لماذا تحمى الدولة صناعة الحديد؟.. توفر 30 ألف وظيفة وتساهم بـ 20.8% من الإنتاج الصناعي

الخميس، 23 مايو 2019 06:00 م
لماذا تحمى الدولة صناعة الحديد؟.. توفر 30 ألف وظيفة وتساهم بـ 20.8% من الإنتاج الصناعي
صناعة الحديد والصلب - أرشيفية

 
ربما يسأل البعض، لماذا الأهتمام حالياً بصناعة الحديد والصلب فى مصر، وفى نفس الوقت كشف خبايا وتفاصيل مافيا الدرفلة؟.. الأجابة ببساطة شديدة، لان هذi الصناعة هى أحد المكونات الرئيسية للصناعات الوطنية، وتوفر أكثر من 30 ألف وظيفة مباشرة، بخلاف آلاف فرص العمل غير المباشرة، بالأضافة إلى أسباب أخرى دفعت الحكومة إلى التدخل لحماية قطاع صناعة الحديد والصلب، منها الحفاظ على استثمارات ضخمة بمليارات الجنيهات، والأهم هو الحفاظ على هذا القطاع فى مواجهة الاستيراد، وهو ما سيوفر ما يقدر بمليار دولار.
 
المؤكد أن صناعة الحديد والصلب فى مصر، تساهم بصورة كبيرة فى نمو قطاعات أخرى، فمصانع الصلب المتكاملة وشبه المتكاملة فى مصر توفر 80% من الطاقات الإنتاجية لحديد التسليح، وتأتى من 16 مصنعًا، فالتكلفة الاستثمارية لمصنع صلب واحد بطاقة مليون طن سنويًا تقترب من 800 مليون دولار، لذلك اتجهت الحكومة ممثلة فى وزارة التجارة والصناعة، لحماية صناعة الصلب الوطنية، واتخذت قرارًا منتصف أبريل 2019 بفرض رسوم قدرها 15% على البيليت المستورد، و25% على حديد التسليح تام الصنع، بعد أن كشفت بيانات جهاز مكافحة الدعم والإغراق "قطاع المعالجات التجارية" زيادة مطردة فى الواردات التى أدت لحدوث ضرر كبير لقطاع صناعة الصلب فى مصر.
 
وبحسب الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن نشاط صناعة الحديد والصلب والمعادن الثمينة وسبك المعادن يساهم بالنسبة الأكبر في قيمة الإنتاج الصناعي خلال الربع الثالث «يوليو - سبتمبر» 2018، حيث بلغت 20.8%، ويليه نشاط صناعة المنتجات الغذائية بنسبة 16.1%، ثم نشاط صناعة المواد الكيميائية الأساسية والأسمدة والألياف والخيوط الصناعية بنسبة 15.5% من قيمة الإنتاج الصناعي «دون استخراج البترول الخام وتكريره».
 
وقال جهاز الإحصاء، إن إجمالي قيمة الإنتاج الصناعي للقطاع العام الأعمال العام والقطاع الخاص خلال الربع من 2018، بلغ 185.3 مليار جنيه، مقابل 145.3 مليار جنيه خلال المماثل من العام الماضي، بنسبة زيادة 27.6٪.
 
ومع الهجوم العنيف من المستوردين ومصانع الدرفلة على القرار، يحاول الجميع تصدير صورة بأن القرار بدعة بل وسابقة أولى، لكن الحقيقة أن هذا القرار متسق تمامًا مع منظمة التجارة العالمية، ودول عدة اتخذت إجراءات أشد بكثير من الإجراءات المصرية، حيث قامت الولايات المتحدة بإصدار قرار شبيه فى مارس 2018 بفرض 25% رسومًا إضافية على وارداتها من الحديد، تبعتها فيه دول الاتحاد الأوروبى سعيًا إلى حماية صناعتها المحلية من تدفقات الحديد الصينى والأوكرانى والتركى الضخمة، خاصة مع تزايد مخزون تلك الدول ودخول قطاع الصلب فيها حالة من الركود، دفعها إلى تصريف رواكدها بأسعار غير عادلة، بل ووصل الأمر فى بعض الحالات إلى تقديم حكوماتها دعمًا ماليًا مباشرًا للمصنعين والمصدرين، إلى جانب تسهيلات واسعة فى كُلفة النقل ورسوم الشحن والتفريغ وغيرها من الأمور اللوجستية.
 
وكشفت أرقام صادرة عن الاتحاد العالمى للصلب، نمو الإنتاج العالمى من الصلب، حيث تنتج الصين قرابة 800 مليون طن سنويًا، تصدر منها قرابة 400 مليون طن، وتنتج اليابان قرابة 200 مليون طن تصدر منها حوالى 70 مليونًا، وأوكرانيا قرابة 60 مليونًا تصدر منها 30 مليونًا، وتركيا 36 مليونًا تصدر منها قرابة 20 مليون طن، ومع اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا لحماية صناعتها المحلية، وفرض رسوم حمائية بنسب كبيرة مما أغلق السوق العالمى أمام نصف حجم التجارة العالمية فى منتجات الصلب والمقدرة بحوالى 500 مليون طن سنويًا، واجه المنتجون العالميون للصلب وعلى رأسهم الصين، أزمة كبيرة لتصريف مخزونهم المصدر، وهو ما جعل المنتجون يخفضون الأسعار بشكل لافت لتصريف هذا المخزون، لأن إعادته للدولة المنتجة مرة أخرى سيكون بخسائر مضاعفة، لذلك قام مستوردون من مصر بإبرام عشرات الصفقات على شحنات وسفن فى عرض البحر، ليحصل عليها بأقل من نصف قيمتها السوقية، ويغرق السوق المحلية بمئات الآلاف من الأطنان بأسعار غير عادلة بالمرة، وضارة بالصناعة الوطنية بشكل فادح، وهو ما دفع الحكومة لإنقاذ الصناعة بعد شكوى من المصنعين.
 
وتعد مصر من أكبر 10 دول مستوردة للبيليت فى العالم، طبقًا لمصادر المعلومات العالمية، وبما أن مصر تفرض رسوم إغراق على واردات حديد التسليح من الدول الرئيسية المصدرة مثل تركيا وأوكرانيا والصين، فقد اتجهت تلك الدول إلى تصدير البيليت وهو منتج شبه نهائى يمثل 85% من عمليات إنتاج حديد التسليح، وذلك لأن البيليت يدخل السوق المصرى بدون رسوم جمركية، ليس هذا فقط بل قامت الدول ببيع البيليت بأسعار مغرقة ما نتج عنه زيادة واردات البيليت العام الماضى 2018 بحوالى 75% لتصل إلى 1.6 مليون طن، وهو الوضع الذى استفادت منه مصانع الدرفلة بزيادة أرباحها إلى أكثر من 1000 جنيه للطن، مع تمدد تواجدها فى الأسواق على حساب حصة المصانع المتكاملة، والتى حققت خسائر هائلة.
 
ومصر من أقل الدول فرضًا للرسوم الجمركية على واردات الصلب فى العالم، فطبقًا للإحصاءات المتاحة من منظمة التجارة العالمية، فإن متوسط الرسوم الجمركية على البيليت فى أهم الدول المنتجة 20.6% وحديد التسليح 44.3% بينما فى مصر صفر% على البيليت و17.4% رسوم إغراق على واردات حديد التسليح من 3 دول وهى الصين وتركيا وأوكرانيا، وصفر% على باقى دول العالم، وكذلك الحال بالنسبة لمسطحات الصلب المدرفلة على الساخن، حيث الرسوم الجمركية فى مصر 5% بينما المتوسط العالمى 38.1%، وذلك فى الوقت الذى تقترب فيه الحصة السوقية للواردات من 40%، علمًا بأنه لا يوجد دولة فى العالم طاقتها الإنتاجية أكثر من مرتين ونصف من حجم السوق المحلى، وتستحوذ الواردات فيها على مثل هذه الحصة الضخمة.
 
وكشفت بيانات تحقيقات إغراق السوق بالحديد، حدوث زيادة فى واردات الحديد لتسجل ارتفاعًا بنسبة 31% خلال النصف الثاني من 2018 لتسجل 908733 طن مقارنة بالنصف الأول من 2017  والتى سجلت 696176، وزيادة حجم الواردات بالنسبة للإنتاج المحلي خلال النصف الثانى من عام 2018 مقارنة بالنصف الأول من عام 2017 بنسبة 17%.
 
وأكدت البيانات، أن هناك زيادة فى الواردات ألحقت ضررًا جسيمًا لبعض مؤشرات الصناعة المحلية، حيث بلغت نسبة الواردات إلى الإنتاج 117% خلال النصف الثانى من 2018 مقابل 113% خلال النصف الأول من نفس العام.
 
وفى ما يتعلق بالمبيعات المحلية كشفت البيانات انخفاض المبيعات خلال النصف الثاني من 2018 بنسبة 2% مقارنة بالنصف الأول من 2017؛ وكذلك انخفضت الحصة السوقية للمبيعات المحلية بنسبة 10% خلال النصف الثاني من 2018 مقارنة بالنصف الأول من 2017 في الوقت الذي زادت فيه الحصة السوقية للواردات بنسبة 18% خلال النصف الثانى من 2018 مقارنة بالنصف الأول من 2017.
 
وبحسب البيانات المنشورة فى الجريدة الرسمية فإن مؤشر حجم الإنتاج سجل خلال النصف الثاني من 2018، 116% مقارنة بـ123% خلال النصف الثانى من 2017 فى حين سجل مؤشر النصف الأول من 2018، 116% مقابل 100% خلال النصف الأول من 2017.
 
وفى ما يتعلق بالطاقة المستغلة زاد حجم الإنتاج والطاقة الإنتاجية خلال النصف الثانى من 2018 بنسبة 16% مقارنة بالنصف الأول من 2017 فى الوقت الذى انخفضت فيه المبيعات وبالتالى تراكم المخزون.
 
وأكدت البيانات زيادة حجم العمالة خلال النصف الثانى من 2018 مقارنة بالنصف الأول من 2017 بنسبة 14% وانخفضت إنتاجية العامل خلال النصف الثانى من 2018 بنسبة 6% مقارنة بالنصف الأول من 2017.
 
وحققت الصناعة المحلية خسائر كبيرة خلال النصف الثانى من 2018 بنسبة 119% مقارنة بالنصف الأول من 2017  بعد أن حققت أرباح خلال النصف الثاني من 2017 والنصف الأول من 2018.
 
وزاد المخزون بكمية كبيرة سجلت 402% خلال النصف الثانى من 2018 مقارنة بالنصف الأول من 2017، وكشفت البيانات زيادة الواردات بصورة مطلقة بالنسبة للإنتاج المحلي خلال النصف الثاني من 2018 مقارنة بالنصف الأول من 2017 هذه الزايدة الكبيرة أدت إلى انخفاض المبيعات والحصة السوقية للصناعة المحلية في الوقت الذي زادت فيه الحصة السوقية للواردات وتراكم المخزون وتحولت أرباح الصناعة إلى خسائر فى النصف الثانى من 2018.
 
وتوصلت سلطات التحقيق إلى أنه لا يوجد أسباب أخرى للضرر الجسيم الواقع على الصناعة المحلية، بخلاف الزيادة فى الواردات، ولهذه الأسباب فإن هناك علاقة سببية مباشرة بين الزيادة فى حجم الواردات والضرر الجسيم الواقع على الصناعة المحلية.
وتوصلت سلطات التحقيق بوزارة التجارة إلى أنه لابد اتخاذ تدابير وقائية مؤقتة نظرًا لأن هناك ضررًا جسيمًا واقعًا على الصناعة المحلية يصعب إصلاحه، لذا تقرر فرض تدابير وقائية مؤقتة على واردات من العيدان والقضبان من حديد أو صلب غير الخلائط مشكلة بالاسطوانات مدرفلة بالحرارة في شكل لفائف أو قضبان (حديد التسليح لأغراض البناء) والتي تندرج تحت بندي (7214-7213) من التعريفة الجمركية المنسقة لرسم تدابير وقائية قدرة 25% من القيمة cif.
 
وتنقسم شركات إنتاج الحديد فى مصر إلى 3 فئات، الأولى (مصانع الدورة المتكاملة) يبدأ إنتاجها من الخامات الاستخراجية وحتى المنتج النهائى، والثانية (نصف متكاملة) وتعتمد على صهر الخردة أو الحديد الأسفنجى، وأخيرًٍا (مصانع الدرفلة)، والتى تشترى عروق الصلب (البيليت) من مصدر محلى أو مستورد ودرفلتها إلى حديد التسليح.
 
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق