ثلث الغذاء يذهب لسلة المُهمَلات.. الإسراف يهدر طعام الملايين (صور)
الأربعاء، 08 مايو 2019 03:00 م
تُمثّل مشكلة الهدر أو الفاقد فى الغذاء و الطعام، أزمة عالمية، لا تقتصر آثارها السلبية على منطقة أو بلد مُعيّن، ولكن يشترك فى جُرمها الجميع، بما فى ذلك الدول الغنيّة اقتصادياً والمتقدمة إنتاجياً وعالمياً، وإذا كانت دول العالم الثالث، أو الدول الفقيرة أو النامية، فى أشد الحاجة إلى كل حبّة قمح وأرز، أو جرام من اللحوم أو بيض المائدة أو الطعام و الغذاء عموماً، فإنّ الدول المتقدمة، تعانى هى الأخرى، من ارتفاع نسبة الهدر أو الفاقد، أو الإسراف فى استهلاك الغذاء، الذى تذهب كميات كبيرة منه لسِلال المهملات.

موائد طعام
الفاقد والهدر والإسراف
وإذا كان الفاقد والهدر والإسراف، يمكن أن يكون له مبررات وحُجج وأعذار، فى أوربا وأمريكا واليابان و الأقطار الغنية المُترفة، فإنّ دول العالم الثالث الفقيرة، وخاصة العربية والإفريقية منها، لا مُبرر لإسرافها وهدرها للغذاء، لسببٍ جوهرى، وهو حاجتها الشديدة للغذاء والطعام، والذى تنفق مليارات الدولارت على إنتاجه محلياً، واستيراد الباقى لسد الفجوة الغذائية، ويتلخّص مفهوم ومصطلح"هدر الغذاء"، فى فقد كميات منه، سواء كانت مُستهلَكة أو غير مُستهلَكة، نتيجة سلوكيات خاطئة، من قِبل الأفراد في المجتمعات، بحيث يُصبح الغذاء فائضا في مناطق معينة، بينما هناك مناطق أخرى، تعاني من النقص والجوع الشديد، مع العِلم أنه من الممكن، أن تستفيد هذه المجتمعات المحرومة، من هذا الكم المُهدر من الغذاء، وللتأصيل فى قضيّة الإسراف والهدر والفاقد فى الغذاء، يمكن أن نطالع مجلدات من الأبحاث والدراسات، التى تحذر من هذه الآفات الثلاث، غير أننا سنلتقط فقط، ما يُلخّص هذا كُلّه، من خلال عبارات موجزة، ربما يكون أعلاها منزلة وقيمة ودواماً وزجراً، وصف القرآن الكريم للمُبذرين، فى سورة الإسراء، من خلال قوله تعالى(إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا "27")، علاوة على الكثير من الأحاديث، ناهيك عن الآثار السلبية والسوداء، التى يتركها الإسراف والتبذير، على الفرد والمجتمع واقعياً، تتمثّل فى وجود فائض عند أفراد ومجتمعات، بينما هناك أخرون يُعانون الفاقة والعوز والجوع.

الإسراف والتبذير على موائد الطعام
الأرقام تتحدّث عن الإسراف
فى عام 2014، ألقت منظمة الأغذية والزراعة العالمية، "الفاو"الضوء على هذه القضية، وحددت كميات الهدر والفاقد، بحوالى 3.1 مليار طن من الغذاء المنتج عالمياً، نتيجة لأسباب كثيرة ومتعددة، غير أنها قدّرت، هذه الكميات المُهدرة من الغذاء والطعام، بقدرتها على سد حاجة، حوالى مليار شخص من الجوع، لأنها كميات هائلة وضخمة، تصل لثُلث مجموع الغذاء، الذى يتم تبديده وفقده، قبل أن يصل للمستهلكين، في الوقت الذي يواجه فيه نحو مليار شخص على مستوى العالم أزمة كبيرة في توفير الغذاء ويعانون من الجوع.

الواجب الدينى والأخلاقى يفرض علين الاقتصاد فى الطعام
25 دولة تهدر الغذاء
فى مراكز البحوث الزراعية والاقتصادية، والكُليّات والجامعات، تزخر أرفف المكتبات بعشرات، بل مئات الدراسات والرسائل للماجستير والدكتوراه، التى ترصد الفاقد والهدر، والإسراف فى الطعام والغذاء، غير أن هناك دراسة عالمية، حددت بدقّة عدد الدول الأكثر إهداراً للغذاء، كما أشارت إلى كميات الطعام والغذاء المُهدر، والفاقد فى 25 دولة، تمثل حوالى ثلثي سكان العالم، بنسبة 87% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وجاءت مصر في المركز السادس عشر، حيث يُهدر المواطن المصري حوالى 73 كيلو جراماً من الأغذية عالمياً، وجاءت أثيوبيا كأقل الدول هدراً للغذاء، وتلتها كل من نيجيريا وجنوب إفريقيا ثم الهند، وفى تعليقه على هذه القضيّة، قال الدكتور سمير عبد المنعم، الأستاذ بجامعة الأزهر، إنّ ديننا الحنيف كان سبّاقاً إلى التحذير من الإسراف والتبذير، ولنا فى القرآن الكريم الأسوة الحسنة، وخاصة أننا فى هذا الشهر الكريم، شهر القرآن، وعلينا أن نقتصد فى المأكل والمشرب، ويكفينا حديث الرسول صلى الله عليه وسلّم، فى هذا الشأن (قَالَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ : مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ).