عادة ما يلجأ القضاة لرفضها..هل هناك أدلة شرعية لدعوى استضافة الصغير؟

الأربعاء، 24 أبريل 2019 01:05 م
عادة ما يلجأ القضاة لرفضها..هل هناك أدلة شرعية لدعوى استضافة الصغير؟
دعوى الإستضافة - أرشيفية
علاء رضوان

دعوى الاستضافة من الدعاوى المستحدثة أمام القضاء المصرى حيث يلجأ بعض القضاة هروبا من الحكم فيها برفض الدعوى تحت زعم عدم وجود نص ينظمها، والحقيقة التى لا مشاحة فيها أن الاسلام وهو دين أنزله الله عز وجل ليقود الحياة ويحكمها، ما ترك كبيرة ولا صغيرة إلا احاطها، كما أنه دين الإنسانية قال تعالى: «ولقد كرمنا بنى أدم».   

والحقيقة أيضاَ أن الإسلام يعتنى بالإنسان حتى يحيا متوازنا، ومن ثم جاءت تشريعاته لتواكب كل زمان ومكان وكل عصر، وكل إنسان اى كان هذا الإنسان، لذا من سمات التشريع الإسلامى المرونة مع ثبا ت الكليات، ومن سمات التشريع الإسلامى  كذلك أن الأصل فى الأشياء الإباحة إلا ما ورد بدليل من الكتاب والسنة على حظره، كما أن القاعدة التشريعية فى كتاب الله تعالى، قال تعالى: « قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ  فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ».   

103708-زوجان-يتشجران-وبينهما-طفل

 

وهذا هو أصل الإباحة، فمفهوم الحصر يدل على أن عدم وجود الدليل على التحريم يرد الأمر إلى الأصل وهو الإباحة، ويقول العلامة الشوكانى، ولقد ذهب الفقهاء وجماعة من الشافعية ومحمد بن عبد الحكم ومنسوب إلى الجمهور المتأخرين أن الأصل فيما لم يرد فيه دليل يخصه أو يخص نوعه فهو الإباحة.

ولما كان لا يوجد نص ينفى الإستضافة أو يمنعها وبالتالى فالأولى فهى مباحة وإن لم يوجد نص عليها خاصة أن البحث يدور بعقلية المجتهد الذى يفصل فى المسألة ويتصدى لها بكونه قاضياَ شرعياَ مجتهدا فيفصل فيها برأى يتفق ومقاصد الشريعة الغراء وتحقيق المصلحة بقيد لا ضرر ولا ضرار، ودرا المفاسد مقدم على جلب المصالح، وبقاعدة إذا ضاق الأمر اتسع، وبقول الرسول صلى الله عليه وسلم : «يسروا ولا تعسروا»، وبقول الرسول صلى الله عليه وسلم: « من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين».

4455345361481291526

فالاستضافة ليست محرمة، وليست مخالفة للنظام العام بل هى تتوافق مع النظام العام، لأن من ورائها مصلحة للفرد وللأسرة وللمجتمع كما أنها تدفع مضار ومفاسد المجتمع يعانى حاليا من ويلاتها خاصة بعد الطلاق بين الرجل والمراة ومن ثم نجزم بأنها واجبة، وفريضة من الفرائض يؤيدها الواقع وحاجة أفراد المجتمع.

والاستضافة تزيل الضرر عن الأب المحروم من رعاية ولده و توجيهه، وكذلك عن الولد الذى يحتاج إلى من يعينه على الرجولة بكل معانيها، ويزيل عن نفسه الحرمان بعدم وجود أب يحنو عليه، والقاعدة الشرعية فى كتاب الله: «لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده»، والقاعدة فى الحديث الشريف: «لا ضرر ولا ضرار»،  ومن الأدلة الشرعية : «الاستحسان» يؤيد ذلك أنه لا ينبغى على عاقل أن يعتقد أن هناك خطرا  من استضافة الأب لولده، فلذة كبده، وقرة عينه، لأن هذا هو الرأى الصالح والصحيح من الفهم والذى يستقيم مع الفطرة السليمة التى لا عوج فيها . 

glkhtshsrtstryhsyhsthth

 

ومن الادلة الشرعية الحديث الصحيح: «ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل هو من قطعت رحمه وصلها»، فصلة الأرحام واجبة، والإستضافة تعزز هذه الصلة، وتدخل الوئام والمحبة على قلب الطفل وقلب والديه، فلا يعرف العقوق، ولا قطع الرحم، ومن الأدلة الشرعية: «الاستصلا ح»، يقول الإمام الغزالى أن الإستصلاح هو استنباط الحكم الشرعى فى واقعة لا نص فيها ولا إجماع عن طريق مصلحة لا دليل عليها من الشارع على اعتبارها ولا إلغائها - من كتاب المستصفى - ولذا فالطفل مع آبيه مصلحة يقرها الشرع، والأولى الموافقة عليها.

 

فالفقه الاسلامى جل همه مصلحة الأمة، وهذا ما طلبه عمر بن الخطاب من أبى موسى الأشعرى حينما قال له: « واعمد إلى أقربها إلى الله واشبهها بالحق فإقض بها»، والقاضى الشرعى يعد مجتهداينظر الأدلة فيما لم يرد به نص فيستخرج الدليل ويقضى به بحيث لا يخالف كتاب ولا سنة ، وكذلك دليل الاستضافة لا يخالف كتاب ولا سنة، كما أن الأدلة الشرعية آمرت بكفالة اليتيم وحبذت ذلك، أفلا يكون من له أب حى يرزق مثل هذه العناية، بالإستضافة خاصة أن الإبن يحتاج إلى ابيه ليوجهه ويحنو عليه وليكون له سندا فى الحياة، وينشأ الطفل بها سويا من غير سوء.

images

ومن الأدلة الشرعية: «سد الذرائع»، فالإستضافة تمنع انحراف الطفل لأنه سيكون تحت عين والده، ويكون سليما نفسيا واجتماعيا والدليل من القانون أن المدار كله فى الأمر هو مصلحة الطفل الفضلى ومصلحته هى الأولى، وقد وقعت مصر على اتفا قية بهذا الشأن تقدم فيه مصلحة الطفل، وصدر عقب ذلك قانون الطفل ومن ثم فالإستضافة من مصلحة الطفل الفضلى واعمالا للاتفاقيات الدولية بشأن الطفولة التى وقعت عليها مصر .

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق