المقترحة نصت على تولى رئيس الجمهورية رئاسته، ما تعليقك؟
لا شُبهة فى تولى رئيس الجمهورية رئاسة المجلس الأعلى للجهات والهيئات القضائية، فهو يترأس المجلس هنا باعتباره رئيس الدولة، فهو يرأس السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، لكن النص الذى طالبت بتعديله أثناء جلسات الحوار المجتمعى التى حضرتها بمجلس النواب، هو فى حالة غياب رئيس الجمهورية، فيجب ألا يتولى وزير العدل رئاسته، لأن وزير العدل صفته هنا وزيرا فى السلطة التنفيذية، ولا يجوز لعضو بالسلطة التنفيذية أن يترأس السلطة القضائية، أما رئيس الجمهورية فهو رئيس الدولة، وليس رئيس السلطة التنفيذية فقط.

هل تظن أن المجلس من الممكن أن يتدخل فى العمل القضائي؟
إطلاقًا، الدور الأساسى للمجلس كما جاء بالتعديلات المقترحة، هو دور إدارى، ينظر فى الأمور والشئون الإدارية المتعلقة بالتعيينات والندب، وغير ذلك، وليس له أية علاقة بالعمل القضائي.
 
من بين الأمور الحديثة على مصر هو إلغاء مجلس الشورى وفقًا لدستور 2014 الذى شاركت فى صياغته، هل ترى أن التجربة أثبتت بالفعل ضرورة عودته؟
فى الظروف التى تم وضعنا فيها دستور 2014، رأينا أنه من المناسب إلغاء مجلس الشورى والإبقاء على مجلس النواب وزيادة صلاحيات مجلس النواب، أما الآن وبعد الممارسة النيابة والحياة النيابية بغرفة واحدة فنحن شعرنا بالخطأ، لأننا بالفعل بحاجة إلى غرفتين تشريعيتين مجلس الشورى أو مجلس الشيوخ، يضم أصحاب الخبرة فى كل المجالات وأساتذة القانون والفقهاء الدستوريين، وسوف يكون عونًا ومساعدًا لمجلس النواب فى أداء أعماله من حيث التشريع والرقابة.

هناك جدل دستورى حول تخصيص كوتة للمرأة فى مجلس النواب، أو وضع تمييز لفئات أخرى كالشباب والعمال والفلاحين وذوى الاحتياجات الخاصة والمسيحيين والمصريين بالخارج؟
هذا تمييز إيجابى، والفقه الدستورى حول العالم أجمع على أهمية وجود التمييز الإيجابى لبعض الفئات فى المجتمع، خاصة تلك التى لا يمكن أن تحصل على المقاعد كغيرها من بعض الفئات، ولا شبهات دستورية فى ذلك، وأؤيد بشدة تخصيص ما لا يقل عن ربع عدد مقاعد البرلمان للمرأة، بل ومن حقها ما يزيد عن ذلك، المرأة نصف المجتمع، ودورها لا يمكن إنكاره، كما أنها أثبتت قدرتها على النجاح والإلهام فى كل القطاعات.

لماذا وضعتم مدة 4 سنوات لولاية رئيس الجمهورية ثم وجهتم لها الانتقاد بعد ذلك؟
نعم، نعترف أننا أخطأنا فى تحديد مدة الولاية لرئيس الجمهورية لأربع سنوات فقط، كنا متأثرين بما حدث قبل ثورة 30 يونيو، وكان لدينا تخوفات وهواجس من أن يأتى نظام أو جماعة كجماعة الإخوان أو رئيس كمحمد مرسى، وأعترف أننا لم نستطع أن ننحى هذه التخوفات والهواجس جانبا، لكن التجربة أثبتت أنها مدة غير كافة لرئيس الجمهورية، خاصة فى بلد تعيد بناء مؤسساتها.
 
معظم دول العالم تأخذ بنظام الخمس سنوات والست سنوات، النظام الأمريكى فقط من يأخذ بنظام الولايتين وكل ولاية مدتها 4 سنوات فقط، فرنسا على سبيل المثال تأخذ بنظام الخمس سنوات، وفى ألمانيا عدد الولايات مفتوح ولا يقتصر على ولايتين فقط، لذا فأنا أؤيد أن تكون مدة ولاية رئيس الجمهورية 6 سنوات، حتى يتمكن الرئيس من تنفيذ خططه وبرنامجه.
 
كريم عبد العزيز المستشار محمد الشناوي (4)

جاء التعديل المقترح على المادة 200 ليعيد صياغة دور القوات المسلحة، ما رأيك فى التعديل؟
المادة 200 نصت على أن القوات المسلحة ملك للشعب مهمتها حماية البلاد، والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، وصون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد..»
 
دور القوات المسلحة تاريخى فى حماية البلاد، وتعاظم هذا الدور مع محاربة الإرهاب، وحماية الدولة من الداخل، بعد كل العلميات الإرهابية التى تعرضت لها مصر، ولا يمكن لأحد أن ينكر دورها فى حماية مدنية الدولة ومكتسبات الشعب.

هل تؤيد عودة منصب نائب رئيس الجمهورية؟ بعد أن تم إلغاؤه فى دستور 2014؟
التجربة أيضًا أثبتت أننا فى حاجة للسماح لرئيس الجمهورية أن يعين له نائبًا أو أكثر، لمعاونته فى المهام الجسام التى يقوم بها، ويتولى مهامه فى بعض الأوقات.

هل هناك رسالة تود توجيهها لأحد؟
حديثى حاليًا أوجهه لكل أساتذة القانون وفقهاء الدستور والبرلمانيين، وأصحاب الخبرات فى هذا المجال، علينا جميعًا أن نشرح جوهر التعديلات الدستورية المقترحة، وأسبابها، لكل المصريين، نعرفهم حقوقهم وواجباتهم تجاه الدولة، ونستمع لآرائهم، وندعوهم للمشاركة فى الاستفتاء على تلك التعديلات، وقتها سيشعر بأهمية المشاركة فى بناء وازدهار مجتمعه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق