قضاة الأمة.. النعمان بن محمد: أول من تقلد منصب قاضي القضاة فى مصر زمن الفاطميين

السبت، 11 مايو 2019 03:00 م
قضاة الأمة.. النعمان بن محمد: أول من تقلد منصب قاضي القضاة فى مصر زمن الفاطميين
أرشيفية
علاء رضوان

قاضي القُضاة هو منصب ديني ودنيوي إسلامي ابتُكر خلال العصر العباسي أيام خلافة هارون الرشيد بعد أن ظهرت الحاجة الملحة إلى فصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية بعد أن ازدهرت الدولة الإسلامية وتنوعت مرافقها وتوسعت وصارت الحاجة مُلحة أن يتولى كل شخص في الدولة منصبًا إداريًّا مستقلًّا عن غيره من المناصب، كي يقوم بواجبه على أكمل وجه.

ومسألة نشأة قاضى القضاة فى مصر كان زمن الدولة الفاطيمة وتحديداَ المذهب الإسماعيلى سنة 362هـ بالموافقة سنة 973م بهذا المسمى حيث أصبح هناك قاضي قضاة فى الخلافة العباسية وآخر في القاهرة، وظهر الانقسام في الخلافة الإسلامية بوجود خليفتين: عباسي في بغداد وفاطمي في القاهرة، ولكل منهما قاضي قضاة أحدهما على المذهب الحنفي والثاني على المذهب الإسماعيلي.   

50207-medium_2019-05-09-187be14539

النعمان بن محمد قاضي قضاة الخليفة الفاطمي المعز لدين الله يُعتبر هو المؤسس الحقيقي للنظام القضائي الفاطمي،  وقد تقلَّد الكثيرون منصب قاضي قضاة مصر، على المذهب الشيعي الإسماعيلي، مثل علي بن النعمان، وأخوه محمد زمن الخليفة العزيز بالله، والحسين بن علي النعمان وابن عمه عبد العزيز بن محمد النعمان زمن الحاكم بأمر الله،  وبذلك يكون النعمان وولداه علي ومحمد وحفيداه الحسين والعزيز، قد تقلَّدوا جميعًا منصب قاضي قضاة الدولة الفاطميَّة، كما ساهموا في العمل للمذهب الإسماعيلي.  

وفي تلك الأثناء استمر الصراع بين الخلافة الفاطمية في مصر من جهة، والخلافة العباسية في بغداد والخلافة الأمويّة في الأندلس من جهة ثانية، واتخذ طابعًا مذهبيًّا، واستمر الصراع المذهبي بين الخلافتين العباسية والفاطمية حتى استطاع صلاح الدين الأيوبي في النهاية إنهاء حكم الفاطميين في القاهرة سنة 567هـ الموافقة لسنة 1171م، والقضاء على المذهب الإسماعيلي في مصر بكل رموزه، بما فيها قاضي القضاة الإسماعيلي.

المذهب الشافعي زمن الدولة الأيوبية خَلَف صلاح الدين الأيوبي عمّه أسد الدين شيركوه في وزارة مصر سنة 565هـ الموافقة لسنة 1169م، وبعد وفاة الخليفة الفاطمي العاضد لدين الله، أصبح صلاح الدين الحاكم الوحيد بمصر، وبذلك انتهت الخلافة الشيعية الفاطمية، وعادت مصر وباقي شمال أفريقيا وبلاد الشام إلى كنف الدولة العباسية، وصار اسم الخليفة العباسي يُذكر في مساجد القاهرة.  

293933-thumb-650x330

ومع الدولة الأيوبية، أصبح قاضي القضاة الذي يلي مصر، على المذهب الشافعي، يُعاونه نائب قاضي قضاة على المذهب الحنبلي، ويُعتبر المذهب الشافعي مذهب أهل الحديث والرأي والقياس، وقد دوّن الإمام محمد بن إدريس الشافعي مذهبه في كتابه «الأم»، وقد زار الشافعي مصر حيث ساد مذهبه، ولم يكن له أتباع كثيرون في العراق رغم أن قاضي قضاة بغداد أبو السائب عتبة بن عبيد الله الهمذاني، تفقه على مذهب الشافعي،  ومن أبرز من تقلَّد منصب قاضي قضاة مصر على المذهب الشافعي: علي بن يوسف وأبو المعالي عبد الرحمن بن مقبل الواسطي الشافعي.

 

المذاهب الأربعة عند أهل السنة زمن السلطنة المملوكية، رسم من سنة 1334م، أي خلال الدور المملوكي في الدولة العبَّاسيَّة، يُظهر رجلًا في حضرة قاضي مَعَرَّة النّعْمَان عِبارة «ولا غالب إلّا الله» منقوشة في قصر الحمراء بالأندلس، وهي شعار القضاة وقاضي الجماعة بقيام السلطنة المملوكية استمر المذهب الشافعي كمذهب لقاضي القضاة، ثم كان أهم تطور حدث في النظام القضائي على يد السلطان الظاهر بيبرس سنة 663هـ الموافقة لسنة 1265م، الذي قام بتحريم أي مذهب، عدا المذاهب الأربعة عند أهل السنَّة والجماعة «الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، والحنبليَّة».  

185020-fsfd

ذلك أنه عندما تقلَّد ابن بنت الأعز الشافعي منصب قاضي قضاة مصر سنة 1261م، اضطربت الأحوال بسبب اختلاف المذاهب مما اضطر قاضي القضاة للتوقف كثيرًا في أمور تخالف مذهب الشافعي، وتوافق غيره من المذاهب، فأشار الأمير جمال الدين أيد غدي العزيزي على السلطان الظاهر بيبرس بأن يولي من كل مذهب قاضيًا مستقلًّا يحكم بمقتضى مذهبه، فأجابه إلى ذلك عندما تم اجتماع في دار العدل يوم الإثنين 22 ذي الحجة سنة 663هـ، حيث اقتضى رأي السلطان تعيين قاضي قضاة لكل مذهب من المذاهب الأربعة،مع بقاء الرئاسة للشافعية، وأصبحت لا تُقبل شهادة أحد، ولا يُرشَح لوظائف القضاء أو الخِطابة أو الإمارة أو التدريس، إلّا إذا كان من أتباع أحد هذه المذاهب.  

 

وسنة 664هـ الموافقة لسنة 1266م، حذت دمشق حذو القاهرة وأصبح لكل مذهب قاضي قضاة، ثم أصبح في كل نيابة من نيابات الشام، أربعة قضاة يمثلون المذاهب الأربعة، واضطر المماليك للتهديد باستعمال القوة العسكرية للقضاء على المذاهب الأخرى، وخاصةً رواسب المذهب الإسماعيلي الفاطمي.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق